لا شك في أن مقتل العقيد معمّر القذافي سيضيف زخماً جديداً إلى البحث عن الثروة النفطية الطائلة، التي جمعها على مدى 42 سنة في الحكم، ولا يُرى لها أثر في تقدم البلاد على طريق التنمية.
42 عامًا انطوت منذ أن بدأ العقيد معمّر القذافي يحكم ليبيا بالقبضة الدكتاتورية المعتادة في العالم العربي. سيف الاسلام القذافي
على مدى تلك العقود، لم تعد ثروة البلاد النفطية الهائلة بالخير على أهل البلاد، سواء في رفع مستوى معيشتهم اليومية أو في مشاريع التنمية الكفيلة بوضع البلاد في الاتجاه الصحيح نحو اللحاق بركب الأمم المتقدمة.
ولا أحد يعلم حقًا مدى الثروة المعنيّة هنا أو الحدود التي تفصل بين ما يمكن أن يعتبر أموالاً ليبية (تعود إلى خزانة اليلاد) وأخرى يعتبرها آل القذافي أموالاً شخصية. ولكن، وفقًا للصحافة البريطانية، التي تناولت الموضوع من شتى الزوايا، فإن ثمة مؤشرات عامة إلى نوع الأرقام التي تمكّن المرء من التخمين.
فقد بلغت قيمة الأصول التي جمّدتها الإدارة الأميركية بعد اندلاع الانتفاضة على نظام القذافي في فبراير/شباط الماضي قرابة 35 مليار دولار. وفي بريطانيا وضعت حكومة ديفيد كاميرون يدها في ذلك الوقت نفسه على أصول تقدر قميتها بحوالى 12 مليار دولار جنيه (قرابة 20 مليار دولار).
وهذه أموال بدأت واشنطن ولندن بالإفراج عنها بشكل تدريجي لمصلحة المجلس الوطني الانتقالي، المفترض أن يشرف على الانتقال بليبيا من حكم الفرد والدكتاتورية الى الديمقراطية للمرة الأولى على الإطلاق في تاريخها.
ويتعين هنا التنبه الى أن تلك هي الأصول المجمّدة في الولايات المتحدة وبريطانيا فقط، ولا تشمل الأصول والممتلكات والحسابات المصرفية السرية في غيرهما من بقية بلدان العالم. ومن هذه الدول بدأت سويسرا والنمسا وكندا تفعل الشيء نفسه، وهو الإفراج عن هذه الأصول بناء على توجيهات المجلس الوطني الانتقالي.معتصم القذافي
تتمثّل الهيئة الأساسية التي كان آل القذافي يتخذونها مطيّة لحمل أموالهم في ما يعرف باسم laquo;سلطة الاستثمار الليبيةraquo;. وهذا صندوق يبلغ رأسماله 100 مليار دولار ويفترض فيه التصرف في ثروة البلاد واستثمارها كما يوحي الاسم بذلك. لكن الشبهات ظلت تدور حوله منذ زمن بعيد بسبب شبه غياب الحدود داخله بين ما هو للدولة وما هو للقذافي وآله.
وكان بين ما تداولته الصحافة البريطانية وحدها أن مجموعة من المعارضين الليبيين اقتحموا دارًا فخمة في هامبستيد في شمال لندن بعدما رفعت laquo;ديلي تليغرافraquo; النقاب عن أن سيف الإسلام القذافي اشتراها بمبلغ 10 ملايين جنيه (حوالى 17 مليون دولار) وأنه ينوي تأجيرها بحوالى 10 آلاف جنيه (17 ألف دولار) في الأسبوع.
هنيبعل القذافي |
وبالطبع فإن ملكية هذه الدار ndash; مثل عدد من العقارات اللندنية والمتاجر والمكاتب في منطقة الويست إند الفاخرة ndash; لا تعود الى سيف الإسلام بالاسم، وإنما الى شركة يملكها في جزر بريتتيش فيرجن آيلاندز. وهذا بحد نفسه يوضح نوع الأخطبوط المالي، الذي خلقه آل القذافي كقناع لثرواتهم الشخصية.
وهذه ثروات تبدت في أشياء مثل أن سيف الإسلام ndash; الذي تمتع بفضل وضعه المتميّز بصحبة عدد كبير من المشاهير وأصحاب النفوذ في بريطانيا ndash; وأخاه معتصم، الذي قتل مع أبيه، دفعا مئات آلاف الدولارات لنجوم عالميين، مثل ماريا كيري وبيونسيه وآشر، لإحياء حفلات غنائية في مناسباتهم الخاصة كأعياد الميلاد مثلاً.
وفي باريس، اشتهر هنيبعل القذافي بشكل خاص بعدما قبض عليه ليلاً وهو ينطلق بسيارته البورشه بسرعة عالية في الاتجاه المعاكس في جادة الشانزليزيه، وكان مخمورًا تبعًا للصحافة الفرنسية.
التعليقات