دعا الأمين العام للحزب الاجتماعي الليبرالي منذر ثابت الى استئناف الحوار في تونس بمشاركة كل من يُعبّر عن التزامه بمبادئ الجمهوريّة والدولة المدنيّة وقواعد الديمقراطية. وفيما اكد ثابت ان إحتجاجات تونس عفويّة اشار الى ان بعض الأطراف التي وصفها بالتطرف والراديكالية تُحاول توجيهها سياسيًّا.


منذر ثابت

مع تواصل الاشتباكات في قلب العاصمة التونسية الخميس وفي الأحياء المجاورة لها مما أسفر عن سقوط المزيد من القتلى والجرحى، ومع عودة انتشار الجيش بعد ساعات من انسحابه، يحتدم الجدل سياسيا وشعبيّا حول مستقبل تونس في خضم هذه الاحتجاجات العارمة التي انطلقت من المناطق الداخلية لتونس ووصلت للعاصمة بشكل سريع.

وفي هذا السياق، يقول الأمين العام للحزب الاجتماعيّ الليبرالي التونسيّ الممثل في البرلمان بـ8 مقاعد منذر ثابت في حوار مع إيلاف إنّ الاحتجاجات تكشف عن مشكل في الحوار مع الشباب، وهو الشعار الذي رفعته الحكومة.

ويرى ثابت أنّ هذا الحوار تمّ في الأروقة الضيّقة لبعض الأحزاب، متهما بعض الأطراف التي وصفها بالتطرف والراديكالية باختراق الاحتجاجات العفوية التي تشهدها تونس ووجهتها نحو المطالب السياسية في صيغتها الراديكاليّة.

في ما يلي نصّ الحوار:

*بداية، ماهو موقف الحزب الاجتماعيّ التحرّري مما يجري في تونس من احتجاجات اجتماعيّة ومسيرات عارمة أدّت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى؟

الحزب الاجتماعي التحرّري يتابع عن كثب وانشغال وحزن الأحداث الجارية بوطننا، قبل لقائنا هذا، كنت في مجلس المستشارين وأطلقت نداءات باسم الحزب من أجل التهدئة، وقلت ما مفاده إن علينا أن نمرّ إلى مرحلة جديدة، وهي مرحلة المعالجة والمصارحة والمصالحة مع كلّ الأطراف السياسية وقوى المجتمع المدنيّ.

في تقييمي، أقول إن هنالك مشكلة في الحوار مع الشباب، وهو الشعار الذي رفعته الحكومة، هذا الحوار، تمّ في الأروقة الضيّقة لبعض الأحزاب.

المسؤوليّة اليوم مع تكثف الاحتجاجات جسيمة على كلّ القوى السياسيّة، ولا بدّ من عودة السلم المدنيّ وقد أكدت دائما وأبدا على أنّ الحوار في تونس يجب أن يشمل الجميع.

*من تقصد بالجميع؟

أعني كلّ من يُعبّر عن التزامه بمبادئ الجمهوريّة والدولة المدنيّة وقواعد الديمقراطية، وفي تقديري هنالك تجربة مريرة مرّت بها الساحة السياسيّة التونسية في التسعينات علينا أن نتجاوزها.

*ما تعليقكم حول إقالة الرئيس زين العابدين بن علي لوزير الداخليّة السيّد رفيق بلحاج قاسم؟ وهل عالجت الإقالة ndash;برأيكم- جوهر الإشكال الحاصل؟

برأيي العبرة ليست في الإقالة، بل في التعيين، فالسيد احمد فريعة وزير الداخليّة الجديد رمز من رموز التيار الإصلاحي داخل السلطة التونسيّة.

ولذلك أكدت أنه علينا التفاعل ايجابيّا مع هذا التعيين، وعلينا تنزيله في إطار حزمة الإجراءات التي اتخذها الرئيس بن علي ومن أبرز عناوينها، فتح ملفّ الفساد والرشوة، والتحقيق في أحداث العنف الحاصلة في البلاد.

الدمّ التونسيّ غالي علينا جميعا، وهؤلاء المحتجون في الشوارع هم أبناؤنا، وشخصيّا بذلت جهدا لتجسير الهوة بين العديد من الأطراف السياسيّة التي تناصب بعضها العداء، وأرسلت أكثر من رسالة للملمة البيت الداخلي التونسيّ.

