يبدو أن الربيع العربي سيعيد إلى الاتحاد المغاربي الحياة، وهو ما بدأت تلمس بوادره وفقاً للخبراء والمراقبين.


صور تجمع الزعماء الذين وقعوا على اتفاق الاتحاد المغاربي

الرباط: أعادت ثورات الربيع العربي الحياة إلى رفات quot;المرحومquot; اتحاد المغرب العربي، الذي رأى النور، في يوم 17 شباط/ فبراير من سنة 1989، بعد أن وقع آنذاك زعماء الدول المغاربية الخمس، بمراكش، معاهدة ميلاده.

ووقع تلك المعاهدة الملك الراحل الحسن الثاني، وquot;هارب تونسquot; زين العابدين بن علي، والرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد، والرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي، ومعاوية ولد سيدي أحمد الطايع، الذي كان حينها رئيسا لما سمي باللجنة العسكرية للخلاص الوطني في موريتانيا.

غير أنه بعد خمس سنوات فقط على توقيع شهادة الميلاد، أعلن عن وفاة اتحاد المغرب العربي سريريا، ليبقى على هذا الحال إلى أن لاحت مؤشرات عودته إلى الحياة مع بزوغ فجر ربيع الديمقراطية.

وفي هذا الإطار، قال تاج الدين الحسيني، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، إن quot;التغييرات التي عرفتها منطقة شمال إفريقيا ستكون له لها آثار إيجابية جدًا على قطار المغرب العربي، لأسباب واضحةquot;.

ويتجلى السبب الأول، بحسب أستاذ العلاقات الدولية بالرباط، في كون أن quot;التغيير الذي حدث في تونس أصبح ذا مسحة ديمقراطية ويتجه نحو إعطاء الكلمة للشعب، إذ أن كل المؤسسات، بما فيها الأوروبية، شهدت بشفافية وسلامة عملية الاقتراع التي تمت في تونسquot;.

أما السبب الثاني، يشرح تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، فيتمثل وجود رغبة أكيدة لدى المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا في ترسيخ الديمقراطية بكل نتائجها.

ويتزامن هذا، يوضح الخبير في العلاقات الدولية، مع تسجيل التطور نفسه في المغرب، حيث وضع دستور جديد سيعطي لرئيس الحكومة صلاحيات أوسع تكرس مبدأ الفصل بين السلطات، وتضفي مزيداً من الشفافية والنزاهة على عملية الاقتراع والانتخابات، بالإضافة إلى ربط المسؤولية بالمسائلة والمحاسبة.

وذكر أن quot;هذه التطورات التي عرفتها البلدان الثلاث، تقودها بقوة نحو مزيد من الديمقراطية، التي تعني التعبير عن إرادة المواطن في آلية اتخاذ القرار السياسي، سواء أكان ذلك على الصعيد الداخلي أم حتى الخارجي. وهذا معناه بعبارة أخرى أن الجماهير الشعبية في هذه البلدان، إن أتيح لها أن تعبر عن إرادتها بشفافية ونزاهة ستكون كلمتها الأخيرة والأولى هي إقامة اتحاد المغرب العربي، لأن هذا النوع من الحلم راسخ في الذاكرة الجماعية لسكان المنطقةquot;.

وأضاف الخبير المغربي quot;هناك من سيقول بأن الجزائر ستبقى متشبثة بمواقفها المسبقة نتيجة لهيمنة المؤسسة العسكرية، وتصلب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مواقفه، ولكن أظن أن هذه المسألة ستحسم في مدة وجيزة من الزمن، لأنه لا يمكن للنظام الجزائري أن يبقى بعيدا عن تيار المطالب الشعبية، التي يعبر عنها الجزائريون أنفسهم، وسيشعر أن هناك نوع من التهميش الذي يطاله بسبب مواقفه، وسيدفعه ذلك، في نهاية المطاف، إلى الالتحاق بالركب، وإقامة اتحاد المغرب العربي، الذي انتظر طويلا، بعد توقيع اتفاقية إنشاء المغرب العربي في مراكش سنة 1989quot;.

وتابع: quot;وأظن الآن، مع بزوغ القرن 21، وتغلغل مظاهر العولمة في كل المجتمعات، وزيادة قوة الاتحادات الاقتصادية الكبرى، سيفكر الجميع جديا في هذا الاندماج، الذي لم يعد نوعا من الترف أو الرفاه، بل أصبح ضرورة حتمية للبقاء على قيد الحياة في عصر العولمة والتحديات الكبرىquot;.

وكانت المعاهدة أشارت إلى إن quot;إقامة اتحاد المغرب العربي تتطلب تحقيق إنجازات ملموسة ووضع قواعد مشتركة، تجسد التضامن الفعلي بين أقطاره وتؤمن تنميتها الاقتصادية والاجتماعيةquot;.