اعتزم القيادي في جماعة الأخوان المسلمين عبد المنعم ابو الفتوح الترشحإلى الانتخابات الرئاسية المصرية رغم تعّهد الجماعة عدم تسمية مرشّح عنها. ويعتبر مراقبون تهديد الجماعة بطرده تكتيكاً لتبديد أي مخاوف من وجود مخطط اسلامي للسيطرة على الحكم، كما اعتبروا ترشحه مؤشراً على انقسامات داخلية.

يرى مراقبون ترشح ابو الفتوح رغم معارضة الإخوان المسلمين مؤشرا على الإنقسامات الداخلية للجماعة

قرر القيادي في جماعة الأخوان المسلمين عبد المنعم ابو الفتوح الترشحإلى الانتخابات الرئاسية المصرية على الضد من معارضة الجماعة التي ينتقد علنا العديد من مواقفها. ولاحظ مراقبون ان ترشح ابو الفتوح بدلا من التعبير عن قوة الجماعة بوصفها أحسن الحركات السياسية المصرية تنظيما ، يؤكد ما فيها من انقسامات داخلية. وان روح الوحدة التي سادت في زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك تراجعت وأخذت تنظيمات مختلفة خرجت من رحم الجماعة تنتقل الى موقف وسطي بينها حزبان سياسيان وقطاع واسع من شبان الاخوان.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ابو الفتوح (59 عاما) القول انه اكثر ليبرالية بالنسبة إلى الاخوان.

ويرى اسلاميون وليبراليون ان ابو الفتوح هو النسخة المصرية من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي ينتمي في اصوله الى الاسلام السياسي لكن سياساته تنادي بالتسامح والتعددية. وعلى غرار العديد من الاسلاميين المعتدلين يذهب ابو الفتوح الى ان على الذين ينخرطون في معترك العمل السياسي ان يفكوا الارتباط بانتماءاتهم الدينية مثلما فعل هو في ترشحه للرئاسة لتفادي المساومة على رسالتهم الروحية وتجنب اللاتسامح.

وقال اسلام لطفي القيادي في شباب الاخوان المسلمين واحد المشاركين في الثورة المصرية التي انطلقت من ميدان التحرير ان ابو الفتوح يؤمن بالديمقراطية ويؤمن بالاسلام ، وهو يقبل بالقيم الليبرالية وسيطبق العدالة الاجتماعية. واضاف لطفي ان هذا الاتجاه الجديد منتشر بين الشباب الاخوانيين اساسا ولكنه مع الاقتراب من قمة الهرم ينحسر بين من هم في الخمسينات والستينات من العمر.

واعترف لطفي بأن البعض في جماعة الاخوان المسلمين يقولون ان ابو الفتوح ليبرالي أكثر مما ينبغي ولكنه يصف هؤلاء بأنهم اسلاميون من المدرسة القديمة quot;لا يؤمنون بالديمقراطية أو ببعض القيم الليبراليةquot;.

وبدأ قياديون في جماعة الاخوان المسلمين من الحرس القديم يهددون بطرد ابو الفتوح لخرقه تعهد الجماعة بعدم تسمية مرشح عنها في الانتخابات الرئاسية. ويقول مراقبون إن هذا التكتيك يهدف الى تبديد أي مخاوف من وجود مخطط اسلامي للسيطرة على الحكم. وكان ابو الفتوح نفسه أكد هذا العهد باسم الجماعة في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست قبل ايام على تنحي مبارك.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن القيادي في الجماعة والناطق باسم حزب الحرية والعدالة الذي شكلته الجماعة حديثا عصام العريان ان ابو الفتوح quot;لا تربطه علاقة بنا الآن. ونحن لا يمكن ان نؤيد احدا يخرق قراراتناquot;.

ويتوقع ليبراليون مصريون ان يكون ابو الفتوح مرشحا قويا لأنه يتخذ موقفا وسطيا أو لأنه بمثابة quot;الحلقة المفقودةquot; بين الناخبين الاسلاميين والعلمانيين ، على حد تعبير ضياء رشوان من مركز الاهرام. ولكن الليبراليين منقسمون بشأن قبوله حليفا أو الارتياب بارتباطاته الاخوانية.

وتعود مخاوف الكثير من الليبراليين المصريين والمحللين الغربيين من صعود جماعة الاخوان المسلمين في مصر ما بعد مبارك ، من بين اسباب أخرى ، الى ان الجماعة كانت دائما تراوغ وتحتمي وراء الابهام في طرح رؤيتها بشأن تطبيق الشريعة الاسلامية في اطار دولة مدنية. ويعيد بعض المحللين الغربيين الى الاذهان الثورة الايرانية عام 1979 التي اسقطت دكتاتورا علمانيا ليرثه متشددون دينيون.

واعترف بعض الاخوانيين بوجود أجندة غير معلنة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المرشد العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين مهدي عاكف قوله ان برنامجها الأولي سيُقدَّم من خلال حزب الحرية والعدالة quot;ولكن برنامجنا الكامل لن يُكشف إلا حين نبسط سيطرتنا كاملة ونأخذ الرئاسة ايضاquot;.

ولكن ظهور اسلاميين ليبراليين مثل ابو الفتوح يُخرج السجالات المحتدمة داخل الجماعة حول اجندتها الى العلن.

ويستشهد ابو الفتوح بآيات قرآنية لدعم حق المرأة في رفض الحجاب وحرية المسلمين والمسيحيين في تجاهل تحريم الخمرة وحق المرأة أو غير المسلم في تولي الرئاسة ، وفصل رسالة الجماعة الدينية عن السياسة ومعارضته هو لدعوة الجماعة الى المسلمين ان يدفعوا 2.5 في المئة من دخلهم الى جمعية خيرية مدعومة من الدولة تنفيذا لفريضة الزكاة.

وفي الوقت الذي ينتقد ابو الفتوح الولايات المتحدة لدعمها حكاما دكتاتوريين مثل مبارك فانه معجب بالشعب الاميركي ويعتبر نفسه quot;قريبا جدا من القيم الغربيةquot;. وقال احد معاونيه ان ابو الفتوح يؤيد اتفاقيات كامب ديفيد وحل الدولتين لانهاء النزاع الاسرائيلي الفلسطيني واقامة علاقات وئام بين المسلمين واليهود في المنطقة مستقبلا ، بحسب نيويورك تايمز.

قال ابو الفتوح ان برنامجه الذي يركز على ضمان الحريات الفردية واستقلال القضاء وتطوير قطاعي الصحة والتعليم ، قد لا يبدو شديد الاختلاف عن برنامج حزب الحرية والعدالة الاخواني أو برنامج محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن ابرز القادة الليبراليين. ولكنه يتطلع الى النقاش مع الاتجاهات المختلفة في صفوف الاسلاميين المصريين. وأكد قائلا quot;ان الاسلام يقبل التعددية في المعتقدات الدينية أو السياسية أو الاقتصاديةquot;.