دعوات لإجراء الانتخابات وانهاء الإنقسام quot;عدسة إيلافquot;
تخرج في قطاع غزة بين الحين والآخر مبادرات تدعو إلى ضمان الحريات وإنهاء حالة الإنقسام الداخلي خاصة بين حركتي فتح وحماس، وتشكل حركة تسمى quot;إصحىquot; نموذجا لتلك المبادرات، حيث تعمل هذه الحركة تحت شعار quot;لا وجود لوطن حر إلا بوجود مواطنين أحرارquot;

مبادرات شبابية، أو حركات للتغيير، أو تجمعات للمناصرة أو الضغط، مسميات وإن اختلفت مفرداتها فأهدافها وغاياتها واحدة متشابكة، فإن لم تكن من أجل التغيير فهي ضد التعدي على الحريات، واستغلال النفوذ، وإن لم تكن من أجل المعرفة، فمن أجل رسم خارطة ثقافية جديدة لمجتمع فلسطيني جديد، أو لأجل تميز ثقافي أو تأثير مرغوب، وإذا ما كانت هذه المبادرات فلسطينية فإنها حتما سترفض الإنقسام وتؤيد الإنتخابات.

هكذا هي التجمعات والمبادرات الشبابية في غزة تولد في فترة مخاض فلسطيني صعب على كافة الصعد الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتبشر بواقع فلسطيني جديد، ينطلقون منه نحو مجتمع أفضل.

حركة اصحى واحدة من المبادرات التي خرجت في غمرة خلاف السياسيين الفلسطينيين لترفع شعار quot;لا وجود لوطن حر.. إلا بمواطنين أحرار.
وتعرف اصحى نفسها بأنها علمانية تحترم إنسانية الإنسان و تدعم حريته، وتنادي بالعدل والمساواة ومحاربة أي انتهاك للحريات العامة والشخصية، وذلك بالطرق السلمية، وتهدف إلى تحريك الأغلبية الصامتة في المجتمع، والوقوف إلى جانب الفئات المهمشة مجتمعياً وخاصة الشباب والفقراء والنساء، والعمل على دعم قضاياهم العادلة.

نخوض صراعا قانونيا مع الحكومة

مبادارات مختلفة تسعى لتعزبز الحوار quot;عدسة إيلافquot;
علي عبد الباري 24 عاما، أحد المنتسبين الـ 30 لحركة اصحى منذ سنة ونصف وهو عضو في اللجنة التأسيسية، يقول quot;لإيلافquot;: quot;كان هناك تجمعان شبابيان وهما التجمع الشبابي الديمقراطي وحركة اصحى طال النوم ثم اتحدنا معا واتفقنا أن نوحد جهودنا ونكون جسما شبابيا كمبادرة تقوم ببعض الأنشطة التثقيفية ونتابع قضايا حقوق الإنسان والإعتداء على الحريات لندافع عنها ونقول إن هناك تجمعات شبابية فاعلة اجتماعيا وليس سياسياquot;.

ويوضح عبد الباري أن أي تجمع يتم الإتفاق فيه على المبادئ والأفكار يمكن أن يكون أداة للتغير والتطوير، ويضيف: quot;نحن مجموعة من الشباب المثقفين والفاعلين مجتمعيا لدينا من الشجاعة أن نقول للمواقف الخاطئة إنها خاطئة من خلال فعاليات يسمونها العصيان المدني بشكل أو بآخر ولكنها في الحقيقة فعاليات أجازها لنا القانون لنقول رأينا بصراحة وبنوع من المواجهةquot;.

ويرى عبد الباري أن هناك تراجعا لوضع الشباب وأنه لا يوجد تمثيل لهم في قيادة الأحزاب ولا في العمل السياسي ولا الوزارات ولا الأجهزة الامنية، وهم مجرد أدوات، ويتابع: quot;إذا أراد الشباب القيام بثورة جماهيرية أو فكرية أو ثورة أنشطة سلمية كي يطالبوا بالإنتخابات وبنظام ديمقراطي فنحن مع هذا الشيءquot;.

