أفيغدور ليبرمان

تتواصل تفاعلات الخطاب الذي ألقاه وزير خارجية إسرائيل، أفيغدور ليبرمان، أمام الأمم المتحدة والذي أعلن خلاله أنه لا يرى احتمالات لتحقيق سلام مع الفلسطينيين خلال عام داعياً إلى اعتماد حل مرحلي وإتفاقيات مرحلية طويلة المدى.

أثار خطاب وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في الأمم المتحدة حفيظة ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن تحفظ الحكومة على خطاب وزير الخارجية وأكد أن رئيس الحكومة هو الذي يقود المفاوضات وهو الذي يحدد الموقف الرسمي الإسرائيلي، ثم توالت ردود الفعل المعارضة للخطاب وخصوصا لكونه يعارض الخط الرسمي المعلن من نتنياهو، وهو بالتالي يسبب حرجا لحكومة إسرائيل ويضرب مصداقيتها، كما أنه يتناقض والأسس الأولية والأعراف التقليدية المعمول بها في إسرائيل والتي ترى أن على وزير الخارجية أن يكون ناطقا بموقف الحكومة نفسه لا أن يدلي بمواقف مناقضة لها وتمثل مواقف حزبه وليس مواقف الائتلاف الحكومي.

وفي هذا السياق دعا وزير شؤون الأقليات، البروفسور، أفيشاي برافرمان، نتنياهو إلى إقالة ليبرمان من منصب وزير الخارجية وتكليفه بحقيبة وزارية أخرى إذا كان غير قادر على التعبير عن الموقف الحكومي الرسمي، خصوصا في محافل دولية وفي صفته الرسمية.

وأوضح برافرمان، في لقاء مع الإذاعة الإسرائيلية صباح اليوم أن خطاب ليبرمان يسبب ضررا فادحا لإسرائيل، فهو يشكك علنا بصدقية الحكومة الإسرائيلية وإعلانها عزمها المضي نحو التوصل إلى حل مع الفلسطينيين.

وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك ردا على خطاب ليبرمان أن ليبرمان يعمل بشكل مخالف للمصالح الإسرائيلية وقال في بيان وزعه على وسائل الإعلام: إنه من الضروري أن تتواصل المحادثات مع الفلسطينيين، وعدم توفير الفرصة لخصوم إسرائيل.

إلى ذلك نقلت الصحف الإسرائيلية أن خطاب ليبرمان لم يثر حفيظة وزراء العمل فحسب بل إن وزيرا رفيع المستوى من الليكود اعترف هو الآخر أن ليبرمان يسبب ضررا بالغا لإسرائيل، وأشار إلى أن المشكلة تكمن في أن نتنياهو أصبح رهينة عند ليبرمان فمن دونه لا توجد حكومة.

من صاحب البيت؟

وكان من الطبيعي أن يستأثر خطاب ليبرمان المناقض للموقف الإسرائيلي الرسمي، بالعناوين الرئيسة للصحف الإسرائيلية، فقد تساءلت صحيفة معاريف في عنوانها الرئيس من هو صاحب البيت في الحكومة، وكتب المحلل السياسي للصحيفة بن كاسبيت إنه في دولة سوية وحكومة سوية كان يفترض برئيس الحكومة أن يفصل منذ الليلة الماضية وزير الخارجية المرتد، ولكن وفي بلادنا لا يوجد خطر لأن يحدث مثل هذا الأمر.

ومضى بن كاسبيت يقول quot;إن ليبرمان لم يُطلع من يفترض فيه أن يقود الدولة، على تفاصيل خطابه وخطته السياسية قبل أن يعلنها أمام العالم، وقام بذلك في أقل الأوقات المناسبة لرئيس الحكومة، حيث يبذل نتنياهو جهودا جبارة لإقناع العالم والأميركيين بصدق نواياه بالتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين وبالتالي لا حاجة للتشدد والعناد الفلسطيني بشأن تمديد تجميد الاستيطان وإضاعة الفرصة للتوصل إلى حل تاريخيquot;.

في المقابل ألمح بن كاسبيت إلى أن نتنياهو كان أبدى فعلا اهتماما بخطة ليبرمان وفرص تطبيقها، وقد يكون مناصرا لها لكن المشكلة تكمن في أنه لا يعترف بذلك على الملأ. ووفقا لبن كاسبيت فإن خطة ليبرمان معقولة لكن المشكلة أن هذه الخطة غير مقبولة سوى في حزب ليبرمان نفسه يسرائيل بيتينو.

