يعتزم قادة الميليشيات والحركات المسلّحة في ليبيا، بعد أن تخلوا عن تعهدهم إلقاء السلاح على التأثير في القرارات السياسية والمشاركة في المضي بالبلاد نحو الديمقراطية ولو اضطرهم الأمر الى اللجوء للقوة.

ليبيون يحتفلون بسقوط نظام القذافي في مصراتة

القاهرة: بدأ يتخلى كثير من قادة الميليشيات المحلية في ليبيا الذين ساعدوا في الإطاحة بالعقيد معمر القذافي عن تعهدهم أن يلقوا سلاحهم، ويتحدثون الآن عن أنهم يعتزمون الحفاظ على حكمهم الذاتي والتأثير في القرارات السياسية باعتبارهم quot;حراس للثورةquot;.

وأكدت في هذا الصدد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن قضية الميليشيات تعد واحدة من أكثر القضايا الملحة التي تواجه المجلس الوطني الانتقالي في البلاد، حيث انتشرت العشرات من الميليشيات المتحررة التي تتكون من متطوعين مسلحين في جميع أنحاء البلاد، وغالباً ما يقدمون تقارير إلى مجالس عسكرية محلية، أصبحت حكومات محلية حقيقية في مدن مثل مصراتة وزنتان وكذلك العاصمة طرابلس.

وأشار محمود جبريل، رئيس الحكومة الانتقالية ( المستقيل ) في مؤتمر صحافي مساء يوم الأحد الماضي إلى أنه وبدلاً من توقع حل تلك الميليشيات المحلية، يتعين على المجلس الوطني الانتقالي أن يحاول دمجها عن طريق التوسع في إدراج ممثليها.

وقال محمود شمام، الناطق باسم المكتب التنفيذي للمجلس quot; لا أحد يريد التخلي عن السلاح الآن، وكثير من القبائل والمدن تكدس الأسلحة تحسباً لحدوث أي شيءquot;. وبالإشارة إلى التقارير التي تتحدث عن وقوع صدامات متقطعة بين الميليشيات وكذلك وقوع عمليات قتل انتقامية، أوردت الصحيفة عن كثير من القادة المدنيين، جنباً إلى جنب مع بعض المقاتلين، قولهم إن تحول فكر الميليشيات من مجرد المضي نحو تسليم السلاح إلى التأكيد على مواصلتهم لعب دور سياسي يشكل الآن تحدياً واضحاً على السلطة الهشة التي يحظى بها المجلس الوطني الانتقالي.

وقال رمضان زرموح، 63 عاماً، أحد قادة مجلس مصراتة العسكري الذي يرى أن الميليشيا الموجودة في المدينة لابد وأن تحل نفسها بعد تشكيل وزارة دفاع جديدة على الفور quot;قد يؤدي ذلك إلى فوضى وصراع بين المجالس. وإذا كنا نرغب في الحصول على ديمقراطية، فلا يجب أن يكون لدينا ذلكquot;. لكن رأي زرموح لا يُعبِّر عن الأكثرية، حيث أفادت النيويورك تايمز بأن كثيرا من أعضاء المجالس العسكرية يؤكدون أهمية بقائهم مسلحين، إلى أن تتم المصادقة على دستور جديد، لأنهم لا يثقون في قدرة الحكومة الموقتة الضعيفة على توجيه ليبيا للديمقراطية على طريقتها.

وقال أنور فيكيني، وهو محام فرنسي - ليبي يتزعم الجماعات المسلحة في الجبال الغربية ومن المقربين لأبرز قيادات المجلس الانتقالي :quot; نحن من يمسك بزمام السلطة هناك ndash; فنحن الأشخاص الذين يمتلكون السلطة على أرض الواقع ndash; ولن نتنازل عن ذلك قبل أن يتم تشكيل حكومة شرعية من خلال انتخابات حرة ونزيهة. سوف نتأكد من أننا سنتقدم بالبلاد صوب دستور مدني ونظام ديمقراطي. وسنستعين في سبيل ذلك بكل الطرق المتاحة ndash; وأولها عزيمتنا على أرض الواقعquot;.

وقد أظهر قادة الميليشيات عزمهم بالفعل على المشاركة في العملية السياسية. وقبل قيام الحكومة الموقتة بانتخاب رئيس حكومة جديد مساء يوم الاثنين الماضي، هدد قادة محليون في مصراتة ndash; رفضوا الإفصاح عن هوياتهم لتجنب الدخول في معركة مفتوحة مع المجلس الوطني ndash; بأنها إذا فشلت في الموافقة على مرشح يعتبرونه مرضياً، فإن المجالس العسكرية المحلية من مدن في غرب ليبيا قد تتدخل لحسم المسألة.

ومضت الصحيفة تقول إن اختيار رئيس الوزراء، عبد الرحيم الكيب، وهو مهندس ورجل أعمال من طرابلس، قد قوبل بترحاب في المدن الغربية وأنهى الموضوع بسلام. لكن مسؤولي المجلس الوطني أوضحوا أن تهديد التدخل ذاته يقوّض الانتقال إلى ديمقراطية مدنية، تسوّى فيها النزاعات بصناديق الاقتراع وبالمطارق وليس بالسلاح.

وحذر شمام في الإطار ذاته من أن التدخل العسكري سيشكل quot;كارثةquot;، وأن تمرير دستور جديد لابد وأن يتم quot;تحت مظلة القانون ومراكز الشرطة والقضاة بدلاً من المجالس العسكرية وقوة السلاحquot;. وأضاف في الوقت نفسه قائلاً :quot; إذا بدأت المجالس العسكرية تمديد وتوسيع نطاق نشاطاتها، فإنها ستكون بديلاً للجمعية الوطنيةquot;.