تبين وثائق جديدة أن مجموعة أميركية متخصصة في مكافحة الإرهاب عرضت على القذافي تهريبه من البلاد مقابل 10 ملايين دولار، لكن المسؤولين الليبيين في حكومة العقيد آنذاك ردّوا على الاقتراح بشكل سلبي.
المكان الذي اعتقل فيه القذافي قبل مقتله |
نشرت إحدى مجموعات فايسبوك تحت اسم quot;ويكيليكس ليبياquot; وثيقة تشير إلى أن مجموعة من الأميركيين، يقودها خبير في الإرهاب، وضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، عرضت على الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي مساعدته في أزمته في مارس/آذار الماضي.
وعندما كان حلف شمال الأطلسي يقصف ليبيا، قدمت المجموعة، بقيادة الخبير نيل ليفينغستون، عرضاً للقذافي يتمثل في تهريبه من ليبيا، مقابل أجر استشاري ضخم وصل إلى 10 ملايين دولار غير قابلة للاسترداد، ودخلت في مفاوضات مع ممثلي العقيد الليبي للوصول إلى اتفاق.
وأشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن نسخة العقد الأولية بين المجموعة والقذافي، نصت على أن quot;الرسوم والمدفوعات في هذا العقد هي الحد الأدنى غير المسترد، وأنها تشكل حافزاً للمستشارين لتولي القضيةquot;.
ونقلت عن ليفينغستون (65 عاماً)، المتخصص في شؤون الإرهاب إنه quot;وضع الاتفاق بعدما سمع أن أحد أبناء القذافي، سيف الإسلام، كان مهتماً بوضع استراتيجية لهروب العائلةquot;، مضيفاً quot;لكنني وشركائي لا نعمل بالمجّانquot;.
وأضاف ليفنغستون، الذي يقول إنه سجن في ليبيا في السبعينيات، إن quot;الهدف من الصفقة هو الاستشارة، وليس إنقاذ العقيد القذافي، بل منع حدوث حمّام دم في ليبيا، عن طريق إيجاد مخرج سريع للحاكم وعائلتهquot;.
quot;الفكرة هي أن تجد ملاذاً لهم في إحدى الدول الناطقة بالعربية، والسماح لهم بالاحتفاظ ببعض المال، مقابل الخروج من ليبياquot;، قال ليفنغستون. مشيراً إلى أن خبراء استشاريين عرضوا المساعدة عبر تحرير المليارات من الدولارات من الأصول الليبية المحظورة، عن طريق توجيه الحكومة بالإمتثال إلى قرارات الأمم المتحدة.
لكن الأميركيين لم يحصلوا على ترخيص وزارة الخزانة لقبول المال من ليبيا، التي كانت آنذاك خاضعة للعقوبات.
وظهرت بضع وثائق سرية على شبكة الإنترنت تصف الصفقة المقترحة، وتقدم لمحة عن كيفية استغلال البعض للفرص المربحة في الصراع على السلطة في ليبيا، ونشرت مجموعة quot;ويكيليكس ليبياquot; على فايسبوك العشرات من الوثائق، التي عثر عليها في مكاتب الحكومة الليبية بعد سقوط حكومة القذافي.
أدت هذه الوثائق إلى صدمة في الأوساط الأميركية، إذ تضمنت رسالة من ثلاث صفحات موجّهة إلى العقيد القذافي يوم 17 نيسان/إبريل، من قبل شريك آخر في الصفقة المقترحة، وهو بلجيكي، يدعى ديرك بورغيرز.
وبدلاً من اقتراح طريقة للخروج من السلطة، قدم بورغيرز للديكتاتور الليبي خدمات الضغط التي سيمارسها quot;فريق العمل الأميركيquot; ليتغلب على المتمردين، ويكسب دعم حكومة الولايات المتحدة.
