أضحت شبكة الانترنت في تونس واجهة لصراع محتدم بين مناصري الرئيس زين العابدين بن علي الذين يطلقون حملات تناشده الترشح لولاية سادسة في 2014، ومعارضيه الذين تعهدوا التصدّي لسيناريو التمديد الذي يرونه متعارضا مع روح النظام الجمهوريّ .

مجموعة على شبكة quot;فايسبوكquot; الاجتماعيّة تناشد الرئيس بن علي البقاء في السلطة في 2014

إسماعيل دبارة من تونس: يشهد الفضاء الافتراضيّ في تونس منذ أسابيع صراعات محتدمة واستقطابا حادا بين مناصري الرئيس زين العابدين بن علي ومعارضيه.

وأثارت المناشدات التي يطلقها مناصرو الحزب الحاكم في تونس لبن علي ليترشح لدورة رئاسية سادسة في 2014، حفيظة المعارضة وقطاع واسع من الشباب ممن وجدوا في الشبكة محملا جيدا لإبداء الرأي وخوض حملات تتصدّى لسيناريو التمديد للرئيس الحالي.

وكان بلاغ صادر عن quot;اللجنة المركزية لحزب التجمّع الدستوريquot; الحاكم في تونس في السابع عشر من تموز - يوليو الماضي قد أعطى إشارة الانطلاق لحملات المناشدة التي تتوجه للرئيس بن علي وتطالبه بإعلان ترشحه لولاية سادسة في 2014 لـquot;مواصلة المسيرة والنجاحاتquot;.

وكان بلاغ الحزب إشارة الانطلاق لقواعد الحزب الحاكم والمنظمات التي تدور في فلكه لتبدأ حملة مناشدات عبر الصحف المحليّة ووسائل الإعلام الرسميّة.

وتتسابق عدّة منظمات وجمعيّات لمناشدة الرئيس بن علي الترشّح لولاية رئاسية جديدة، لمواصلة ما أسمته مسيرة الإصلاح والديمقراطية، كما ناشدت عشرات الشخصيّات في مجالات السياسة والرياضة والفنّ والإعلام والأعمال الرئيس زين العابدين بن علي الترشّح لولاية رئاسيّة سادسة في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة التي ستجري في 2014.

وكانت تنظيمات سياسية تونسيّة وأحزاب معارضة قد أدانت ما أسمته quot;عودة طقوس المناشدةquot; واعتبرتها quot;غير عفويّة ومنظّمةquot; من قبل السلطة وتمهّد لإدخال تعديلات دستورية جديدة تتيح لبن علي البقاء في الحكم لولاية سادسة تنتهي عام 2019.

وحذرت أحزاب وجمعيات من أن quot;التلاعب مجدّدًا بدستور البلاد، للتمديد للرئيس الحالي، يعني عودة الرئاسة مدى الحياة، التي تتناقض وقيم الجمهوريةquot;، ودعت التونسيين إلى quot;التعبئة والتوحد ضد أي تعديلات دستورية من هذا النوعquot;.

لا يجيز دستور تونس في صيغته الحالية للرئيس بن علي الترشح للانتخابات الرئاسية في 2014 لأنه سيكون بلغ آنذاك 76 عاماً وتجاوز السن القانونية للترشح المحددة بـ75 عاماً، لكن التكهنات تشير إلى تعديل دستوريّ مرتقب يلغي السنّ القصوى للترشّح لهذا المنصب

ولا يجيز دستور البلاد في صيغته الحالية للرئيس بن علي الترشح للانتخابات الرئاسية في 2014 لأنه سيكون بلغ آنذاك 76 عاماً وتجاوز السن القانونية للترشح المحددة بـ75 عاماً، علمًا بأنّ بن علي أدخل في العام 2002 تعديلات على دستور الجمهورية ضمنت له البقاء في السلطة حتى 2014.

وعلى الشبكة العنكبوتيّة، انبرى المئات من النشطاء والشباب إلى quot;التعبئةquot; من أجل هدفين مختلفين ومتناقضين.

ففيما يستغلّ أنصار الحزب الحاكم الشبكات الاجتماعيّة والمدونات لجلب مزيد من التوقيعات التي تناشد الرئيس بن علي البقاء في سدّة الحكم، وجد نشطاء مُعارضون ومستقلون في الفضاء الالكترونيّ منبرا للتنديد بتلك الدعوات التي اعتبروها quot;منافية لقيم الجمهورية وتكريسا للرئاسة مدى الحياة واعتداء صريحا على الدستور التونسيّ الذي لا يجيز لبن علي الترشح لولاية سادسةquot;.

وبلغ الاستقطاب بين الفريقين أوجه على شبكة quot;فايسبوكquot; الاجتماعيّة حيث يعمد الطرفان إلى جلب الأنصار والتعريف بوجهة نظرهما تجاه الموضوع الذي بات يشغل بال قطاع واسع من التونسيين وسط غموض يكتنف مستقبل الحكم في بلادهم.

