غالبية قراء إيلاف أيدت قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا

تناغم موقف غالبية قرّاء إيلاف مع قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا. واعتبر بعض الخبراء القرار بمثابة انقلاب في تاريخ الجامعة التي وجدها آخرون متأثرة بالموقف الغربي، فيما رأى قسم أن النظام السوري يعتبر قراراتها فرصة لكسب الوقت للسيطرة على الأزمة، وتأجيل التدخل الدولي.


أيّدت أغلبية قرّاء إيلاف قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا، في تناغم واضح مع التوجه العربي نحو الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد، لإجراء إصلاحات سياسية وإيقاف العنف ضد المحتجين المطالبين بإسقاطه منذ منتصف آذار (مارس) الماضي. ورغم أن القرار كان غير ذي فاعلية على الأرض، لاسيما بعد سقوط ما يزيد على مائة قتيل منذ اتخاذه، إلا أن المعارضة والمتابعين للأزمة رحبوا به، على أنه خطوة على طريق تفعيل دور الجامعة العربية.

تأييد تعليق العضوية

طرحت إيلاف السؤال التالي على القراء ضمن الإستفتاء الأسبوعي: quot;هل تؤيد قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية؟ نعم أم لاquot;، وشارك فيه 12174 قارئاً، إختار 6894 قارئاً الإنحياز إلي الإجابة بـquot;نعمquot;، مشكلين بذلك الأغلبية، أي ما يعادل 56.63%، فيما فضل 5280 قارئاً الوقوف في صف المعارضين للقرار، أي ما يعادل 43.37% من المشاركين في الإستفتاء.

وجاء قرار الجامعة العربية بمثابة ورقة التوت التي تستر بها عورتها، لا سيّما أنها كانت طوال تاريخها منظمة ناطقة بلسان الأنظمة الحاكمة، وكانت تعاني إنفصاما تاما عن الشعوب، الأمر الذي دعا بعض الخبراء والمحللين إلى النظر للقرار بمثابة quot;إنقلابquot; في تاريخ الجامعة، وبداية لمرحلة تتناغم فيها مع حقبة تاريخية جديدة ستكون الكلمة العليا فيها للشعوب، التي أسقطت الديكتاتورية في المنطقة.

تغيير جوهري

ووفقاً للدكتور محمد عبد السلام الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية فإن ثمة تغييرا جوهريا في سياسة الجامعة العربية منذ اندلاع الثورة الليبية في منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي. وأوضح لـquot;إيلافquot; أن الجامعة العربية بدأت بالتفاعل مع قضايا الشعوب، مشيراً إلى أنها كانت قبل الربيع العربي تحتضر، وكانت في حالة احتضار منذ نحو عشرة أو خمسة عشر عاماً، فلم يكن لقراراتها أية فاعلية، ولم تكن إجتماعات القمة تعقد على مستوى الرؤساء والملوك، وكان التمثيل الدبلوماسي ينخفض عاماً بعد الآخر إلى أدنى مستوياته. وكان الأداء في ما يخص القضايا العربية، لاسيما الصراع العربي الإسرائيلي مخزيًا جداً.

الحل من الداخل

لكن عبد السلام قلل من إمكانية أن يشكل تدخل الجامعة العربية وتعليق عضوية سوريا أو فرض عقوبات علي النظام نقطة فاصلة في الأزمة المشتعلة هناك، مشيراً إلى أن الحل سيأتي من الداخل عبر التوازنات الطائفية أو السياسية. ويرى عبد السلام أن النظام السوري يعتبر قرارات وإجتماعات الجامعة العربية فرصة لكسب المزيد من الوقت من أجل محاولة السيطرة على الأزمة، وتأجيل التدخل الدولي.

أزمتا سوريا واليمن

لكن ألا يشكل تدخل الجامعة في الأزمة السورية بقوة وتغافلها عن الأزمة في اليمن خللاً في التعامل مع القضايا العربية؟ ويرد عبد السلام بالقول إنه ليس خللا في التعاطي مع أزمتين متشابهتين إلى حد التطابق، ويوضح قائلاً: quot;حجم العنف في سوريا أكبر بكثير من اليمن، فضلاً عن أن شرعية النظام في سوريا سقطت شعبياً بالكامل، وهناك معارضة واضحة يمكن التعامل معها، بعكس اليمن الذي لا تبدو فيه أية ملامح واضحة للمعارضة، كما أن مجلس التعاون الخليجي وهو منظمة عربية يتعامل مع الأزمة في اليمن منذ عدة أشهر، ويجري مفاوضات بشأن المبادرة التي طرحها لحل الأزمة، وتقابل بالموافقة من الرئيس علي عبد الله صالح أحياناً، وبالرفض أحياناً أخرى أو بالمراوغة. لكنه في النهاية سوف يرضخ لها، لأنها تمثل الحل الأفضل لهquot;.

