عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور

لمتابعة آخرأخبارتونسأنقر على الصورة
تتابع وسائل الاعلام العالمية احداث تونس بالتحليل والتعليق مركزة على دلالاتها الأبعد مدى إزاء قضية الديمقراطية وشكل الحكم عموما في المنطقة العربية. وفي هذا الشأن تساءلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر في تحليل اخباري عما إذا كان رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بوادر ربيع عربي أم شتاء عربي. وقالت ان هذا هو الخيار المطروح على الحكام في الشرق الأوسط وشمال افريقيا فيما هم يتابعون بقلق انتفاضة شعبية تطيح بزعيم بلد من اصغر بلدان المنطقة لكنه كان من اكثرها استقرارا. وجاء في المقال:
بعد ان حكم زين العابدين بن علي هذا البلد السياحي على الشاطئ الافريقي للبحر المتوسط 23 عاما ، قدم استقالته تحت ضغط الاحتجاجات والتظاهرات التي بدأت الشهر الماضي ثم امتدت الى العاصمة تونس هذا الاسبوع.

وكانت التظاهرات انفجرت في كانون الاول/ديسبمر عندما انتحر شاب متعلم لكنه عاطل بعدما صادرت السلطات بضاعته من الفواكه والخضار التي كان يبيعها بدون ترخيص. وكما نقلت وكالة رويترز عن احد الشهود فان المسألة لم تعد تقتصر على البطالة بل تتعلق بحرية التعبير وحرية التجمع بل وكل الحريات.

ومآل الحريات لم يكن مشجعا في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة رغم نجاح اميركا النسبي في اقامة ديمقراطية عاملة في العراق بعد سقوط صدام. وقالت منظمة quot;بيت الحريةquot; في تقرير لها هذا الاسبوع ان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا واصلت سنواتها من التراجع عن مستوى متدن أصلا من الديمقراطية. وأول القرائن على هذا الانحدار هو تزوير الانتخابات البرلمانية التي جرت خريف العام الماضي في مصر ، اكبر البلدان العربية سكانا.

ولكن التونسيين ليسوا وحدهم في احتجاجاتهم بل نزل مواطنون الى الشوارع في بلدان مثل الجزائر والاردن ومصر ايضا. وتتباين ظروف الاحتجاجات لكن ما تشترك به اوضاع هذه البلدان يشمل ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمحروقات والبطالة. فان في المنطقة جيلا صاعدا من الشباب بآفاق محدودة لفرص العمل ، ويشعر المواطنون بالاستياء من انسداد طرق المشاركة السياسية بسبب الفساد.

ويتمثل مأزق الحكام المستبدين وحلفائهم الغربيين في كيفية الرد. ففي البداية رد الرئيس التونسي بن علي ، كما هو متوقع ، باطلاق النار على المحتجين واتهام ايدٍ ارهابية خارجية.

ثم حل الندم على ما يبدو عندما قال للتونسيين في خطاب تلفزيوني انه يتفهم مشاعرهم. واعلن بن علي رفع القيود على وسائل الاعلام والانترنت وقال انه لن يرشح لولاية أخرى. وتعهد بتوفير فرص العمل وخفض اسعار المواد الغذائية.
وفي يوم الجمعة تنحى وتولت مقاليد السلطة حكومة مؤقتة يقودها رئيس الوزراء. وأُعلنت حالة طوارئ تمنع تجمع اكثر من ثلاثة اشخاص مع حظر التجوال في ساعات الليل.

يتشبث اعضاء نادي الحكام العرب المستبدين ، المسنين بمناصبهم لأسباب منها الثروة والسطوة ، والسلطة بطبيعة الحال. لكنهم يخافون ايضا من وقوع انتفاضة اسلامية في حال تنحيهم ، أو فتح الباب الديمقراطية ، كما حدث مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

وأخذت اوروبا والولايات المتحدة تراعي هذا الخوف في السنوات الأخيرة مشددتين على الدعوة الى التغيير الاقتصادي والاجتماعي بدلا من الانفتاح السياسي في المنطقة. ولكن هذا لا يكفي كما أظهرت حالة تونس التي تعتبر احد اهداف المجهود الاقتصادي الغربي.

وتحدثت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون بصراحة عن الحاجة الى تغيير أوسع نطاقا خلال زيارة للشرق الأوسط هذا الاسبوع قائلة ان المواطنين ضاقوا ذرعا بالمؤسسات الفاسدة وركود النظام السياسي. وكان ذلك تصريحا عالي الصوت وحازما على غير المعتاد من مسؤول اميركي.

لعل حكام الشرق الأوسط اخذوا يدركون ان استمرار القمع بلا متنفس سيؤدي الى الغليان. فالشعب لن تبقى انفاسه مكتومة الى الأبد بلا أفق ، لا سيما وانهم يرون عن طريق الانترنت وشاشات التلفزيون الامكانات المتاحة في اماكن أخرى من العالم.

ويصح هذا على ثيوقراطية اسلامية مثل ايران كما كان صحيحا في عهد السيد بن علي.