ويبين أن اصحى تخوض الآن صراعا قانونيا مع الحكومة، فيقول: quot;ليس هناك وجود للمبادرات الشبابية في القانون وإنما أي جهد تطوعي يسجل تحت بند إما منظمة غير حكومية أو جمعية أهلية لذلك نحن نحاول اثبات أن هناك وجودا للمبادرات الشبابية ولا يجب أن تكون مسجلة وموافقا عليها من أجهزة الأمن ووزارة الداخليةquot;.

ويقول عبد الباري إن اصحى تؤمن بأن القانون هو الذي يجب أن يحكم، وأنه يمكن تجاوز العادات والتقاليد، ويتابع: quot;لقد عبرنا عن وجهة نظرنا بشكل صريح في عدة منعطفات وكنا أول المبادرين لتنظيم اعتصام عندما تم الإعتداء على إحدى المؤسسات الأهليةquot;.

ويضيف: quot;في الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي كنا التجمع الشبابي الوحيد الذي وضع صندوقا على باب المجلس التشريعي تحت المطر وقمنا بدعوة الجماهير الفلسطينية للمشاركة وقد كتبنا على صندوق رمزي للإنتخابات بشكل واضح لا للانقسام ونعم للانتخابات، وقد واجهنا صعوبة ولكن نجحنا في تنفيذ الفعاليةquot;.

ويشير إلى أنهم يدعون الى صحوة شبابية وفكرية تحث الشباب على معرفة ماذا يريد وإلى أين يتجه مستقبلهم حتى يستطيعوا المطالبة بحقوقهم، ويقول: quot;لقد قمنا بعمل مسودة قانون لتنظيم عملنا وأرسلناها إلى وزارة الثقافة وأيضا وزارة الداخلية على اعتبار أنها الجهة المنفذة، ولكنهم رفضوه باعتبار أنه مسيء لهم، ويضيف: quot;في آخر مرة وجهوا إلينا رسالة عنيفة مفادها أنه من لم يلتزم بالاطار الثقافي الفكري والخطوط العريضة إتحاد المجموعات الشبابية الذي أنشأوه فلن يتم الاعتراف بهم كجسم مصرح له بالعمل داخل قطاع غزة، ونحن سنواجه ذلك ديمقراطيا ولا نريد أن نفقد أدواتنا في التعاطي مع المجتمعquot;.

ويتمنى عبد الباري وزملاؤه في اصحى أن يكون لهم دور فاعل لتطوير الحياة المجتمعية والديمقراطية والمدنية في المجتمع الفلسطيني، ويضيف: quot;إذا أصبح مجتمعنا مثاليا لن يكون هناك ضرورة للجانب الحركي في اصحى ويبقى الوضع محصورا بيننا كمجموعة أصدقاء مثقفين نقوم بقراءة بعض الكتب والمقالات في الوسط الثقافي ونتدارس بعض الأمورquot;.

مبادرة شبابية وليس انقلابا

إباء رزق أحدى أعضاء حركة اصحى quot;عدسة ايلافquot;
إباء رزق 20 عاما وهي أحد أعضاء حركة اصحى الشبابية تقول إن انضمامها إلى اصحى كان لإيمانها القوي بأن العمل الجماعي أقوى وأكثر فاعلية من العمل الفردي، وتضيف: quot;نحن حركة مسالمة، نسعى للتغيير، وندعم الإنسان مهما كان تفكيره أو توجهه السياسي، ونحن حركة اجتماعية بالدرجة الأولىquot;.

وتفتخر إباء لأن من بدأ فكرة اصحى وقام بتأسيسها هي مجموعة من الفتيات، وتضيف: quot;كانت الفكرة بسيطة إلى أن كبرت شيئا فشيئا، ورغم أن هناك وجودا كبيرا للشباب داخل اصحى إلا أنني افتخر بأن للفتيات دورا فعالا فيها، وهناك تعاون كبير بين الشباب والفتياتquot;.

