في ظل تنامي الحركات الإسلامية في المنطقة بعد الثورات العربية التي شهدتها، من تونس إلى ليبيا إلى مصر وغيرها من الدول، يُطرح السؤال الآتي: كيف يتأثر لبنان بذلك، وهل هناك خوف على المسيحيين في لبنان، وفي مواجهة الإسلام السياسي المتصاعد، ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الأقليات في المنطقة؟.


بيروت: تونس تشهد اليوم أول انتخابات نظيفة في تاريخها، لكنها تخرج من نظام أوغل في العلمانية إلى نظام تتصدره حركة النهضة الإسلامية.

وها هو رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل يعلن عن تحويل ليبيا إلى دولة تلتزم الشريعة الإسلامية، وكذلك الإخوان المسلمون في مصر، فلا شيء يضمن عدم فوزهم الساحق في الانتخابات المقبلة وإدارة شؤون البلاد وفق الشريعة الإسلامية.

في ظل هذا الزمن العربي، زمن الإسلام السياسي، يجد لبنان نفسه على مفترق طرق. أما المسيحيون اللبنانيون فهل من حقهم اليوم أن يقلقوا على تنامي الحركات الإسلامية في المناطق المجاورة؟.

يؤكد فيليب بجاني أن ما يجري في البلدان العربية اليوم ما بعد الثورات يمكن تسميته بشبه الديمواقراطية، لأنه كان هناك دكتاتوريات، وبينها وبين الديموقراطية أصبحت لدينا نقلة نوعية، ولكن ليس للديموقراطية بمعناها الكامل، وأذا ألقينا نظرة إلى الدول العربية، كان هناك حكم دكتاتوري أصبح هناك اليوم حكم إسلامي، ونرى أن الدكتاتورية استبدلت بديانة الدولة في معظم الدول التي حصلت فيها الانتفاضات والتحولات، أي الإسلامية، وهذا ينعكس تشددًا أكثر في الدولة اللبنانية.

رولان خوري يعتبر أن كل الانتفاضات التي جرت كانت بمثابة عيش مشترك في الدولة بين المسيحيين والمسلمين، وسينعكس الأمر أكثر عصبية دينية من قبل الطوائف التي أخرجوها من قبل الدول التي قامت بالثورات، ونلاحظ بدء الثورات المسيحية الإسلامية، إلى أن أفرغوها من العيش المشترك، وأصبحت ذات لون واحد.

ليلى خباز تشير إلى أن هناك خوفًا اليوم على التعددية في لبنان، من جراء الإسلام السياسي الناشئ في الدول المجاورة، علمًا أنه كانت لدينا تعددية في لبنان كنا نتغنى بها، وكنا من القلائل الذين لديهم انتشار في الدول العربية، وكل الثورات تتحدث عنها الصحف بأنها كانت تخلق في لبنان وبوساطة مشرعين مسيحيين أكثر من إسلاميين.
التعددية تختفي في الدول العربية، لتصبح ذا طابع إسلامي وإسلامية بكل ما للكلمة من معنى.

تتخوف أديل حلو على المسيحيين في لبنان على المدى البعيد، حتى على المدى القريب مع عدم وجود احتياط من قبل الفريق الآخر في البلد، فهناك خوف بالطبع على المسيحيين.

تتحدث أديل عن المسيحيين الذين يحلمون باستعادة دورهم الماضي، وكيف تبددت أحلامهم، لأن الدور المسيحي يتراجع حاليًا حتى في لبنان، لأن هناك أهدافًا معينة تصرف عليها أموالاً طائلة في الدول العربية، ويظهر في لبنان أن لا هدف معين او تخطيط لنعرف الى اين سنصل، منها بيع الأراضي من المسيحيين إلى المسلمين، كما حصل في فلسطين، والدول التي تأخذ منحى دينيًا، ومع التفريغ الديموغرافي من مناطق معينة يمكن شراء الأراضي بالأموال وتفريغ المناطق من المسيحيين.

جهاد طرابلسي يرى ان تخوف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كان في مكانه، خصوصًا على مسيحيي المشرق، ولبنان تحديدًا، لان الموقع المسيحي الوحيد الذي لا غاية له، او مصالح شخصية، وهو مؤتمن من دون اي مكسب سياسي على الدور المسيحي في الشرق الاوسط ولبنان تحديدًا.

اما في مواجهة الاسلام السياسي المتصاعد في المنطقة فيمكن لمسيحيي لبنان ان يواجهوا الامر بالانفتاح وبالتكتل لأننا لسنا بعددية معينة، بل نوعية، فالمسيحي في لبنان والشرق هو منارة للجميع، ومؤمن بالسلام والتعايش والمحبة مع الجميع.

فدى طعمة ترى ان لبنان يتأثر بما يجري من حوله لأننا في النهاية مجتمع عربي، وبطريقة أو بأخرى سنتأثر، لأن من سوف يأتي على الحكم في البلدان العربية يلعب دورًا كبيرًا بما يحيط بها خصوصًا لبنان.

عن قيام الإسلام السياسي في البلدان المجاورة وتأثير ذلك على لبنان، تقول انها تفضل لو كان النظام سيصبح علمانيًا، لفصل الدين عن الدولة، فالشعائر الدينية خاصة بالأشخاص، ولكن الدولة للجميع. وتشير إلى أنه لا تقدم وانفتاح وازدهار إلا بفصل الدين عن الدولة.

وتشير الى وعي اللبنانيين وخطورة الامر، لأن اي دين سوف يسيطر على الدولة سيكون متحيزًا، والانجرار اليه سيؤدي الى الشعور بالغبن لدى الفريق الآخر.

ولا ترى خوفًا على المسيحيين في لبنان، لانهفي أيام الأتراك شهدت الطائفة المسيحية الكثير من العذابات، وكانوا يقولون للمسيحي: quot;اشمل يا خنزيرquot;، ولكننا دولة منفتحة ولن نتأثر بما يجري، ولكن اؤمن بضرورة وجود العلمانية والدولة المدنية.

منير سعادة يرى ان حلم المسيحيين باستعادة دورهم الماضي وانهم يسيطرون على كل شيء، وتسلط الدين يجب ان ينتهي، يجب ان نكون دولة موحدة تحترم رأي الجميع، ماذا عن الملحدين، فمنهم أشخاص نابغون لماذا نحجّمهم.

وفي مواجهة الإسلام السياسي المتصاعد، يرى أنه يمكن للمسيحيين أن يواجهوا ذلك من خلال التوحد وعدم التسلط بين القيادات.