في خطاب شديد اللهجة وللمرة الثانية بعد أمره بتشكيل لجنة لتقصي أسباب كارثة 2009، وجه العاهل السعودي الملك عبدالله قطاعات الدولة بتوفير تعزيزات شاملة للحد من الأضرار التي خلفتها أمطار جدة، وطالب المسؤولين بسرعة بالتدخل وإنهاء الأزمة، متوّعدًا المقصّرين بالعقاب الشديد.


جدة: بعد مرور عامعلى كارثة سيول quot;الأربعاء الأسودquot; وأمر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتشكيل لجنة تقصي للحقائق في الكارثة التي ذهب ضحيتها أكثر من 130 شخصًا، يعود الملك عبدالله ضاربًا موعدًا جديدًا في خطاب شديد اللهجة للمسؤولين السعوديين بعد أمطار اليوم الأربعاء التي شلت الحياة تمامًا في المدينة.

وطالب الملك عبدالله في خطابه الموجه لولي عهده الأمير سلطان وأمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل وعدد من الوزراء في قطاعات الدولة ومنها المالية، بالاعتماد الفوري ودون أي تأخير للبدء بشكل عاجل quot;بتوفير كل التعزيزات للحد من تلك الأضرار خاصة وأن الأمطار مترقب استمرارها في الأيام القادمةquot;.

وتوعد العاهل السعودي في الأمر الملكي الجهات المقصرة بالعقاب الشديد، وقال quot;على جميع الجهات المختصة العمل ليلاً ونهارَا لإنهاء هذا الأمر ومن يتهاون في هذا الأمر الخطير فيحاسب بشدة، ويرفع لنا أولاً بأولquot; مطالبًا وزير المالية باعتماد صرف المبالغ اللازمة لتوفير كل الإمكانات والتعزيزات بشكل فوري.

ولم تكن اليوم عروس البحر الأحمر كما كان يطلقها عليها الرحالة وزوارها بذات الجمال الذي كانت عليه في نظر السعوديين خصوصًا والعرب عمومًا، فالمدينة التجارية الأولى على المستوى المحلي بالسعودية والخليج، أعادت اليوم quot;سيناريوquot; حكاية الألم بعد عام من الكارثة التي حلت في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2009 وانتهت بتشكيل لجنة لتقصي أسباب الكارثة التي استدعت فيها عددًا من كبار رجال الأعمال والمسئولين السابقين والحاليين، وسلمت نتائجها للعاهل السعودي قبل أن تعلن نتيجة التحقيقات.

وذكرت مصادر لـquot;إيلافquot; أن طيران الدفاع المدني أجلى أكثر من (300) شخص من أحياء شرق جدة المتضررة، وذكر المصدر أن عددًا كبيرًا من الاتصالات يقدر بالمئات ترد إلى مقر غرفة العمليات بجدة طلبًا للإجلاء والإنقاذ من احتجاز المياه لهم في الطرقات وفي المنازل بشرق المدينة وعدد من أحياء وسطها.

وذكر عدد من شهود العيان لـquot;إيلافquot; أن قصر الضيافة في جدة التابع للديوان الملكي فتح أبوابه لإجلاء المتضررين، الذين لم يصلوا حتى الساعة إلى منازلهم، نظرًا لتوقف الحركة المرورية في 80% من شوارع المدينة وفق ما ذكره المتحدث الرسمي لإدارة المرور. فيما فتحت بعض من قاعات الأفراح أبوابها لاستقبال النازحين، في ظل دعم غذائي وإغاثي تقوم به عدد من النساء بالمنازل المجاورة لقصور الأفراح.

وفيما لم تعلن القطاعات الرسمية المختصة عن أية أرقام أو وفيات نتيجة هطول الأمطار والسيول، إلا أن عددًا من شهود العيان ذكروا لـquot;إيلافquot; أن فرقا من الغواصين انتشلت quot;جثثاquot; من أنفاق غمرتها السيول.

وأشارت المعلومات الأولية عن وجود احتجازات بين طلاب وطالبات جامعة الملك عبدالعزيز حتى ساعة إعداد هذا الخبر، الأمر الذي دفع بإدارة الأمن والسلامة بالجامعة إلى إخلاء الأدوار الأرضية في بعض المباني التي تعرضت لارتفاع منسوب المياه فيها.

وفي الوقت الذي أوضح فيه وكيل الجامعة للشؤون التعليمية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن اليوبي لـ quot;إيلافquot; أنه تم تأجيل الاختبارات حرصا على سلامة الجميع، دون أن يحدد موعًدا للاختبارات البديلة، أكد عميد القبول والتسجيل بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عبدالفتاح مشاط أن الطلاب المتواجدين الآن محتجزين احترازيًا داخل أسوار الجامعة من اجل سلامتهم، مؤكدًا أنهم في أمان وسيتم إخراجهم حين تحسن الأوضاع. كما طال الاحتجاز موظفات التلفزيون السعودي بمقر عملهم في برج التلفزيون بمدينة جدة نتيجة ارتفاع منسوب مياه الأمطار عن الدور الأرضي بالمبنى.

وعلمت quot;إيلافquot; من مصادر خاصة عن وجود إصابة بين أحد أفراد الدفاع المدني نتيجة اختناقه بدخان حريق محدود وقع بأحد المجمعات التجارية بجدة، بعد أن أخلت فرق الإنقاذ مرتادي السوق صباحا. إلى ذلك، سجل انهيار كامل في سد حي (أم الخير) شرق مدينة جدة، وطائرات الدفاع المدني تجلي سكان الحي وحي (قويزة)، في وقت أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني أن حركة الطيران بالمدينة ما زالت مستمرة ولم تتأثر بسقوط الأمطار.

وأشارت تقارير الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إلى استمرار هطول الأمطار الغزيرة على مدينة جدة مصحوبة برياح شديدة، مع احتماليه استمرار هذه الظاهرة لتشمل الضواحي الشمالية الشرقية للمحافظة فيما جدد الدفاع المدني، تحذيراته للجميع بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن المناطق المغمورة بالمياه والبقاء داخل المنازل قدر الإمكان وعدم عبور المناطق المغمورة والجارية.

وكانت المديرية العامة للدفاع المدني بالسعودية قدأعلنت أمس الثلاثاء السكان بالمدينة إلى أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية والسيول خلال هذه الفترة. كما نوهت بخطورة السيول المنقولة والتي تأتي من مناطق ممطرة إلى مناطق جافة، فيفاجأ بها قاطنو الأودية والمتنزهون لما لها من مخاطر وأضرار على الأرواح والممتلكات، نظرًا لتوقع تكون سحب رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة على مناطق المملكة.

يذكر أن مدينة جدة تعرضت في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2009 إلى كارثة كبرى سميت بـquot;تسونامي جدةquot; قتل فيها أكثر من 130 شخصًا، وهو الأمر الذي أمر بعده العاهل السعودي الملك عبدالله بتشكيل لجنة تقصي للحقائق.

وبعد عام من الكارثة الأولى تعود جدة إلى كارثة جديدة اليوم متذكرة quot;الأربعاء الأسودquot; الشهير الذي لم تعد تفرح فيه حتى بمجرد هطول مطر يسقي أرضها، بل جعلت كل سكانها متابعين لنشرات الطقس خلال أيامها حتى لا يكتب لها فقد فرد تعده للمستقبل ليسهم في حل مشاكل مدينة صنفها الكثير أنها تعج بمشاكل بلدية بـquot;الفطرةquot;، مع اعترافات لجهات حكومية بالتقصير في مدينة تعد أقدم وأهم المدن في السعودية.