بات الخيار الأول بالنسبة لعدد من اللاجئين السوريين في مخيم يايلاداغي في تركيا، هو القتال ضد الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه.
وتقول صحيفة التايم الأميركية أن هؤلاء لا يملكون السلاح أو الدعم العسكري اللازم للدخول في معركة ضد النظام، اسوة بما حدث في ليبيا، وهم يشعرون بالغضب بسبب إهمال المجتمع الدولي لهم، ويطالبون بالأسلحة لأنهم غير مستعدين لتلقي الرصاص بصدورهم العارية بعد الآن.

يجلس سامر، وهو محامي سوري هرب إلى تركيا لينجو من الموت، في خيمة بلاستيكية إلى جانب مجموعة من الرجال يخوضون نقاشاً حاداً حول الوضع الراهن في سوريا، ويبحثون عن إجابة لسؤال معقد: من المسؤول عن هذه الأزمة؟

أصر سامر على أن الانتفاضة في سوريا بعيدة عن الإيحاءات الطائفية، مشيراً إلى أن هذه المزاعم والاتهامات تهدف إلى إضعاف المعارضة وصرف الأنظار عن مطالبها الأساسية لمزيد من الإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. وأضاف: quot;النظام يختبئ وراء حجة الطائفية. الطائفة العلوية ليست تابعة بأكملها للنظامquot;.

أدى تعليق سامر الأخير إلى موجة من الغضب، فقفز حسين المصري، لاجئ آخر كان يستمع إلى الجدل الدائر، فخلع قميصه ليكشف عن الندوب التي امتدت أفقياً عبر ظهره، وقال: quot;العلويون جميعهم مع النظام، أنظر ماذا فعلوا بي! كان عمري 12 عاماً عندما جلدوني بقضيب معدنيquot;.

quot;لقد عانى الكثير من السوريين بسببهم، من ضمنهم أنا وابني، لقد صعقوا طفلي بالكهرباء في أعضائه التناسليةquot;، اضاف المصري، فيما اشاح ابنه مصطفى (19 عاماً) بنظره محاولاً أن يركز على يديه تفادياً للإحراج.
عائلة المصري، مثل معظم سكان المخيمات، من الطائفة السنية من محافظة ادلب شمال غرب سوريا، كانوا يقطنون في قرية جسر الشغر، وبعرف عنهم بأنهم من المعارضين للنظام الحاكم.
quot;الحرب الطائفية، هذا هو مصير سورياquot;، قال رجل آخر، فيما هز الآخرون برؤوسهم موافقين على ما سمعوه، لكن سامر قاطعه قائلاً: quot;نحن لا نحتاج الى اسلحة، بل نريد منطقة حظر طيران لتشجيع الجيش على المزيد من الانشقاقاتquot;.

quot;معظمنا لديه خبرة في المجال العسكري، لأننا أدينا الخدمة العسكرية الإجباريةquot;، قال المصري، فأيده نهاد هشاري (45 عاماً) الذي قال بغضب: quot;أقسم بالله، لو كان أخي مع النظام السوري، فسوف أقتله بيديquot;. واضاف: quot;نحن في انتظار الحرب، وحده الانقلاب ينقذنا من الحرب الطائفيةquot;.


ويبدو أن عدداً قليلاً من السوريين اللاجئين في تركيا يأملون في التوصل إلى حل سلمي لهذه الأزمة، فقد مرت نحو سبعة أشهر منذ بدء الثورة الشعبية ضد الحكم الاستبدادي للأسد ونظامه البعثي. وفي ظل عدم وجود نهاية واضحة في الأفق، من المرجح أن تتحول الاحتجاجات إلى جنازات يومية، تقابلها الدولة بعنف مستمر ينتج عنه مزيداً من القتل.
وفيما لا يزال الأسد يتحدث عن تشكيل لجان لدراسة تنفيذ الإصلاحات، يستمر الآلاف من السوريين بالنزول إلى الشوارع مطالبين بإعدامه.

