قال رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية الأمير سلطان بن سلمان لـإيلاف إن جدة التاريخية مقبلة بقوة رغم سحب ملفّها من اليونسكو أخيرًا، داعياً إلى متابعة ما يجري هذه الأيام في جدة التاريخية لرصد ما تشهده من تطور سريع وملحوظ، معتبراً أن السعودية الأولى بأن تكون في العالم الأول.


جدة التاريخيةتشهد حملة إعادة اعمار

غادة محمد وأرجوان سليمان من جدة: قال رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية الأمير سلطان بن سلمان لـquot;إيلافquot; نحن أولى بأن نكون في العالم الأول، لما نحمله من مؤهلات نتقلدها، منها أنها quot;دولة إسلامية تحتضن مواطن صالحًا ذا قيم وأخلاق، إضافة إلى أنها دولة تشهد تنمية ضخمة ومشاريع تنموية في ظل رصد ميزانية كبيرة من الدولة لدعم هذا القطاعquot;.

وكان الأمير سلطان قالفي مؤتمر صحافي،أقامه في جدة ضمن ضمن فعاليات ملتقى التراث العمراني الوطني الأول، ومن داخل ورشة عمل الاستثمار في مجال التراث العمراني، إن الهيئة ستبدأ قريباً في تنظيم برامج تأهيلية متخصصة للمقاولين، تهدف إلى منحهم الخبرات الأساسية في إعادة ترميم المباني التراثية في السعودية كافة.

موضحاً أن العاهل السعودي وافق على ترميم مسجدي الشافعي والمعمار في المنطقة التاريخية لمدينة جدة، حيث تعتبر من أكثر المساجدمحاكاة لتراث وتفاصيل حقبة زمنية مضت، هذا وأشار إلى أن هيئته تعمل على تطوير 12 موقعًا بالتعاون مع البلديات، وهناك مواقع شارفت على الانتهاء، وكلها مشروعات أولية، تم إنجازها بالتعاون مع الجهات الحكومية المختلفة.

إضافة إلى ستة مواقع تضامن ملاكها لتطويرها، وتمويل بنك التسليف لثلاثة مواقع أخرى، متطلعاً إلى مرحلة مقبلة من التطوير، ضمن منظومة السياحية المتكاملة.

وحول الأوقاف الأثرية، أوضح الأمير سلمان أن هيئة السياحة تعمل مع الجهات المختصة على معالجة الأوقاف الأثرية، وفق الضوابط الشرعية، وسيصدر تنظيم لمثل هذه المنازل، لا يتعارض مع الضوابط الشرعية والفقهية.

مشيراً إلى أن السعودية ماضية في الاستثمار في التراث المعماري، والتركيز على ما يعود بالنفع عليها، حيث تم مسح المناطق الأثرية عبر التصوير الفوتوغرافي، متفائلاً بتأسس المركز الوطني للتراث العمراني، الذي يضم نخبة من أصحاب الأعمال والخبراء من الهيئة في التراث العمراني، والذي سيلعب دورًا في توجيه القطاع الاقتصادي للاستثمار في التراث العمراني، وجعله وجهًا من أوجه الدخل والتنمية في المملكة.

هذا وتعتبر جدة التاريخية من أكثر الأماكن، التيطالتها الحرائق عام 2010، حيث سبق وأن أحرق العديد من مبانيها الأثرية، ورجّح البعض حينها أن السبب يعود إلى سوء بنتيها التحتية، وعدم الاهتمام بها، وتسكين العمالة المتخلفة فيها،والتي لا تلتزم بشروط الأمن والسلامة، إلا أن البعض الآخر رجّح الأمر إلى أن عدم منع تصاريح للهدم دفع أصحابها إلى السعي إلى إحراقها، بهدف الاستفادة من الأراضي التي تقع في أماكن تعشعش فيها الفئران والحشرات وحياة المقيمين غير الشرعيين.