يقول الإعلامي مرسل الكسيبي رئيس تحرير صحيفة quot;الوسطquot; الالكترونية لـquot;إيلافquot; معلقا على الجدل المحتدم حول المناشدات الموجهة للرئيس بن علي قائلا:quot; على هذه الفضاءات الافتراضيّة يبدع المبحرون وquot;الفايسبوكيونquot; وquot;التويتريونquot; وquot;اليوتيوبيونquot; أشكالا نضالية راقية في التحضر للتعبير عن آرائهم ، فمن المقال إلى التقرير إلى الخبر إلى التعليق إلى الصورة إلى الكاريكاتير إلى الشعار إلى الفيديو كليب وصولا إلى التنظيم الفكري والجمعياتي والسياسي في مجموعات عمل مناوئة للتلاعب بالدستور التونسيquot;.

أسّس مرسل الكسيبي بمعيّة عدد من الشباب التونسيّ جمعية افتراضيّة أطلقوا عليها quot;الجمعية الوطنية لحماية الجمهوريةquot; انضمّ إليها المئات من المحامين والإعلاميين والنشطاء السياسيين والحقوقيين.

مرسل الكسيبي: محسوبون على الحزب الحاكم نسفوا بروفايلات وصفحات تعارض التمديد للرئيس بن علي

ويقول الكسيبي متحدثا عنها:quot;واجهت السلطات الجمعية الوطنية لحماية الجمهورية، بأسلوب فظّ حيث قامت بنسف واحد من مواقعها على فايسبوك ثم اختراق قائمة مراسلات الجمعية عبر السيطرة على حساب أحد النشطاء الحقوقيين المنخرطين في مجموعتها وقد تركزت الحملة في المرحلة الحالية على شخصي بصفتي المنسق العام لشؤونها.

هو الأسلوب ذاته الذي تعاطت به السلطات المصرية مع الجمعية الوطنية للتغيير في مصر، حيث تركزت الحملة على تشويه صورة الدكتور محمد البرادعي وإبرازه بمظهر العميل أو المتهافت أخلاقيا .هو السلوك ذاته وقع التعامل به في تونس، حيث تم تحرير مقالة ساقطة في شخصي وتم نشرها عبر الفضاء العنكبوتي وحتى تعميمها على أعضاء ومساندي الجمعية عبر اختراق مؤقت لمجموعتها على فايسبوكquot;.

ويعتقد مرسل الكسيبي أنّ ما أزعج السلطات هو الإنتاج المرئي للجمعية الوطنية وعشرات المقالات والتقارير التي تم تحريرها في الغرض، وتمّ تداولها من قبل مستعملي الانترنت في تونس تعبيرا عن رفضهم وتصديهم للتمديدquot;.

من جهتهم، يقول أنصار الحزب الحاكم الذين أنشأوا عددا ضخما من المجموعات التي تناصرُ الرئيس التونسيّ أنّ زين العابدين بن علي هو الوحيد القادر على ضمان أمن البلاد ومواصلة قيادة مسيرة التنمية والديمقراطيّة.

ويردّ أنصار بن علي على الاتهامات التي توجه إليهم من قبيل quot;السعي لانتهاك دستور البلادquot; بالقول إنّ quot;إرادة الشعب فوق فصول الدستور التي تعتبر نتاجا لإجماع التونسيين فالدستور ليس نصا مقدسا ويمكن تحويره تماشيا مع رغبة الأكثريّة ، وبالتالي يجوز تحوير فصوله لتتماشى وإمكانية الرئيس الحالي الترشّح لولاية سادسة في العام 2014.quot;

أما الطرف المقابل، فيعلن من خلال تدويناته ومجموعاته ونصوصه تمسكه بـquot;قيم الجمهورية التي تقوم على سيادة الشعب ومبدأ التداول على السلطةquot;.

ويرفض هؤلاء التمديد لبن علي احتراما لدستور البلاد الذي يضع سنا أقصى للمترشح لمنصب الرئيس لا تتجاوز 75 سنة، وهو الشرط الذي قد يعيق ترشّح بن علي إن لم يتمّ تحوير الدستور خلال السنوات التي تفصل تونس عن الانتخابات الرئاسية المقبلة.

الصراع بين الطرفين يغلب عليه الكثير من التشنج، وعلى الرغم من رصد عدد من النقاشات الهادئة على بعض الصفحات، إلا أنّ الشتيمة والتخوين والسباب عادة ما تكون حاضرة لتفسد التواصل بين الطرفين.

وعمد عدد من المحسوبين على الحزب الحاكم إلى إنشاء مجموعات تخوّن قيادات المعارضة التونسيّة وتتهم بالعمل ضدّ مصلحة تونس، في حين اختار قراصنة لا يخفون انتماءهم إلى حزب quot;التجمعquot; الحاكم باختراق عدد من الحسابات الشخصية والبروفايلات التي ينشئها معارضون أو رافضون للتمديد للرئيس بن علي.

ويقول الإعلامي مرسل الكسيبي : لم يكن رد فعل السلطات مقصورا على أساليب القرصنة والتشويه بل إن ثورتهم العنكبوتية الهادئة والذكية، لقيت اهتمام قيادة الحزب الحاكم وتلقاها وزير الشباب والرياضة بخطاب رمضاني متشنج خصصه للتحريض على المعارضة وقواها الشبابية الحية على شبكة الانترنتquot;.