من تظاهرات ثورة 25 يناير في ميدان التحرير

أطلقت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها quot;الحرية والعدالةquot; العديد من التصريحات النارية في الأسابيع الماضية ضد المجلس العسكري، وإنتقدت بشدة طريقة إدارته للمرحلة الإنتقالية، وهددت بالقيام بثورة ثانية في حال عدم الوفاء بإلتزاماته التي قطعها على نفسه وسلم السلطة إلى المدنيين.


فسّر مراقبون التصريحات الأخيرة التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين بأنها تدل على انتهاء شهر العسل بين الجماعة والمجلس العسكري، بعدما كانت العلاقات بينهم طيبة طوال الأشهر الماضية، ووصلت إلى حد اتهام الإخوان بلعب دور الحزب الوطني.

وقد تركت هذه التصريحات تساؤلات مهمة حول أسباب تصعيد الإخوان من لهجتهم في هذا الوقت، تحديدًا ضد المجلس العسكري.

أخطر التصريحات

كانت البداية بتصريح عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذي قال فيه إن الإخوان سيعارضون المجلس العسكري، إذا تبنى الدستور أولاً، وقال العريان quot;إن الجماعة ستعارض المجلس الأعلى للقوات المسلحة إذا تبنى وضع الدستور أولا قبل الانتخاباتquot;.

وأضاف: quot;نقول له إنه إذا غيّر في خريطة الطريق، التي حددها الإعلان الدستوري، سنكون أول من يقف ضده، لأن جوهر الاستفتاء موجود في الإعلان الدستوري، رغم بعض التغييرات في المواد التي تم الاستفتاء عليهاquot;.

ثم أطلق سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، تصريحات لاحقة، قال فيها إن المبادىء فوق الدستورية وتأجيل الانتخابات خط أحمر، ولن يسمح بضم فلول الوطنيإلى القوائم الانتخابية للأحزاب.

وكان التصريح الأخطر على لسان قيادي إخواني في الإسكندرية حذر فيه المجلس العسكري من محاولة الانقضاض على الحكم، لأن الإخوان مستعدون لتقديم quot;شهداء جددquot; حسب تعبيره.

أما صبحي صالح، عضو لجنة تعديل الدستور، فقال إن المجلس العسكري حدد سلطاته في إدارة شؤون البلاد لمدة ستة أشهر فقط، إلى حين إجراء الانتخابات، وأقرّ بأن السيادة للشعب وحده، وبالتالي فهو لا يملك أيضًا سلطة إصدار تلك المبادئ، حيث يعد ذلك اغتصابًا لإرادة الشعب، لأن سلطات المجلس العسكري محصورة في 11 سلطة، وفقًا للإعلان الدستوري، ليس من بينها إصدار تلك المبادئ.

وأخيرًا تهديدات الإخوان بالخروج بمليونية ضد المجلس العسكري، إذا أصرّ على إجراء الانتخابات البرلمانية من دون تعديل في قانون الانتخابات، وتحديدًا إلغاء المادة الخامسة من القانون، والتي تحرم الأحزاب من الترشيح على الدوائر الفردية.

إنتقادات

محمد العزوني - أحد شباب الإخوان - أكد أن هذه التصريحات هي انتقادات شديدة اللهجة، وليست هجومًا على المجلس العسكري، وهي شكل من أشكال الضغط، حتى يوفي الجيش بالتزاماته تجاه الاستفتاء الشعبي على الإعلان الدستوري، بعدما ظهرت رؤى داخل المجلس تؤيّد تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو الاستفتاء الذي وجد توافقًا من الغالبية، ويجب احترام نتيجته، حتى وإن تعارض مع مبادئ البعض.

وأضاف العزوني لـquot;إيلافquot; أن جماعة الإخوان المسلمين مازالت حتى الآن تساند المجلس العسكري، بهدف أن تمرّ المرحلة الانتقالية بسلام، ولكن ما حدث أن المجلس أخذ اتجاهًا من شأنه الالتفاف على مطالب الشعب، وسيكون هناك نوع من عدم المساندة، مشيرًا إلى أنه يبدو أن المجلس العسكري يريد البقاء في السلطة، من خلال تلميحات بتأجيل الانتخابات، وفرض قانون الانتخابات بشكل معين.

وعن تصريح أحد أعضاء المكتب الإداري للإخوان بتحذيره للمجلس العسكري من محاولة الانقضاض على الحكم، أوضح أنه ليس من المسؤولين الكبار في الجماعة، إلا أن عدم التعليق عليها داخل مكتب الإرشاد بالسلب أو الإيجاب، يعني رضا قيادات الإخوان على هذه التصريحات، بهدف تذكير المجلس العسكري بضرورة عدم الالتفاف على مطالب الشعب.