وكان بودّي أن تتحلى كل الأطراف بالمرونة في الدعوة للتهدئة وقلت إنّ هذه الدعوة ستبرز عدة أطراف سياسية كقوى وطنيّة حكيمة وعاقلة.

نحن ندرك ألم تهميش بعض الأطراف السياسية لأننا عايشناه، لكنّ المناضل الصادق عليه أن يتجاوز آلامه من أجل مصلحة شعبه.

علينا أن ننظر للمستقبل، وهنا أؤكد على مسألة مهمة، لانّ اعتقادي جازم بأنّ خفض مستوى التوتّر من طرف الجميع سيمكننا من عبور هذه الأزمة وتدشين مرحلة أعلى وأرقى من الحريّة والديمقراطيّة والتعددية.

كلّ الأطراف على الساحة السياسيّة التونسيّة أخطأت في فترة من الفترات وبطريقة من الطرق، وعلى الجميع أن يثبت اليوم أنه بالفعل ديمقراطيّ وما يثير استغرابي فعلا إنّ بعض الأطراف في المعارضة تمارس الاستبداد وهي خارج الحكم، وعليه نحتاج لتدشين مرحلة جديدة أساسها الاحترام المتبادل والقبول بالأخر وبشرعيّة وجوده حتى وإن خالفنا الرأي.

*تتحدّث وكأنّ تلك المعارضات الراديكالية هي التي تقف وراء الاحتجاجات، في حين أن كثيرين يعتقدون أنّ التحركات الاحتجاجية التي تشهدها تونس تبدو عفوية، ولا المعارضة أو الحكم قادران على تنظيمها أو تأطيرها أو حتى توظيفها ؟

هي بالتأكيد احتجاجات عفويّة لكنها تداخلت مع اختراق بعض الأطراف والتيارات السياسيّة، وهذا ينسجم مع المرجعيات الفكرية المتطرفة لتلك التيارات.

بيّنت الاحتجاجات التي تشهدها تونس أن هنالك شبكة متكاملة اشتغلت على الواجهة الإعلاميّة والخارجيّة لمحاولة توجيه هذه الأحداث نحو المطالب السياسية في صيغتها الراديكاليّة.

*بما أنكم في اتصال دائم مع الحكومة، وممثلين في مجلسي النواب والمستشارين، هل تقدمتم كحزب بجملة من المقترحات لإيجاد حلّ عاجل للازمة التي تمرّ بها البلاد؟

نحن نرى أنّ هذه الأحداث لن تفضي إلى تحوّل نوعيّ في الحياة السياسيّة مادامت القوى الوطنيّة مترددة في إطلاق مواقف عقلانيّة تراعي المصلحة الوطنيّة وتجذر مفهوم الوفاق الجديد.

لذلك قلنا كحزب اجتماعي تحرّري إنه من الضروريّ أن نؤسس لميثاق جديد نحدد بواسطته قواعد اللعبة السياسية وأطرافها.

دون ذلك، ستفتح الأبواب على المجهول، ونحن كحزب وطني نرفض ان تحرق البلاد من اجل أن نكون في الحكم.، لذلك نعتقد أن رسالتنا وصلت إلى أعلى هرم في الحكم.

وأحزاب الوسط تستعيد اليوم قدرتها على المبادرة، ومن الضروريّ ان نعمل جميعا على طيّ صفحة الماضي بكلّ شجاعة حماية لبلادنا وتأسيسا لمرحلة أرقى من الحريّة والتعددية.

رسالتنا في الاجتماعي التحرري إلى كل الأطراف السياسية واضحة، علينا أن نترك المزايدات جانبا، وعلينا أن نمارس نقدا ذاتيا صارما تجاه أنفسنا من أجل أن نرقى إلى مستوى المهام التاريخية التي تطرحها علينا بلادنا العزيزة وأكرر، الحقد ليس برنامجا سياسيا والانفعال حتى وإن كان مشروعا لدى البعض لن يمكننا من ولوج الأفق الواعد الذي نناضل من أجله.