أعلن عدد من الناشطين العراقيين من مفكرين وإعلاميين وسياسيين ونواب وحقوقيين اليوم الأربعاء عن إطلاق حملة وطنية لفصل الدين عن السياسة في بلدهم، مؤكدين أن الكثير من القادة العراقيين الحاليين ما كانوا ليصلوا إلى مناصبهم ومواقعهم القيادية لولا اتكائهم على الدين. وأشاروا إلى ان تجارب التاريخ قد برهنت بأن إقحام الدين في السياسة يهدف دائما إلى تحقيق مكاسب سياسية وإلى إقصاء الخصوم عن الساحة والخاسر الوحيد هم الناس العاديون الذين يحرمون من فرصة تصدي الأكفاء والخبراء المخلصين لإدارة شؤون بلدهم .


أطلق مفكرون وإعلاميون وسياسيون ونواب وناشطون حقوقيون عراقيون اليوم الأربعاء حملة وطنية لفصل الدين عن السياسة في بلدهم، مؤكدين أن الكثير من القادة العراقيين الحاليين ما كانوا ليصلوا إلى مناصبهم ومواقعهم القيادية لولا اتكائهم على الدين. وأشاروا إلى ان تجارب التاريخ قد برهنت بأن إقحام الدين في السياسة يهدف دائما إلى تحقيق مكاسب سياسية وإلى إقصاء الخصوم عن الساحة والخاسر الوحيد هم الناس العاديون الذين يحرمون من فرصة تصدي الأكفاء والخبراء المخلصين لإدارة شؤون بلدهم .

وقال أحد قادة الحملة انها تستهدف إقناع العراقيين بأن أفضل وسيلة لحكم بلدهم هو بتبني نظام مدني لا يُستغل فيه الدين لتحقيق مصالح شخصية أوحزبية من قبل سياسيين لا يستطيعون الفوز بأصوات الناس إلا عبر استخدام الدين الذي هو ملك للجميع وليس لفئة معينة من الناس.

وقال حميد الكفائي في حديث مع quot;إيلافquot; أن الكثير من القادة العراقيين الحاليين ما كانوا ليصلوا إلى مناصبهم ومواقعهم القيادية لو أنهم عرضوا برامجهم السياسية على الناس، لأنهم في الحقيقة لا يمتلكون أي برامج سياسية قادرة على إنقاذ المواطنين من أوضاعهم الصعبة التي يعيشونها في ظل تسلط قوى وأحزاب تتكئ على الدين وتحاول مصادرة تعاليمه الإنسانية السمحاء لمصالحها الضيقة. وأشار إلى أنهم لجأوا لذلك لأساليب أخرى أدت إلى تعميق الفرقة بين العراقيين الذين عاشوا شعباً واحداً متحداً متضامناً في السراء والضراء لآلاف السنين.
وأكد الكفائي أن هذه الحملة لا تمتلك أي وسائل غير مقبولة، غير الإقناع عبر الحوار المباشر والتوعية من خلال وسائل الإعلام، موضحاً انها منفتحة أمام أي فكرة يمكن أن تقود إلى إشاعة الوئام والسلام بين الناس. وأشار إلى ان قادة الحملة والمشاركين والموقعين على بيانها التأسيسي هم طليعة المجتمع العراقي ويمثلون جميع الأديان والطوائف والتوجهات السياسية، وكثير منهم لم يدخلوا السياسة وليس لهم أي هدف سوى رؤية عراق مزدهر مستقر ومتطور يبقى فيه الدين برجاله الأفاضل سامياً بقيمه السمحاء، بينما يحاسب فيه السياسيون أو يكافأون بحسب طريقة إدارتهم للبلد الذي هو ملك للجميع وليس لأتباع دين أو مذهب معين، فمن أخطأ يترك الإدارة ومن نجح يستمر. وشدد بالقول quot;لا نريد للدين أو رجاله أن يتحملوا وزر أخطاء السياسيين وإنما نريدهم أن يظلوا مرشدين لجميع الناس وليسوا طرفاً مع جهة سياسية كما يراد لذلك الآنquot;.