ونقلت الـ quot;تايمquot; عن بعض اللاجئين في مخيم يايلاداغي على الحدود السورية-التركية، قولهم أنهم يريدون تدخلاً عسكرياً في سوريا، على غرار حلف شمال الأطلسي في ليبيا، بينما يرفض البعض الآخر هذا الخيار، مشيرين إلى الانقسامات الكبيرة في أوساط المعارضة السياسية.
وعلى الرغم من تأسيس المجلس الوطني السوري مؤخراً بهدف توحيد الجماعات المتباينة تحت مظلة واحدة، يبدو أن نجاح هذه الخطوة مستبعد في الوقت الراهن. فيرى البعض أن المجلس الوطني يميل إلى المبادئ الاسلامية، والبعض الآخر يقول انه لا يحظى بوجود حقيقي على أرض الواقع في سوريا بل هو مجرد وسيلة للمنفيين لحضور المؤتمرات والمطالبة بدور في الثورة.
في البداية، حظي رئيس المجلس الوطني السوري والناطق الرسمي برهان غليون، بترحيب واسع من قبل المعارضين، لكن نجمه بدأ يخفت بعد توجيه انتقادات له بعدم القدرة على جمع المعارضة المشتتة والمقسمة في الخارج.

ولم يقدم المجلس الوطني الأعلى أي اقتراح حتى الآن عن خططه وبرنامجه بشأن تصور جديد لسوريا ، في حين يتلطى وراء دعوات غامضة عن quot;الحماية الدوليةquot; وليس quot;التدخل الدوليquot;، وشروط أخرى من هذا القبيل.
ويشدد المجلس على أن الاحتجاجات يجب أن تبقى سلمية، لكن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 3000 ضحية، الأمر الذي يجعل من الصعب احتواء الثورة. ويسعى المجلس إلى بدء حملة من العصيان المدني في سوريا، داعياً السوريين الى إضراب عام يوم الاربعاء.
غير أن هذه التدابير ليست كافية بالنسبة لكثير من اللاجئين في مخيم يايلاداغي الذين يقولون انهم يريدون القتال في سوريا، فأشارت الصحيفة أن مواقفهم تعكس العداء العميق تجاه النظام، وأن الخيار العسكري هو ببساطة أفضل خيار استراتيجي بالنسبة لهم.

ونقلت الـ quot;تايمquot; عن مروان سالم (37 عاماً)، وهو محام من جسر الشغور، قوله: quot;سوريا محتلة من قبل النظام وقوات الأمن. والطريقة الوحيدة لإزالة محتل هو من خلال المقاومةquot;، مشيراً إلى أن quot;النظام لن يسقط من دون مقاومة مسلحةquot;.
من جهته، يرى جهاد ( 38 عاماً) الذي هرب من إحدى بلدات مدينة إدلب السورية، أن الخيار العسكري هو أفضل الخيارات لإنهاء الأزمة السورية، واضاف: quot; تتلقى الصفعة مرة، ومرتين، وثلاث، ثم ماذا؟ نحن بحاجة إلى أسلحةquot;.

يعقد جهاد أمله على الجيش السوري الحر، مجموعة من المنشقين عن الجيش السوري، ومقرها الرئيسي في مخيم للاجئين في تركيا. وأضاف: quot;لا نستطيع الانتظار حتى ينشق مزيد من الجنود، نحن في حاجة إلى المدنيين المسلحينquot;.
من جهة أخرى، يقول محمد سيف (29 عاماً)، الذي أصيب بطلق ناري في ساقه اثناء الاحتجاجات في سوريا، أنه يريد الانتقام من نظام الأسد، وذلك لن يكون إلا عبر القتال.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى حجم الغضب في صدور السوريين اللجئين، فنقلت عن سيف قوله: quot;لقد واجهت الرصاص بالصدر العاري ولن أفعل ذلك مرة أخرى. إن شاء الله، سوف أحارب بالسلاح، مثل الليبيين. لماذا ساعدهم العالم بأجمعه(تدخل الناتو) ولا يساعدونا؟ هل حياتنا أقل قيمة من حياة الليبيين؟quot;.