فيما يحذر مراقبون من إمكانية تحول الساحة السياسية المصرية إلى نسخة لبنانية تطرح التساؤلات عن إحتمالات سقوط مبارك.


واشنطن: يقتضي الجواب على هذا السؤال وضع جملة من الإفتراضات والإحتمالات وقد يأتي الجواب قابلا بأن تكذبه مجريات الأحداث على الأرض في مصر في أي لحظة. بحكم عوامل خارجية لا تدخل في إطار اللعبة السياسية الجارية.

ولذلك فإن إحتمالات سقوط الرئيس المصري حسني مبارك وإن كانت واردة بصورة كبيرة لكنها قد لا تتم بنفس الأسلوب والسرعة اللذان تمت بهما في تونس.

ولأن الموقف الأميركي يعتبر حاسما ومهما في تحديد مسار الأحداث بمصر خلال مرحلة ما بعد الإنتفاضة وبحكم الحرج الذي يلف موقف واشنطن فمن المتوقع أن يتحول مسار الأحداث في مصر من ثورة شعبية إلى أزمة سياسية قد تطول لأشهر كثيرة ليسقط حسني مبارك تلقائيا ودون خروج مذل كما كان عليه خروج بن علي من تونس.

ولتوضيح ملامح الحرج الأميركي قبل تداول لخيارات كيفية تنحي مبارك ما دام سقوطه قد تم على الأقل من الناحية العملية.

فالموقف السعودي ،الداعم علانية لمبارك، يلعب دورا حاسما ومؤثرا في حيرة وتخبط واشنطن بين دعم حسني مبارك وإرضاء السعودية ( الحليف النفطي والمالي القوي ) أو إقناع السعودية وتل أبيب بدعم محمد البرادعي وهو الشخصية الوحيدة التي تتوفر فيها اليوم مواصفات قد ترضي جميع الأطراف الإقليمية بل وحتى الدولية بحكم عمل الرجل السابق كمدير للمنظمة الدولية الطاقة الذرية.

إلا أن بطء الموقف الأميركي و حرص واشنطن على الإستفادة من الوقت مع الترقب والحذر من عدم خروج المباردة من يدها يتجلى في قرب إجراء الإنتخابات الرئاسية المصرية ( سبتمبر/ أيلول 2011) المقبل.

وبما أن سقوط مبارك أصبح امرا واقعا ، فان القرار الأميركي قد يزداد غموضا وبطئا في انتظار تحصيل الحاصل أي خروج مبارك بالطريقة التي أطلقت عليها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التحول التدريجي و السلمي نحو الديمقراطية في مصر.

وهكذا تتفادى أميركا الحرج الذي توجد به الآن.. حرج بين رفعها لشعار التحول الديمقراطي والشفافية والحرية وبين مصالحها مع المملكة العربية السعودية ومصالح حليفتها إسرائيل.

واستنادا على نتيجة هذه القراءة فإن الدعم السعودي لمبارك قد يمنحه القوة السياسية للمغامرة بزج الجيش في قمع الإنتفاضة الشعبية أو على الأقل تنظيمها والسيطرة على مجرياتها ( أسوة بما حدث سنة 1986) فيما تستمر الأزمة السياسية إلى حين حلول موعد الإنتخابات.

قد يبدو ما هذا التصور الأمثل الذي يخدم الرؤية السعودية - الأميركية لكنه السيناريو الأكثر بطئا، فيما تظل هناك إحتمالات أسرع ممكن تخليصها بالتالي:

- إن إحتمال تنحي مبارك اليوم وارد كذلك ولكن بشرط أن تقرر الولايات المتحدة وبالتنسيق مع القوى العظمى بالإضافة للسعودية وإسرائيل دعم مرشح آخر غير عمر سليمان، ويرجح أن يكون محمد البرادعي.

- أن تنتفض قيادة الجيش المصري تحت ضغط الشارع المصري وان لا يسقط الجيش في فخ قمع الإنتفاضة فتعزل حسني مبارك لتترك أمر إستبداله رهينا بما ستسفر عنه إي انتخابات مبكرة. وهو القرار الذي قد يعزوه البعض إذا حدث لضوء أخضر اميركي.

يشار الى ان مراقبين يحذرون بإمكانية تحول الساحة السياسية المصرية وعلى مدى شهور كثيرة إلى نسخة ( مكبرة ) من نظيرتها اللبنانية وأن تدخل على الخط أطراف إقليمية غير السعودية وإسرائيل، كإيران وسوريا مثلا فلكل منهما أوراق يمكن لعبها في خدمة مشروع عربي مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل ( في خدمة إيران ).. وقد بدات علامات هذا الموقف تتضح بكل جلاء فالدعم السعودي لمبارك لن يولد سوى دعما إيرانيا للثورة في شكلها العام إلى حين وجود تيارات تخدم مصلحتها في الداخل المصري كما هو حال حزب الله في لبنان.