وأضاف الكفائي أن حملة فصل الدين عن السياسية هي دعوة ومدخل لتنظيم ندوات ومؤتمرات وحملات إعلامية، آملين أن يتبناها المزيد من الناس من سياسيين وإعلاميين ورجال دين وناشطين في حقوق الإنسان وغيرهم من أبناء الشعب العراقي الذين بدأت تتضح أمامهم حقيقة أن مصلحة العراق الوطن والشعب تكمن في إبتعاد الدين والسياسة عن بعضهما البعض لكي يؤدي كل منهما دوره بنجاح. وقال quot;إنها ليست من إكتشافنا بل هي دعوة قائمة منذ زمن بعيد وقد طبقتها كثير من الأمم ونجحت، وعلينا إن أردنا لبلدنا أن يتطور أن نستفيد من تجارب الآخرينquot;.

لا لإستغلال الدين

من جانبهم قال ناشطو الحملة quot;ان معظم العراقيين يدركون أن ولادة عراق ديمقراطي تزداد عسراً يوماً بعد يوم رغم تزايد رغبة الغالبية العظمى في الخروج من الأزمات التي تعصف بالبلا، وقد أصبح واضحاً أن كل الجهود المخلصة للقضاء على الإرهاب وكشف الفساد وإلغاء التمييز لم تصل إلى نتيجة حاسمة ولن تصل ما دامت تتعامل مع نتائج المشاكل وليس جذورهاquot;.

وأشاروا إلى أنه من quot;المؤكد أن غالبية العراقيين يريدون نظاماً متحضراً يخدمهم جميعاً دون تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين أو التوجه السياسي، تماماً مثل جميع الدول المتطورة، وهناك إدراك واسع أن معظم أزماتهم نابعة من إستغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية وماديةquot;.

واعتبر الناشطون أنه quot;إذا كنا نريد بناء دولة متحضرة فعلينا أن ندرك أن جميع الدول المتحضرة تفصل بين الدين والسياسة وأن جميع البلدان التي لا تفعل ذلك تعاني من أزمات شبيهة بالأزمات التي نعاني منهاquot;. وأشاروا إلى ان التجارب العملية عبر التاريخ قد برهنت بأن إقحام الدين في السياسة يهدف دائما إلى تحقيق مكاسب سياسية وإلى إقصاء الخصوم عن الساحة والخاسر الوحيد هم الناس العاديون الذين يحرمون من فرصة تصدي الأكفاء والخبراء المخلصين لإدارة شؤونهم.

وشددوا على أنه quot;قد حان الوقت لتتوجه جميع الجهود نحو أساس المشكلة بدلا من أن تدور في متاهات لن تفضي الى نتائج طيبة حاسمة، وأن نعلن عن حملة وطنية تتوجه الى جميع العراقيين للتوحد حول شعار وحيد صريح هو فصل الدين عن السياسةquot;. وأوضحوا quot;هذا الشعار يعني إحتراما للدين وإعلاء لقيمه الروحية، وفي الوقت نفسه شفافية للسياسة وتفعيلا لمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. وهو يعني أيضا إبعاد الدين عن السياسة لحمايته من صراعاتها وحماية العمل السياسي من الذين يستغلون الدين لأغراض تضرُّ بالانسان ومصالحه الأساسية ومما يدعو للتفاؤل أن كثيرا من رجال الدين بدأوا يتفهمون هذا التوجه السليم ويؤيدونه ويمتثلون لقيمهم الدينية بصورة تتلاءم مع قيم العصر ومتطلباتهquot;.

وأكد الناشطون العراقيون أنه quot;حان الوقت لأن نكون صريحين مع أنفسنا ونواجه مشاكلنا بشجاعة ونبدأ العمل من أجل بناء دولة عصرية ذات دستور حر يقوم على المبادئ والأسس الوطنية والإنسانية السليمة وغير مهددة بالتحوّل الى دولة دينية أو طائفية أو عنصرية تحت أي ذريعة وهي في الوقت نفسه قادرة على احتضان كافة الأديان والطوائف والقوميات كي يعيش الجميع بأخوة وسلام رائدهم العراق وطناً للجميعquot;.

حملة بلا زعماء

كما أعلن الناشطون أن الحملة الوطنية لفصل الدين عن السياسة تنتظر جهود جميع العراقيين التي ستتكلل حتما بالنجاح في تحقيق سلامة العمل السياسي وسلامة الدين معاً وإنصاف الناس جميعا والتعامل معهم على أساس المواطنة والانسانية. وقالوا ان فصل الدين عن السياسة هو الشعار الوحيد الذي ترفعه هذه الحملة وهي بلا زعماء ولا تسعى إلى أي دور سياسي أو أية منفعة خاصة وتأييد هذه الحملة لا يتعارض مع موقع الشخص المؤيد أو انتمائه لأي تجمع أو كتلة سياسية.