ونفى العزوني ما يتردد عن وجود صفقة بين الإخوان والمجلس العسكري، تم نقضها، بما يعد مبررًا للانتقادات الموجهة إلى المجلس العسكري في الآونة الأخيرة، مؤكدًا أن الإخوان لا يعقدون صفقات مشبوهة، ولكن ما حدث من قبل الإخوان بتغيير لهجة الخطاب يأتي في إطار تحقيق مكاسب الوطن العليا.

ليست تهديدات

في السياق نفسه،كشف محمد الشافعي - من الإخوان - لـquot;إيلافquot; أن سياسة المساندة التي اتبعتها الجماعة مع العسكري في أعقاب الثورة كانت بهدف إعطاء الفرصة والوقت له، من أجل الوفاء بوعده تجاه الشعب في تحقيق مطالبه، ورغم ذلك فهي ليست تهديدًا، وإنما تذكير بالشرعية التي أخذها من خلال الثورة، وأن عليه الالتزام بما أقرّه من قبل بتحديد فترة إدارته لشؤون البلاد لستة أشهر فقط، والتي تنتهي في أواخر الشهر الحالي، كذلك الإسراع في إجراء الانتخابات البرلمانية.

تفتيت القوى السياسية

ويرى محمد نور من الإخوان لـquot;إيلافquot; أن المجلس العسكري أفلح من بداية الثورة في جذب الإخوان إليهم، من أجل تفتيت صفوف القوى السياسية، وتحقق ما أراد، ولكن الإخوان قد فهموا ذلك أخيرًا، وأدركوا أن المجلس العسكري استغنى عن القوى الوطنية، ولكن حدث بعدما فقدوا الكثير من ثقة الشارع، ولذلك خرجت تلك التصريحات، لكي تعلن الجماعة عن وجودها، ونفي ما يقال عنهم، وتأكيد وجهة نظر الإخوان بأن الانتخابات البرلمانية هي المطلب الأساسي للخروج من هذا الانفلات السياسي.

لا فائدة من الإنتقادات والتهديدات

وقال محمد حبيب القيادي الإخواني السابق لـquot;إيلافquot; إن تصاعد لهجة الإخوان ليس لها فائدة مثل عدمها، مشيراً إلى أن تلك الطريقة لن تغير من خطة المجلس العسكري في إدارة الفترة الانتقالية وإعطاء ظهره لمطالب الشعب والثوار والقوى السياسية، والتي فقدت توحدها، وانقسمت، ففقدت قدرتها بالضغط على المجلس العسكري بتنظيم مليونيات هي الوسيلة الوحيدة لتلبية مطالب الثوار.

وطالب قيادات الإخوان بالتوضيح للناس أسباب تصعيد اللهجة في هذا الوقتتحديدًا، وإن كانت إجاباتهم ستكون حرصًا على تنفيذ ما جاء في الإعلان الدستوري، فنقول لهم أين كنتم خلال الشهور الماضية من هذه اللهجة، رغم أن المجلس العسكري لم يلبّ الكثير من مطالب الثوار.

وأضاف أن تصعيد اللهجة الإخوانية الآن لن يسبب تهديداً للمجلس العسكري لأنه أصبح حرًا، ولا يحتاج من يلعب دور المساند له، بعدما أعطته القوى السياسية الفرصة بالانقسام والبحث عن المصالح، نافيًا وجود صفقة بين الإخوان والمجلس العسكري منذ الثورة، بدليل ما يحدث الآن من تصعيد التصريحات الأخيرة للقيادات الإخوانية.

علاقة مصالح

كما يؤكد محمد منصور أستاذ العلوم السياسية لـquot;إيلافquot; أن علاقة المصلحة هي السائدة بين الإخوان والمجلس العسكري، وأن كلاً منهما استفاد من الآخر، فالمجلس العسكرى استطاع من خلال الإخوان التصدي للليبراليين وائتلافات الثورة، في حين استفاد الإخوان بتأسيس الحزب والاعتراف بهم كقوة أساسية في الحياة السياسية في مصر، نافيًا أن تكون علاقة المصلحة قد انتهت، بدليل رفض مشاركة الإخوان في جمعة استرداد الثورة، وهناك أجندات تحتاج تواجد هذه العلاقة.

وأرجع تصاعد لهجة الإخوان أخيرًا ضد المجلس العسكري إلى رفض قانون مجلس الشعب لتعارضه ومصلحة الأخوان نحو مخطط الوصول إلى السلطة من خلال السيطرة على غالبية البرلمان المقبل.