وتؤكد إباء أنهم لن يتركوا المجال لغيرهم كي يدافعوا عنهم، ولكنها توضح: quot;التغيير في مجتمعنا الفلسطيني ليس صعبا بل يكاد يكون مستحيلا، ولكننا طالما بدأنا من تلقاء أنفسنا، وقمنا بالإنضمام إلى مجموعات تحقق لنا أهدافنا التي نسعى لها فإن العملية ستكون أسهل وأسرع من أن العمل بشكل فرديquot;.

وترى إباء أن أكثر ما يعزز صمودها للقيام بفعل ما داخل اصحى هو احترام إنسانية الإنسان، وتقبل الإختلاف، وممارسة الديمقراطية، وتتابع: quot;نريد أن نوقظ الأغلبية الصامتة عن الوضع السياسي والإجتماعي والإقتصادي، والصامتين عن الظلم والإستعباد، ونريد أن تنهض الفتيات جميعا لتغيير نظرة المجتمع لهنّquot;.

وتشعر إباء بالألم لكثرة سؤال الأجهزة الأمنية عن حركة اصحى، وتقول: quot;لا يعقل أن تكون الفكرة بأن كل تجمع شبابي أو مبادرة تهدف إلى التغيير هي انقلابquot;. وتضيف: quot;إذا استمر الموضوع وتصاعدت وتيرة احتجاجاتنا السلمية وتعرضنا للأذى فأنا مستعدة للتضحية، لأننا بالفعل واجهنا بعض العقباتquot;.

نرفض المتاجرة بأهداف الشباب وتطلعاتهم

نبيل دياب منسق قطاع الشباب في شبكة المنظمات الأهلية والتي تضم وتمثل في عضويتها 162 منظمة أهلية مختلفة التخصصات، يمثل قطاع الشباب منها 23 منظمة شبابية، يقول في حديثه quot;لإيلافquot;: quot;المبادرات الشبابية ازدادت مؤخرا بسبب تعقيدات الوضع السياسي والاجتماعي وشعور مجموعة من الشباب بالظلم الاجتماعي الواقع عليهم نتيجة الحالة الفلسطينية القائمة، ما دفعهم إلى تشكيل مجموعات تحمل مسميات مختلفة وتأخذ على عاتقها القيام بأنشطة لإحداث نوع من التغيير في المجتمع الفلسطيني الذي لم يعد يحتمل المزيد من الانقسامات والاجتهادات المختلفةquot;.

ويشير دياب إلى حق الشباب في ممارسة عملهم السياسي والمجتمعي في إطار القانون الذي كفل لهم ذلك ويوضح: quot;لا يجوز للشباب بالتحديد إلا أن يستخدموا الوسائل الديمقراطية أولاً لأنها تحافظ على التماسك المتبقي من نسيجنا الإجتماعي والوطني وثانيا على الشباب أن يدركوا بأن القانون الفلسطيني وليس قانون غزة أو رام الله قد كفل لهم حق التجمع والتعبير عن رأيهم بالوسائل السلمية وبالطرق الديمقراطيةquot;.

ويتابع: quot;لربما يتعرضون للقمع مرة وللمضايقة مرة أخرى ولكن ذلك سيكون في إطار التعدي على الحريات العامة وسلب الناس حرياتهم وبالتالي فإن على الشباب أن يستمروا وينزلوا الى الشارع وأن يعلوا بكلمتهم وصوتهم لأن العملية بالأساس تراكمية وعليهم أن يتمسكوا بما كفله لهم القانون الفلسطيني، ونقول إن الماء الراكد لا يتحرك إلا بعد إلقاء الحجارة فيهquot;.

ويرى دياب أن أي تغيير لابد أن يحدث داخل الإطار، وأن هناك حاجة لمزيد من نظم العمل الشبابي ويتابع: quot;لا يجوز أن نقف على أعتاب الإطار ونكيل الاتهامات أو نسجل الأخطاء لهذا أو ذاك، ونحن نقبل أن يكون هناك عمل مشترك ومبرمج حتى لا نقع في الأخطاء، ويجب علينا ترسيخ مفاهيم قانونية ضمن النظام بغض النظر عن الحالة الفلسطينية القائمةquot;.

