تشهد الحلبة السياسية الإسرائيلية حراكا متسارعا حول بقاء حزب quot;العملquot; الإسرائيلي في الحكومة الحالية، إذ تشير كافة التقديرات والتحليلات الإسرائيلية أن انسحاب حزب quot;العملquot; وارتفاع وتيرة الخلافات بين مركبات الائتلاف الإسرائيلي الحاكم ينذر بقرب انتهاء ولاية حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتانياهو.


ترجح شخصيات مقربه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحزب quot;الليكودquot; الحاكم، أن الاصوات المتصاعدة في أوساط حزب quot;العملquot; بالانسحاب من الحكومة قد تتحقق على ابعد تقدير في شهر نيسان/ ابريل المقبل. كما أن خروج الحزب الذي يشهد معركة حامية بين زعيم الحزب ايهود باراك وأقطاب بارزه فيه على خلفية حالة الجمود السياسي وتعثر عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية، قد يؤدي إلى تقديم موعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، إلى مطلع العام 2012.

وذكرت صحيفة quot;يديعوت احرنوتquot; نقلا عن شخصيات مقربه من نتانياهو قولها أن quot;العملquot; سيخرج من الحكومة في آذار/ مارس ndash; نيسان/ ابريل، وهذا يعني بقاء الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بأغلبية بسيطة لا تمنحه الاستمرار بتولي زمام السلطة(61 نائبا من اصل 120 عدد نواب الكنيست).

فيما تتواصل حده الصراعات في حزب العمل، حيث هاجم وزير الرفاه يتسحاك هرتسوغ رئيس الحزب ووزير الأمن إيهود باراك، وانتقد بقاء الحزب في الائتلاف الحكومي. حتى إنه طلب من باراك أن يطرح موضوع الفقر في الحكومة وأن يقدم استقالته في أعقاب ذلك. مشيرا إلى أن quot;العملquot; في طريقه إلى الخروج من الحكومة وسوف يتم حسم ذلك في مؤتمر الحزب. محمّلا باراك المسؤولية عن الوضع الحالي لـquot;العملquot;. وبحسبه فإنه يجب عقد المؤتمر بأسرع ما يمكن، وتقديم موعد الانتخابات لرئاسة الحزب.

كدمون: خروج العمل لن يسقط الحكومة والانتخابات على الأرجح مطلع العام 2012
محللة الشؤون الحزبية في صحيفة quot;يديعوت احرنوتquot; سيما كدمون قالت في حديث لـquot;إيلافquot;:quot; بجملة واحدة تهديدات حزب quot;العملquot; الانسحاب من الحكومة لن تؤثر أي شيء على الحكومة الحالية، وخصوصا أنه لا يوجد شيء يتحرك على المستوى السياسي، ولا يوجد عملية سلمية بل العكس التجميد سيد الموقف.

وأضافت كدمون : صحيح أن الأجواء الحالية تذكر بأجواء الانتخابات، ولكن حتى لو خرج حزب العمل من الحكومة، الحكومة لن تنهار الحكومة، حيث يبقى الائتلاف الحاكم مكون من 61 عضوا وينضم إليها حزب quot;هئيحود هليئوميquot; ويصبح 65 نائبا، وفقط في حال انسحب حزب quot;يسرائيل بيتنوquot; بزعامة ليبرمان من الحكومة ستسقط الحكومة الحالية.

وتوضح كدمون أن مجموعة من نواب حزب quot;العملquot; يصوتون ضد الائتلاف، مثل داني بن سيمون الذي صوت ضد الميزانية، ولكن القضية التي قد تؤثر على الحكومة في حال انسحب حزب quot;العملquot; منها ستكون كيفية تسويق الحكومة في الساحة الدولية. حيث ستبقى حكومة بنيامين نتانياهو حكومة مكونة من ائتلاف يميني متطرف، وبالتالي صعب على نتانياهو أن يروج لها على مستوى العالم بالصورة القائمة في حال بقاء حزب quot;العملquot;.

وتضيف كدمون :quot; حزب quot;العملquot; يمر الآن في أزمة قيادة عميقة، ومشكلة إضافية هي أن الكثير من أقطابه يصعب عليهم التخلي عن مقاعدهم في الحكومة والكنيست، وهم يريدون الشعور بأنهم حزب سلطة.
وقدرت كدمون أن السنة الحالية 2011 لن تشهد انتخابات مبكرة، وفقط في حالة واحدة قد يتم الإعلان عن الذهاب إلى انتخابات جديدة، وهي تتعلق بالقضايا والتحقيقات التي تلاحق زعيم حزب quot;يسرائيل بيتنوquot; وزير الخارجية افيغدور ليبرمان.

وأردفت تقول: من المرجح أن تكون هناك انتخابات مبكرة مطلع العام 2012، وخصوصا أن بقاء الحكومة بتركيبتها الحالية لن تصمد كثيرا، فالخلافات قائمة بين أقطابها غير المتجانسة، وخصوصا بين حركة quot;شاسquot; وحزب quot;يسرائيل بيتنوquot; الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم، ونحن نرى أن وزير الخارجية ليبرمان يقود حملة لتنفيذ وعوداته الانتخابية وفق أجندة تتلائم مع جمهور ناخبيه، والتي تتناقض مع مواقف حزب quot;شاسquot; وكذلك حزب quot;العملquot;. كطرح مشاريع قوانين تحمل أجندة مدنية تختلف عن توجهات الأحزاب الأخرى، وأبرزها قانون اعتناق الديانة اليهودية العسكري(هجيور هتسفائي) وقانون المساكن الشعبية(ديور تسبوري)، والتي هي بالأساس احد محاور النقاش بين العلمانيين والمتدينين.