في ذلك الوقت، بدأ الثوار بالسيطرة على ليبيا، وبات للمجلس الوطني الانتقالي السلطة الكاملة على الأصول الليبية في الخارج. لذلك اقترح بورغيرز على القذافي أن يقاتل الثوار بمساعدة quot;ممثليه في واشنطنquot;، أي المجموعة الأميركية التي قدمت له العرض.
وقال بورغيرز في رسالته التي وجّهها إلى القذافي: quot;إن فريقنا المتعاطف مع ليبيا يشعر بالقلق، ويرغب في أن يساعدك على صدّ الأعمال القتالية من أعدائك الدوليين، وتقديم الدعم لبناء علاقة طبيعية مع حكومة الولايات المتحدةquot;، مشيراً إلى أن quot;هناك حاجة ماسة إلى أن تتحدث رسمياً وبصوت واحد قوي مع الحكومة الأميركيةquot;.
واختتم بورغيز الرسالة بعبارة quot;عبيدك المطيعونquot;، موقعاً اسمه، إضافة إلى الأميركيين الأربعة المشاركين في الفريق.
شكلت هذه الرسالة حرجاً كبيراً، تحديداً للفينغستون، الذي وصفه بورغيرز في الرسالة بأنه quot;أفضل الخبراء المعترف بهم في أميركا لمكافحة الإرهابquot;، وقد أغلق شركته الاستشارية في واشنطن في إبريل/نيسان لتنفيذ حملته الانتخابية لمنصب حاكم الولاية.
لكن ليفنغستون أكد أنه لم ير هذه الرسالة من قبل، وأن مضمونها يحرّف نواياه، مضيفاً: quot;هذا لا يعكس وجهة نظرنا على الإطلاق.كان هدفنا الوحيد إخراج القذافي من هناك في أسرع وقت ممكنquot;.
وسببت هذه الرسالة صدمة قوية لعضو آخر في الفريق الأميركي، الذي أراد تهريب القذافي، وهو مارتي مارتن، رئيس سابق لوكالة الاستخبارات المركزية، والذي قاد فريق الوكالة المتخصص بملاحقة تنظيم القاعدة من العام 2002 إلى 2004.
quot;لم نكن نهدف لأن نصبح جماعة ضغط تعمل من أجل القذافيquot;، قال مارتن، الذي تقاعد من وكالة الاستخبارات المركزية في عام 2007، مشدداً على أنه لا يعرف شيئاً عن هذه الرسالة، ولم يرها من قبل على الإطلاق.
ونفى بورغيرز إدعاءات شركائه السابقين، الذين زعموا أنهم لم يعلموا بأمر الرسالة التي وجّهها إلى القذافي، لكنه قال إنه quot;من الممكن أنه لم يطلعهم على نص الرسالةquot;.
وعلى الرغم من أن بورغيرز قال إنه أراد quot;وقف عمليات القتلquot;، التي تحدث في ليبيا، إلا أنه قدّم صورة إيجابية عن العقيد القذافي، فقال: quot;لا أعتقد أنه كان ديكتاتورًا وحشياً، لقد بنى هذه الدولة من لا شيء، وخدمها لمدة 42 عاماً، وخلق أسلوب حياة جيدة للغاية بالنسبة إلى الشعبquot;.
أما بالنسبة إلى مبلغ الـ10 مليون دولار، الذي سعى الفريق إلى ربحه، قال بورغيرز للـ quot;نيويورك تايمزquot;: quot;إن الهدف لم يكن كسب المال، لكن إذا كنت تريد أن تقترح عملية خطرة في واشنطن، أعتقد أنك بحاجة إلى لا ما يقلّ عن 10 مليون دولارquot;.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن المسؤولين الليبيين ردوا على الرسالة بعد نحو أسبوع من إرسالها، مشيرين إلى أن القذافي رفض الإقتراح، لكن بورغيرز قال إنه غير واثق من أن العقيد الليبي قد قرأ الرسالة، أو أنها وصلته على الإطلاق.
التعليقات