نهاية القذافي جلبت الراحة للحكومات الغربية

بيروت: يحتفل الليبيون بمقتل العقيد معمر القذافي، لكن الفرح لا يقتصر على أبناء الدولة التي تحررت من quot;الطاغيةquot;، فالحكومات الغربية ارتاحت لسماع نبأ وفاة الرجل الذي عرف الكثير من أسرارها وتمكنت أخيراً من تنفس الصعداء.

وعلى الرغم من اختلاف الروايات حول كيفية مقتل القذافي، سواء في تبادل لإطلاق النيران مع الثوار الليبيين أو جراء قصف قوات الحلف الأطلسي، تبقى فرنسا وبريطانيا وأميركا من الدول المحظوظة، حتى لو لم تصنع حظها بيدها.

ووصفت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; القذافي بـ quot;الرجل الذي عرف الكثيرquot;، بل وأكثر مما يلزم، مشيرة إلى أنه في حال عثر عليه حياً، كان سيسلَّم إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت بحقه مذكرة اعتقال، جنباً إلى جنب مع ابنه سيف الإسلام، وصهره ورئيس المخابرات العسكرية عبد الله السنوسي، لارتكابه جرائم ضد الانسانية فى أواخر حزيران/يونيو.

واعتبرت الصحيفة انه في حال تمت محاكمة القذافي، فمن المؤكد أنه كان سيكشف عن الكثير من الأسرار، من ضمنها علاقاته الوثيقة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وتفاصيل تعاون حكومته مع أجهزة الاستخبارات الغربية في مكافحة الإرهاب، ومع الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة من السواحل الليبية، ومنح العقود الرئيسية لشركات النفط وشركات البناء الغربية.

وكان القذافي ليقول الكثير في لاهاي، لا سيما وأنه تعاون مع الحكومات الغربية على نطاق واسع وفي كافة المجالات. فالعلاقات بين الاستخبارات الليبية ووكالة الاستخبارات المركزية كانت قوية بشكل خاص في الحرب ضد الجهاديين، وقد عثر باحثو هيومن رايتس على أرشيف من الوثائق السرية يؤكد هذا الأمر.

وأشارت الصحيفة إلى العلاقة الوثيقة التي كانت تربط القذافي برئيس وكالة المخابرات المركزية البريطانية، إضافة إلى مسؤولين في الحكومتين البريطانية والفرنسية. ونشرت صحيفة الـ quot;ديلي ميلquot; رسالة من رئيس الوزراء السابق توني بلير، أرسلت بالفاكس إلى سيف الاسلام القذافي لمساعدته في بحثه لرسالة الدكتوراه التي كان يحضر لها.

وبذلت بريطانيا جهوداً حثيثة، سواء أثناء عهد بلير كرئيس للوزراء، وخليفته غوردون براون، لمبيع المعدات العسكرية، من ضمنها السفن الحربية، إلى النظام الليبي، وأرسلت أفراداً من فريق النخبة الجوية للمساعدة في تدريب قوات القذافي في تكتيكات مكافحة الارهاب.

وفي محاولة للتفوق على بريطانيا في هذا الإطار، دعا ساركوزي العقيذ القذافي إلى باريس في كانون الأول/ديسمبر 2007، للقيام بزيارة رسمية للدولة، وكانت النتيجة مليارات من الدولارات في عقود من ليبيا من قبل الشركات الفرنسية.

وخلال الأشهر الطويلة للثورة الليبية، كانت قوات الناتو تكرر أنها لا تستهدف القذافي وعائلته في تدخلها العسكري، بل تهدف إلى حماية المدنيين، لكن رئيس الوحدة البريطانية في قوات الحلف الأطلسي، ديفي ريتشاردز، قال إن الناتو لا يستهدف القذافي، لكن في حال استهدفت الطائرات فرقاً مقاتلة يقودها القذافي وصادف وجوده في أحد المواقع الذي تقصفه، وقتل جراء الصواريخ، فإن الأمر لن يكون مخالفاً للقوانين.

وأشارت الصحيفة إلى أن موت القذافي في ضربة لقوات الناتو كان سيكون طريقة quot;أنيقةquot; لإنهاء الصراع لصالح الثوار الليبيين، مشيرة إلى أن العديد من قادة الثوار خدموا القذافي بتفان لفترة طويلة وتمتعوا بخيراته وتقديماته، لذلك فالقذافي يعرف عن خطاياهم ما يكفي لجعلهم يقلقون مما قد يقوله أثناء المحاكمة.

وبذلك، فإن مقتل العقيد الليبي على أيدي الليبيين بدلاً من حلف شمال الأطلسي، يجعل طريقة إنهاء الصراع والحرص على موت اسرار القذافي معه quot;أكثر إتقاناًquot; من أي طريقة أخرى.

وختمت الصحيفة: quot;منذ أن تم الإعلان عن انتهاء عهد القذافي، وجدت الحكومات الغربية نفسها منهمكة بتبادل التهاني لأن شبح القذافي اختفى ولم يعد يهدد بإفساد فرحتهم. وسواء أظهرت التحقيقات أن القذافي قتل في تبادل لإطلاق النار مع الثوار أو في قصف الناتو، يبدو أن ساركوزي وبلير وبراون وإدارة الرئيس بوش، ينامون ملء جفونهم. هل يستحقون هذه الراحة؟ هذا سؤال آخرquot;.