وتساءلت quot;إيلافquot; عن المؤسسات والإتحادات التي تود أن تؤطر وأن تجمع المبادرات الشبابية تحت مسميات مختلفة، فقال دياب: quot;نرفض أي شكل من أشكال الإجتهاد في تكوين أطر بغض النظر عن الأهداف التي ستؤسس من أجلها، ونرفض الإستقطاب السياسي وتجيير العمل الشبابي تحت مسمى الضم وعلى قاعدة التأطير الفئوي الضيق،
فلا يجوز أن يتم المتاجرة بأهداف الشباب وتطلعاتهم من أجل خلق أجسام موازيةquot;.

ويضيف: quot;ذلك يأتي في إطار حالة تداعيات الإنقسام والإستقطاب السياسي الحاد، والأصل في الموضوع أن نجنب تداعيات الانقسام كل قضايا الشباب والقضايا الخدماتية من صحة وتعليم وكل ما يرتبط بمصير الناسquot;.


نبشر بمجتمع فلسطيني جديد

أسعد الصفطاوي أحد أعضاء يوتوبيا quot;عدسة إيلافquot;
إلى جانب حركة اصحى هناك العديد من المبادرات والتجمعات الشبابية، ومنها quot;يوتوبياquot; التجمع من أجل المعرفة والذي انطلق في غزة بعدما حانت لحظة انفجار البركان الفلسطيني حمما إبداعية كانت تختمر في باطن المخيم والقرية والمدينة الفلسطينية.

أسعد الصفطاوي أحد أعضاء يوتوبيا يقول quot;لإيلافquot;: quot;لم يكن حُلمنا باليوتوبيا سهلا ولا قريب المنال ولا من منتجات الصدفة وحدها، لأننا نؤمن بأن ما تأتي به الرياح تأخذه الرياح، أما الذي يبقي وينفع الناس فيحتاج إلى عمل دؤوب متواصلquot;.

ويتابع: quot;تأتي ولادتنا كتجمع شبابي في فترة مخاض فلسطيني صعب على كافة الصعد، في الوقت الذي يراودنا فيه كشعب quot;حلم فلسطينيquot; يتمثل في دولة فلسطينية ديمقراطية حرة ذات سيادة ومستوى ثقافي واقتصادي عالٍ وتسودها قيم المجتمع المدني والعدالة الاجتماعيةquot;.

ويبشر شباب يوتوبيا بمجتمع فلسطيني جديد، ينطلقون منه نحو مجتمع أفضل quot;يوتوبياquot;، حيث يقول أسعد الصفطاوي في هذا الإطار: quot;نسعى إلى إعلاء قيمة المعرفة كخلاص شامل للمجتمع من مشاكله المزمنة، وتعزيز مفاهيم المجتمع المدني من حقوق إنسان وديمقراطية، وتعزيز الوحدة الوطنية من خلال نشر ثقافة الاختلاف والتعاون مع الآخرquot;.

ويضيف: quot;نحاول أن نساهم ونؤثر في موضوع المصالحة ونركز على دور المثقف الفلسطيني، لاسيما أننا نمر بمنعطفٍ تاريخي صعب فقد به المواطن الفلسطيني البوصلة، ونسعى للتأثير المرغوب لتجاوز الماضي وحالة الانفراد بالقرار الفلسطيني والارتهان لبرامج أحاديةquot;.

ويوضح الصفطاوي بأن الدور السياسي طغى على الدور الثقافي بشكل كبير، ويضيف: quot;كان المثقف في السابق هو من يسيّر السياسي، ولكن ما يحدث الآن هو العكس، فعلى سبيل المثال عندما كان أبو عمار يخطب بالثوار كان يستعين في خطاباته بما يقوله الشاعر محمود درويشquot;.

ويعتقد الصفطاوي أن التغيير يأتي من الناس وليس من الحكومة، فيقول: quot;شبح التكرار يلاحقنا حيث إنكل من أراد الإحتجاج يقف ويرفع اليافطة أمام المجلس التشريعي، أما نحن فسندعو الناس أنفسهم إلى التغيير، وإذا ما اعتقدت الحكومة أن ذلك إنقلاب فأنا ليس لدي مشكلة لأننا لا نقف ضدها، وكل ما سنطلبه هو إبراز دور المثقفquot;.