هذا وبدأ العمل خلال العام الجاري 2011 على الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع شبكة إطفاء الحريق في المنطقة التاريخية في جدة، الذي بدأ تنفيذه قبل عام، ومدته 18 شهرًا، ومن المتوقع بدء التشغيل التجريبي للمشروع عقب عيد الفطر، حيث يجري حاليًا تجهيز خزانات المياه اللازمة لتغذية وحدات إطفاء الحريق.

وقال مدير إدارة المشاريع في بلدية جدة التاريخية المهندس أسامة التركي إن هذا المشروع فريد من نوعه على مستوى المملكة، ويعد من المشاريع المهمة التي تستهدف الحفاظ على النسيج التاريخي والعناصر الفريدة التي تتمتع بها عمارة جدة التاريخية.

وأوضح أن المشروع يعمل على توفير 112 وحدة لإطفاء الحريق، بين كل واحدة والأخرى 75 مترًا طوليًا كحد أقصى، مع توزيع تلك النقاط داخل النسيج التاريخي، الذي يمتاز بضيق الشوارع والممرات، كما يتكون المشروع من ثلاث مراحل، تم الانتهاء من المرحلة الأولى، التي تشمل غالبية المباني المصنفة تاريخيًا.

وأضاف أنه تم توفير هذا العدد الكبير من وحدات الإطفاء، لأن طبيعة المنطقة لا تسمح بدخول سيارات الدفاع المدني لإطفاء الحرائق في حال حدوثها.

وأشار إلى أنه تم ربط تلك الوحدات بمضخة رئيسة، وأخرى احتياطية، وخزان ماء رئيس في المشروع بسعة 1500 متر مكعب، كما تم تحديد ساحة باب جديد لعمل الخزان والمضخات اللازمة للمشروع.

ولفت إلى أنه جرى التنسيق مع إدارة الدفاع المدني لضمان تنفيذ المشروع، حسب المعايير والمواصفات العالمية، لتنفيذ شبكات إطفاء الحريق في المنطقة التاريخية، تمهيدًا لتسجيل منطقة جدة التاريخية في منظمة اليونسكو كمنطقة تراث عالمي، مؤكدًا أن المشروع يأتي ضمن الخطوات الحثيثة للأمانة والمشاريع، التي تقوم بها لإعادة تأهيل المنطقة التاريخية والحفاظ عليها.

وكان أمين محافظة جدة المهندس عادل فقيه قد توقع في وقت سابق الانتهاء من تنفيذ كامل شبكة إطفاء الحريق في المنطقة التاريخية في نهاية العام الجاري، مشيرًا إلى أن هذا المشروع هو هدية الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أهالي جدة. موضحًا أن تنفيذ المشروع جاء نظرًا إلى ما تشهده المنطقة التاريخية من صعوبة وصول سيارات الإطفاء التابعة للدفاع المدني إلى المناطق التي تشهد حريق بسهولة ويسر.

أمانة جدة quot;السياحيةquot;!!

سامي نوار مدير عام السياحة والثقافة في أمانة محافظة جدة أبدى حزنه وألمه على ما حدث لجدة التاريخية، فقال لـquot;إيلافquot;: quot;فكرة quot;تسويرquot; المنطقة لا أراها صائبة بالطبع، فهي فكرة صعبة التنفيذ، وغير عملية، فمن الصعب جداً إغلاق أكثر من كيلو متر مربع وتسويرها، لأنها حينها ستكون مدينة أشباح، لكونها ستكون مهجورة، فالمدينة التاريخية مدينة غنية، وحياة أخرى يعيشها الفرد هناك، فأكبر الدول لديها أماكن تراثية مفتوحة وغير مغلقة، فلم يحدث في أي مكان في العالم أن تغلق مدينة تاريخية وتسور بصراحةquot;.

وأضاف نوار quot;لا أخفيكم أن التراث العمراني quot;المنقبيquot; والبناء البحري بات نادراً، فجدة هي المدينة الوحيدة التي بقيت بهذا الشكل، وتعتبر المدينة الوحيدة التي تحكي تراث البحر الأحمر، فهذا تراث تقدمه السعودية إلى الإنسانية بكاملها، فكيف نتنازل عنه بسهولة، فخلال عشرين عاماً استطعنا أن نحافظ على تراثنا حين كنت مدير إدارة المنطقة التاريخية، ولم يكن عدد الحرائق بهذا الشكل، وأتحدى من يثبت غير ذلك، وعن اهتمامي بتراث جدة القديمة، رغم أنني لست مسؤولا عنه، هو لرغبتي في المحافظة عليه، رغبة نابعة من حبي لتراث أجدادي، فلقد قدمنا منشورات توعوية بكيفية استخدام طفايات الأكفاءمترجمة باللغة الأوردو وباللغة الصوماليةquot;.