وتوضح كدمون أن هذه القوانين تشكل مشكلة في الائتلاف الحاكم، وعليه فان الحكومة الحالية قد لا تنهي ولاياتها المحددة حتى تشرين الأول/أكتوبر 2013.

ياسين: حزب العمل خيب آمال ناخبيه وخروجه تذكرة التوجه للانتخابات
الصحفي وليد ياسين محرر صحيفة quot;الفجرquot; ومحلل سياسي يؤكد في حديث لـquot;إيلافquot; أن التهديدات التي تقودها مجموعة داخل حزب quot;العملquot;، هي المجموعة المعارضة بالأساس لتوجهات زعيم الحزب ايهود باراك، وهي القوة التي تدافع عن خط الحزب السياسي التاريخي.

وقال:quot; حزب quot;العملquot; في حالة يرثى لها، ومتضعضع وقد خيب آمال ناخبيه بعد انتخابات 2009 بتبنه خط زعيم الحزب ودخوله حكومة بنيامين نتانياهو، والنواب الذين ينادون بالانسحاب من الحزب خلاف لباراك، الذي يتمسك بكرسي الوزارة كي يحافظ على بقاءه السياسي بعد أن انمحى واضمحل في الساحة السياسية الإسرائيليةquot;

ويضيف ياسين: منذ تشكيل الحكومة الحالية كانت هناك مجموعة من نواب حزب quot;العملquot; الذين عارضوا باراك دخول الائتلاف الحاكم، إذ أن زعيم الحزب السابق عمير بيرتس، وأمين عام الحزب السابق آيتان كابل والنائبان شيلي يحموموفيتش ودان بن سيمون، وسبقهم النائبان السابقان اوفير بينس-باز(وزير الداخلية الأسبق) ويولي تامير (وزيرة المعارف السابقة) واللذان استقالا من الكنيست، عارضوا بشده انضمام الحزب للحكومة، وكان لديهم أمل أن يتم معالجة القضايا الاجتماعية مقابل quot;شاسquot; المعروفة تاريخيا بدفاعها عن الطبقات المسحوقة.
ويؤكد ياسين: لكن بعد أن رأوا أنه لا يوجد أي بصيص أمل في حصول تحرك على المسار السياسي وفي عملية السلام مع الفلسطينيين، في ظل حكومة يمين متهاوي ولا يمكن إيجاد حل، التقت هذه الشخصيات مع قيادات أيدت في السابق دخول الحزب للحكومة أمثال الوزيرين بنيامين (فؤاد) بن اليعازر وافيشاي برافرمان الذي وصل الأمر بينه وبين باراك دعوته للاستقالة.

وقد أخذت هذه القيادات خط الرجعة في محاولة لإعادة بناء صورة حزب quot;العملquot; وإظهاره على الساحة مجددا، واعتقد انه في ظل بقاء حزب quot;العملquot; في الحكومة الحالية لن يتم تحقيق قفزة بالعكس ستزيد من حالة الانهيار وقد تؤدي إلى اختفاءه عن الساحة.

ويرى ياسين أن حكومة بنيامين نتانياهو تقف الآن على كف عفريت مع وبدون حزب quot;العملquot; إذ يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أزمة مع أحزاب اليمين الإسرائيلي المتطرف، أن كان ذلك على صعيد الاستيطان أو القضايا الاجتماعية، فحركة quot;شاسquot; تريد أن تحافظ على صورتها في الشارع الإسرائيلي كمدافعة عن حقوق الطبقات المسحوقة، والتي من المعروف أن حكومتي نتانياهو كانت الاسوا بالنسبة لهذه الشرائح، وهي تقوم بتوجيه المزيد من الضربات لهذه الفئات، وإذا خرج حزب quot;العملquot; فان الحكومة ستبقى مؤلفة من 61 عضو، ما يعني الأغلبية زائد واحد، وهذا الوضع صعب كثير على الحكومة ولا يوجد أي حكومة في العقدين الماضيين تقريبا أنهت ولايتها الدستورية المحددة لها.

ويشير ياسين إلى أن الوضع السياسي الإسرائيلي أصبح أمرا روتينيا، أضف إلى ذلك أن اسرائيل اليوم تواجه عزلة دولية، وهناك تحرك عالمي لدفع القضية الفلسطينية إلى الأمام، وخصوصا مع تزايد عدد الدول الأمريكية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، رغم عدم وجودها أصلا. الأمر الذي يزيد من أزمة حكومة نتانياهو، وكل هذه الإجراءات تعزز فرضية عقد انتخابات مبكرة في مطلع العام المقبل 2012.

وينهي ياسين بالقول:quot; خروج حزب quot;العملquot; من الحكومة في حال انعقاد مؤتمر الحزب المحتمل في شهر نيسان/ابريل القادم يعني دخول اسرائيل في مرحلة الانتخابات المبكرة، وعلينا أن لا ننسى أن الحكومة الحالية هي أسوا حكومة شهدتها اسرائيل في توجهاتها حيال كافة القضايا أن كانت على المستوى الدولي أو المحلي، وهي الحكومة ذاتها التي تحاصر غزة، ونفسها التي أدخلت اسرائيل وتركيا في أزمة غير مسبوقة بعد أن كانت تركيا بوابة اسرائيل على الشرق الأوسط وإيران أيضا، وحتى الأنظمة العربية التي تقمع صوت مواطنيها ضد اسرائيل، وكل ذلك يعجل من موعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية للكنيست الـ19.

وإعلان حزب quot;العملquot; الانسحاب يتلاقى مع الأصوات المتعالية في اليمين الإسرائيلي الداعية إلى الانسحاب من الحكومة أيضا ولكن لأسبابها الخاصة والمتعلقة بقضايا الاستيطان وغيرها، وكل هذه الأمور تعجل عجلة تقديم الانتخابات في اسرائيل.