وشدد القائمون على الحملة على ان العراقيين جميعا مواطنون وسياسيون وأكاديميون وإعلاميون ومثقفيون ومفكرون ومهنيون ومعلقون وكتاب ورجال أعمال وناشطون حقوقيون الإنسان، مدعوون الى تأييد هذه الحملة quot;التي لنا أمل كبير بأنها ستحقق هدفها حين تكون عنوانا كبيرا في الحياة السياسية،لتضع مسيرة بلادنا على طريق التقدم والازدهارquot;. وقالوا quot;نريد عراقا متحضراً متسلحاً بقوة العلوم الحديثة ومستلهما القيم السماوية السمحاء التي لا تفرق بين البشر والتي تؤمن جميعا بأن خير الناس من نفع الناسquot;. وأوضحوا أن جميع مؤيدي هذه الحملة يمكنهم الترويج لها والحديث عنها في كل مناسبة quot;فهي حملتنا جميعا طالما كنا ندور في محور فصل الدين عن السياسة ونحن على ثقة بأن كل مؤيد للحملة يستطيع اقناع عدد من العراقيين بأن هذا هو السبيل الوحيد لانقاذ البلاد ولو فعل كل منا ذلك فسوف نصل الى غالبية العراقيين في وقت قريبquot;.

وتأتي هذه الحملة إثر تدخل رجال الدين في الصراع حول الحريات العامة في العراق مؤخراً للدفاع عن إجراءات إتخذتها حكومة بغداد المحلية بغلق الأندية الإجتماعية والترفيهية ومحلات بيع الخمور وهجومها العنيف ضد إتحاد الأدباء.

وفي وقت وجهت حملة الدفاع عن الحريات التي تقودها مؤسسات للمجتمع المدني واخرى ثقافية تتصدرها مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون رسائل الى كبار المسؤولين تدعوهم الى التدخل بالترافق مع تنظيم اعتصامات واحتجاجات في بغداد ومدن اخرى فقد هاجم عدد من المراجع الدينية اتحاد الادباء ومن وصفوهم بـquot;أصحاب الأصوات الشاذة من المنبوذينquot;. وقالوا ان quot;الغريب أن يتصدر تلك الحركة ما يسمى بإتحاد أدباء العراق ولا أدري أي أدب يحمله هؤلاء! وهم يتنكرون لهوية الأمة ومقوّمات وجودها وأي حريّة يطالب بها هؤلاء لمجموعة من الأشرار تسكر وتعربد وتعيث فساداً في المجتمع! حتى استغاث المجتمع من شرهم بكل الجهات الدينية والسياسية والحكومية والإنسانية لإنقاذهم من تعدّي هؤلاء الأشرار على أمن الناس وأعراضهم وكرامتهم.. فهل الحرية التي يطالبون بها تسمح بهذا العدوان؟quot;.

إعتصامات للدفاع عن الحريات

من جهتها تنظم حملة المدى quot;الحريات أولاًquot; اعتصامات واحتجاجات في المحافظات العراقية حيث ستشهد بغداد السبت المقبل تظاهرة نسوية تدافع عن حقوق النساء، اضافة الى حملة جماهيرية لجمع مليون توقيع من داخل العراق وخارجه quot;تستهدف الوقوف بوجه التوجيهات اللا دستورية التي تمارسها بعض مجالس المحافظات والمتمثلة في إصدار التعليمات والأوامر التي من شأنها التضييق على الحريات العامة وخنقهاquot; كما قال منظمو الحملة في بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه.

وتتبادل مؤسسة المدى التي تقود حملة لنصرة الحريات العامة ومجلس محافظة بغداد الذي أغلق الأندية ومحلات بيع الخمور في 26 تشرين الاول - أكتوبر الماضي تهديدات باللجوء إلى القضاء لمقاضاة كل منهما للآخر.

وكانت بعض الأحزاب الإسلامية قد عارضت إقامة مهرجان بابل الدولي هذا العام، وأغلقت كل أندية العراق في خطوة أخرجت المثقفين في تظاهرة تتصدرها لافتة كتب عليها quot;بغداد ليست قندهارquot;. ثم أعقب ذلك إتخاذ وزارة التربية سلسلة من الإجراءات بحق معهد الفنون الجميلة من أبرزها استثناء مادتي الموسيقى والمسرح من التقدم للدراسة هذا العام بالإضافة إلى رفع التماثيل من واجهة المعهد دون إبداء تبريرات قبل ان يلغي وزير التربية الجديد محمد التميمي هذه الاجراءات.