جمعة الشلماني مواطن ليبي في السابعة والاربعين من العمر، كان نزيل سجن ابو سليم سيء الصيت في زمن الزعيم الليبي المخلوع معمّر القذافي.ونجا الشلماني من مجزرة وقعت في السجن عام 1996.

الشلماني روى حياته في السجن وما حدث يوم المجزرة لمحرر مجلة شبيغل الالمانية الذي التقاه في بنغازي:

quot;اخيرا استطيع ان أحكي قصتي بعد 15 عامًا من الصمت المؤلم خوفًا من نظام القذافي.كنتُ واحدًا من 14 سجينًا نجونا من المجزرة التي قُتل فيها على وجه الدقة 1206 من رفاقي السجناء في اواخر حزيران/يونيو 1996.

أطلق جلاوزة القذافي النار عليّ وأحالوني معوقًا.حُفرت تلك الأحداث عميقا في ذاكرتي.

حُرمنا من الأكل بالكامل تقريبًا لمدة ثلاثة ايام.وكان الحراس يهينوننا كل يوم.كانوا لا يسمحون لنا بالنوم، ويضربوننا، يبصقون ويتبولون علينا.وفي ذلك الخميس، 27 حزيران/يونيو 1996، غامر احد الحراس بدخول عنبرنا منفردًا.

انفجر غضب السجناء، وانقض عليه ستة رجال.بالكاد أفلحتُ في منعهم من قتله.سحبوه وحبسوه في زنزانة مظلمة كانت تعط برائحة البراز والعفن الكريهة.

قامت فرق تفتيش بتمشيط الزنازين، ولكنها لم تتمكن من العثور على الحارس.ثم تعرض ستة سجناء الى التعذيب حتى الموت، ورميت جثثهم في الرواق.وكانت هناك اعتداءات أخرى يوم الجمعة، ومزيد من القتلى.

أمضيتُ اليوم كله تقريبا في زنزانتي.حتى ذلك الوقت لم يتمكن الحراس من العثور على زميلهم.كان واضحًا عندي انهم سينتقمون انتقامًا رهيبًا. تضرعتُ الى الله طالبا الرحمة.

في يوم السبت انطلق مكبر الصوت في الساعة السادسة صباحًا يأمرنا بالخروج لغرض التعداد.لم يحدث ذلك قط من قبل.عثروا على الحارس ميتًا.وصرخ بنا حراس مسلحون ان نخرج الى الباحة.وركلني احدهم على اعضائي التناسلية، فوقعت متكورًا من الألم.

سرتُ متعثر الخطى، مشوشًا عبر الممرات، ثم خرجت الى الباحة.انفجرت قنبلة يدوية على بعد أقل من 15 مترًا أمامي وعلى يميني.كان الدم في كل مكان.وفكرتُ للحظة ان هذه ثورة السجن التي كنا ننتظرها.لكنني لاحظتُ ان القنابل اليدوية كانت تنهمر من فوق.كان مسلحون يقفون على سور السجن.كان منهم اكثر من 100 بلا شك.صاحوا quot;يا الله! اقتلوا الكلابquot; وفتحوا النار على السجناء المحتشدين.

وطغت موسيقى صاخبة من المارشات العسكرية على هذا الجحيم.أُصبتُ بطلقة في كعب قدمي.وفيما كنتُ استجمع آخر ما تبقى عندي من قوة للزحف داخل الرواق، كانت المجزرة مستمرة.أُغمى عليّ.وحين فتحتُ عيني كنتُ ممدًدا على نقالة. دفعني احد الحراس داخل سيارة اسعاف.لم يكن من الحراس القساة.قال لي ان اتظاهر بالموت.وكانت غالبية سيارات الاسعاف لا تنقل إلا الموتى في ذلك اليوم.

التقيتُ 13 ناجيًا آخر في المستشفى.قيل لنا ان نقسم ألا نقول شيئًا عن الجريمة الجماعية، وإلا فانهم سيقتلون عائلاتنا.أُفرج عني في عام 2006 ولكن هذه اول مرة يتسنى لي الحديث عن ذلك.