عمان: يؤكد عامر موسى نسيم الكاتب أحد quot;آخر ما تبقى من اليهود في بغدادquot;، بحسرة والم quot;كنا مترددين في ترك العراق لانه المكان الوحيد الذي عرفناه وطنا لناquot;. ونسيم البالغ من العمر 38 عاما هو اصغر من تبقى من اليهود السبعة في بغداد التي كانت في الماضي مركز تجمع المجتمع اليهودي العراقي.
ويقول لوكالة فرانس برس في عمان quot;نحن عراقيون نحب العراقquot; الذي كان اليهود يشكلون فيه قطاعا اقتصاديا ثريا ونشطا لكن معظمهم نزحوا بشكل جماعي بعد قيام اسرائيل منتصف القرن الماضي. وتعرض آخر من تبقى من يهود بغداد لعمليات خطف وابتزاز بعد الغزو الاميركي عام 2003، مما ادى الى رحيل كثيرين منهم املا بحياة جديدة.
ويقول نسيم ان عدد اليهود في بغداد انخفض تدريجيا ليصل الى 59 شخصا قبل سقوط نظام صدام حسين في 2003. وبعد الحرب لم يبق سوى 19 غادر عشرة منهم بمساعدة احدى المنظمات. لكن quot;في 2007 خطف صائغ يهودي زوج طبيبة اسنان من منزله في بغداد واغلب الظن انه قتل بينما تلقى يهودي آخر في 2009 تهديدات بالقتل غادر على اثرها العراقquot;، على حد قوله.
وتابع quot;بعد خروجي من العراق لم يبق سوى ستة اشخاص هم خالي وطبيبة الاسنان وشقيقها طبيب مفاصل يعملان في مشفيين حكوميين وشخص اشبه بمسؤول عن الطائفة يملك محل اقمشة في سوق الشورجة في بغداد ومحاسبة وتاجرquot;.
وكان موقع ويكيليكس نشر في ايلول/سبتمبر الماضي برقية دبلوماسية اميركية جاء فيها ان عدد اليهود العراقيين في بغداد اصبح ثمانية فقط بنهاية 2009. ويقول نسيم الذي تتحدرعائلته من مير بصري الذي اشتهر في علوم الاقتصاد والف كتبا عديدة منها quot;مباحث في الاقتصاد والمجتمع العراقيquot;، ان quot;عددنا انخفض بشكل كبير وقريبا سيأتي يوم لن يظل هناك اي يهودي في بغدادquot;.
وكان العراق يضم زهاء 150 الف يهودي قبل قيام اسرائيل في 1948. غير ان يهود العراق الذين تعود جذورهم فيه الى 25 قرنا نزحوا بشكل جماعي بين 1948 و1951 مع اتساع نطاق اعمال العنف ضدهم في المنطقة بأسرها.
ويوضح نسيم انه quot;في 2003، تم اغلاق آخر كنيس يهودي يقع في البتاوين وسط بغداد الذي كانت تسكنه يوما ما طائفة يهودية نشطة بسبب سوء الاوضاع الامنيةquot;. ورغم ان الكثير من اصدقائه وجيرانه المسلمين يعلمون انه يدين باليهودية، يقول نسيم المولود في بغداد انهم quot;كانوا يتعاملون معي بمحبة ومودة كاي عراقي آخر بدون اي تفرقة لانهم يعرفون اننا عشنا في هذا البلد مسالمين ولم نؤذ احدا ولم نتدخل لا في الدين ولا في السياسيةquot;.
لكنه يؤكد في الوقت نفسه انه كان حريصا على اخفاء هويته ليعيش بهدوء الى اقصى حد ممكن. ومع ذلك، ظل عاجزا عن اخفاء ديانته طوال الوقت لانها مسجلة في بطاقة هويته الشخصية التي يجب ان يبرزها عند أي نقطة تفتيش.
وخلال العنف الطائفي الذي بلغ اوجه في 2006 و2007 حرص نسيم الذي كان يعيش مع خاله بعد وفاة والده قبل خمس سنوات على اخفاء هويته والبقاء داخل حدود الحي الذي يقطنه خوفا على سلامته. لم يتمكن نسيم تاجر الملابس والعطور، من الزواج في بغداد لانه لم يجد من ترتبط به. فآخر زواج شهدته الطائفة داخل العراق كان في 1978.
ويقول ان معظم اليهود الذين بقوا في العراق quot;فضلوا البقاء والموت في العراق حيث ولدوا رغم تلقيهم دعوات مغرية من منظمات دولية للهجرة الى اسرائيل او اي بلد آخرquot;، مؤكدا انه رفض هو شخصيا الهجرة الى اسرائيل.
ويؤكد ان quot;يهود العراق كانوا دائما مظلومين في هذا البلد. ففي اربعينات القرن الماضي تعرضت املاكهم لعمليات سلب ونهب ثم جاء نظام صدام حسين الذي اتهمنا بالعمالة. وعندما رحل تدهورت اوضاعنا بشكل كبير. لم نذق طعم الراحةquot;.
ويتحدث نسيم بمرارة عما آلت اليه اوضاع اليهود في العراق. ويقول quot;كنا اغنياء العراق واملاكنا لازالت ماثلة للعيان وكلهم يعرفون ذلكquot;. ويضيف انه يأمل في ان quot;نتمكن نحن وبقية اليهود العراقيين في العالم من تسوية موضوع الاملاك يوما ما واخذ حقوقنا وحقوق آبائنا واجدادنا الذين خدموا العراق وساهموا في بنائه بجد واخلاصquot;.
وكان وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي تدخل في آذار/مارس 2010 لاعادة منزل عائلة نسيم بعد ان استولى عليه آخرون وحولوه الى حظيرة للماشية. ويقول نسيم ان المنزل العائد لجده المتوفي شيد في عشرينات القرن الماضي في منطقة الباب الشرقي الحيوية وسط بغداد وتبلغ مساحته 600 متر مربع. ومع انه آيل للسقوط واصيب في غارات في 1991 و2003، تقدر قيمته بمليوني دولار على الاقل.
ويحلم نسيم بالسفر الى بريطانيا حيث تقيم شقيقته ووالدته. لكن سفارتها في عمان رفضت طلبه quot;اربع مراتquot;، موضحا انهم يبررون رفضهم بالقول quot;اذا سافرت لبريطانيا من يضمن لنا انك ستعود الى العراق؟quot;.
من جهته، يؤكد كامل الامين المتحدث باسم وزارة حقوق الانسان العراقية ان quot;قضية اليهود ليس قضية اليوم بل قضية تاريخية تعود الى 1948 والعمل المنظم الذي قامت به الصهيونية العالمية لاخراجهم من العراق لزيادة اعدادهم في مكان آخرquot;.
ويضيف أن quot;بقاء هذا العدد الضئيل جدا من اليهود في بغداد سببه الظروف الصعبة التي يعيشها العراقquot;، مؤكدا ان quot;العراق بلد متسامح ولا يعارض وجودهم (...) ولا وجود لاي اجراء رسمي ضدهمquot;. ويؤكد نسيم quot;رغم تشاؤمنا بالاوضاع نحلم باليوم الذي يتمكن فيه كل يهود العراق من العودة وزيارة هذا البلد الذي احبوه وظلوا اوفياء له رغم رحيلهم منذ عقودquot;.
التعليقات