وبين نوار أن الأمانة ليست وحدها المسؤولة عن مسائل كهذهقائلاً: quot;كل من يتهم أمانة جدة بالتقصير الحقيقي، فإنه يتجاهل أنها ليست الجهاز الوحيد المسؤول عمّا حدث وغير صحيح بأن أمانة جدة تعطي التراخيص في أماكن غير صالحة لإيجاد محال غير مناسبة، لكن من يطالب أمانة جدة بترك مدينة جدة التاريخية لكونها لم تنفع جدة الجديدة، عليه أن لا يهمّش دور أمين أمانة جدة المهندس عادل فقيه وباقي المسؤولين المعنيين.

وذكر نوار أن عام 1978 حينما شهد أول مبادرة لحفظ تراثها من قبل الأمانة على حد قوله، وأضاف: quot;لا ننكر مجهوداتهم، وإن كانت هناك عثرات وصعوبات، لكن الأمانة ستكون على قدر المسؤولية، وكل من يقول إن أمانة جدة لم تنفع جدة الحديثة، عليه أن يعود إلى تاريخها، لكن إن وصل الملف إلى هيئة السياحة والأمير سلطان بن سلمان فنحن نثق في نظرته وقراراته، لكن نكران مجهودات الأمانة مردود عليها، فمن قام بعمل نظام الحماية؟quot;.

يذكر أن المنطقة التاريخية في جدة قد تعرّضت لعدد من الحرائق، وأن متوسط عدد الحرائق التي شبّت في المنطقة التاريخية بلغ 5 حرائق خلال السنوات الخمس الماضية. وكان آخرها الحريق الذي انهارت على أثره بناية من أصل 7 بنايات احترقت بالكامل، قبل أن يتمكن الدفاع المدني من إخمادها.

هذا وقامت هيئة السياحة الآثار العليا السعودية بسحب ملف جدة التاريخية من اليونسكو بانتظار مشروع التطوير، وفقاً لما صرح به رئيسها الأمير سلطان بن سلمان، بناء على خبر نشرته صحيفة عكاظ، يؤكد أن اليونسكو رفضت تسجيل جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي، مبيناً حينها أن الهيئة سحبت ملفها، ولم يكن عرض على لجانها بشكل رسمي، بهدف إتاحة الفرصة لمعالجة الأوضاع، التي طرأت على الموقع، قبل إعادة تقديم الملف مرة أخرى.

حيث رأت الهيئة، بالتشاور مع إمارة المنطقة والجهات ذات العلاقة في محافظة جدة، سحب الملف، وإرجاء عرضه على لجنة التراث العالمي إلى العامين المقبلين، حين تكون فيها أعمال التطوير قد اتضحت، ومشاريع الحماية والإدارة قد بدأ تطبيقها، خصوصًا في ظل اهتمام الدولة بالموقع، وما يقدمه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة لإنقاذ جدة التاريخية وإعادة الحياة فيها، ومتابعة سمو محافظ المنطقة الأمير مشعل بن ماجد لأعمال التطوير، وما تقوم به أمانة جدة من أعمال على أرض الواقع، خصوصًا وهي تعي اليوم أكثر من أي وقت مضى أهمية المنطقة التاريخية.

هذا وتعتبر منطقة جدة التاريخية من الأماكن القديمة، حيث تتكون من أكثر من 500 مبنى، غالبيتها متلاصقة، وأصبحت منطقة أثرية، يجري ترميمها باستمرار، حفاظاً على هويتها، حيث يعود بعض مبانيها إلى أكثر من 500 عام، فيما يمنع تماماً استخراج تصاريح هدم لها.