وخلص بن كاسبيت إلى القول إن بمقدور ليبرمان أن يعلن خطته وأن يتحدث عنها عندما يكون في اجتماعات لحزبه ولكن عندما يتحدث في الأمم المتحدة فيفترض فيه أن يعكس موقف الحكومة، لكن ما قام به ليبرمان هو نزع وتمزيق القناع عن وجه نتنياهو، وضرب للعالم كله مثلا كيف تدار إسرائيل ليطرح التساؤل الأساسي حول من يدير دولة بهذا الشكل وأين هو صاحب البيت.

حكومة واحدة بصوتين

وعلى غرار صحيفة معاريف فإن صحيفة يديعوت أحرونوت قالت إن خطاب ليبرمان يعرض أمام العالم وجود حكومة واحدة لكنها تتحدث بلسانين. وأسهبت يديعوت أحرونوت تقول إن ليبرمان أكد في مقابلة خاصة معها، أن أقواله لا تنطوي على جديد، فمواقفه معروفة منذ زمن ولا جديد فيها.

واعتبر ليبرمان في مقابلة هاتفية أجرتها معه الصحيفة أن التوقيت الذي اختاره والمكان الذي اختاره لإعلان موقفه وخطته موفقان، ذلك أن يجب على إسرائيل بحسب ليبرمان: quot;التوقف عن تبرير الذات والبحث عن مواضع أخطائنا، فالطرف الآخر لا يريد السلام ويماطل في ذلك إن موقفي يحظى بتأييد كبير في أوساط الشعب وفي الحكومة. الحقيقة ليست وردية ولكن يجب قولها فالطريق الصحيحة للتوصل إلى السلام هي من خلال حل مرحلي طويل الأمد وليس إشعال الحرب، وفقط بعد ذلك يمكن الانتقال للتوصل إلى اتفاقية سلام دائم.

رسالة التزام من أوباما إلى نتنياهو

وبموازاة ذلك كشفت معاريف النقاب اليوم عن أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وجه رسالة التزامات أميركية بعيدة الأثر لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو . وقالت الصحيفة إنه مقابل موافقة نتنياهو على تمديد تجميد الاستيطان لمرة واحدة لمدة ستين يوما فإن الرئيس الأميركي يقطع على نفسه التزامات بعيدة المدى في مجال ضمان أمن إسرائيل. وهو التزام وصفته الصحيفة بأنه نادر وقل مثيله وجاء ليكلل عملاً قام به وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود باراك، ومستشار نتنياهو المحامي يتسحاق مولخو دام أسبوعا كاملا.

وبحسب الرسالة الرئاسية من أوباما لنتنياهو، يتعهد الأميركيون تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة وذكية تمهيدا لاتفاق السلام مع الفلسطينيين، فيما تتعهد الولايات المتحدة طوال العام الجاري والقادم إحباط كل محاولة عربية لطرح القضية الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي، كما أنه لن يكون بمقدور الفلسطينيين أن يطرحوا مستقبلا مرة أخرى، مسألة المستوطنات بمعزل عن المحادثات المباشرة وممارسة ضغوط على إسرائيل كما يفعلون الآن. وسيتم حسم مستقبل المستوطنات بأكملها فقط في إطار الحل الدائم وليس قبل ذلك. وقالت الصحيفة إن الرسالة تتضمن أيضا جملة من العبارات المهمة التي تتطرق إلى أمن إسرائيل والتزام الولايات المتحدة بضمانه.

وقالت الصحيفة إن نتنياهو ورغم فحوى هذه الرسالة رفض الطلب الأميركي وأعلن لأوباما أنه لا يستطيع أن ينكث بتعهده للجمهور الإسرائيلي إذ سبق له وأن التزم بعدم تمديد تجميد البناء في المستوطنات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على هذه التحركات إن إصرار نتنياهو على موقفه قد يقود إلى أزمة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة، وقد يضر كثيرا بالعلاقة الشخصية بين نتنياهو وأوباما. وقالت هذه المصادر للصحيفة إن نتنياهو الذي تمكن أخيرا من أن يزرع عند أوباما ثقة بأنه يريد فعلا تحقيق السلام يرفض الآن أن يفعل شيئا واحدا للتوصل إليه.