الكيل بمكيالين

فيما ترى الدكتور نورهان الشيخ أستاذة السياسة الدولية في جامعة القاهرة أن الجامعة العربية متأثرة بالموقف الغربي في طريقة تعاطيها مع الأزمة السورية. وقالت لـquot;إيلافquot; إن أميركا فشلت في اتخاذ موقف دولي حازم تجاه النظام السوري، فلجأت إلى دول الخليج للعب دور محوري فيها، والتمهيد للتدخل الدولي، وأضافت الشيخ أن قطر والسعودية تقودان الجامعة العربية حالياً بما يخدم مصالحهما، وأوضحت أنه في الوقت الذي سارعت الجامعة العربية أو بالأحرى هاتان الدولتان باتخاذ مواقف حازمة تجاه الأزمة السورية، تم غض الطرف عن الأزمة في البحرين، بل شاركت الدولتان في قمع المتظاهرين هناك. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن السعودية احتضنت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وأوته وعالجته وأعادته إلى اليمن ليمارس المزيد من القمع والعنف المفرط ضد شعبه.

أداة في يد أميركا

وأشارت الشيخ إلى أن كلامها هذا لا يعني أنها تقف في صف النظام السوري ضد الثورة، ولكنه للتدليل على أن الجامعة العربية لديها مشكلات عديدة في ما يخص إدارة الأزمات، وأن قرار تعليق عضوية سوريا، يدل على تخبطها، وليس على تطورها.
وأعربت عن تخوفها من أن تتحول الجامعة العربية إلى أداة في يد أميركا من أجل شرعنة التدخل الأجنبي في البلدان العربية، لاسيما في ظل تراجع دور الدول العربية المحورية في المنطقة مثل مصر وسوريا والعراق، وبروز دول أخرى صغيرة لا تمتلك قرارها الخاص، وتسعى للعب أدوار دولية لا تتناسب مع ثقلها السياسي أو التاريخي أو الديموغرافي.

أحياء الجامعة العربية

وحسب وجهة نظر الدكتور أسامة نور الدين الخبير في الشؤون الإقليمية فإن القرار أحيا الجامعة العربية من الموت. وأوضح لـquot;إيلافquot; أن دور الجامعة العربية في المنطقة كان قد انتهى منذ نحو عشرين عاماً، أو أكثر، ولم تعد سوى جامعة لإصدار بيانات الشجب والإستنكار. وأشار إلى أن الجامعة بدأت تضع قدميها على الطريق الصحيح نحو تفعيل دورها في ما يخص القضايا العربية، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في ميثاق عملها بما يتيح لها التعاطي مع القضايا العربية بفاعلية أكبر، ومنع التدخل الأجنبي في المنطقة. ودعا نور الدين النظام السوري والمعارضة معاً إلى ضرورة التعامل بجدية مع قرارات الجامعة، لأن التعامل معها بغير تلك الطريقة يفتح الباب أمام التدخل الأجنبي وفرض عقوبات والقيام بأعمال عسكرية، بما يضر في النهاية بالشعب السوري والوطن العربي.

يجب إغلاق الجامعة العربية

من جانبها، ترى المعارضة السورية أن قرار الجامعة العربية هدية جديدة للنظام للإستمرار في المزيد من القمع والقتل، وقال المعارض السوري في القاهرة مؤمن كويفاتيه لـquot;إيلافquot;: quot;كنا نتوقع تجميد عضوية سوريا تمهيداً لرفع الأمر للمجتمع الدولي، واتخاذ قرار بالتدخل العسكري أو فرض الحظر الجوي، وتشجيع الجيش على الإنشقاق والإنقلاب على النظام، لكن الجامعة العربية منحت النظام فرصة جديدة لممارسة القتل ضد الشعب السوري الأعزل، وسفك دمائه واعتقال آلاف جديدة من المدنيين. وأضاف: quot;من الأفضل أن تغلق الجامعة العربية أبوابها، عليها أن تسكر أبوابها وتتوكل على الله. لم يعد لها أي فائدةquot;.

إبتزاز

وأضاف كويفاتيه أن الجامعة كانت قد هددت بفرض عقوبات إقتصادية على سوريا، ولكن لم يحدث، رغم علمها أم مثل تلك العقوبات لم تجد نفعاً، لأن النظام السوري يتلقى دعماً سخياً من إيران. وتابع: quot;ولكن يبدو أنها تراجعت تحت ضغوط آلة الإعلام السورية التي مارست الإبتزاز من خلال السب والشتم بحق الجامعة وأمينها العام الدكتور نبيل العربي، والسعودية. ووصف كويفاتيه تدخل الجامعة العربية في الأزمة السورية بأنه محاولة لإطالة عمر النظام، والحفاظ على بقائهquot;.

لا انقسام بين المعارضة

وحول عدم جاهزية المعارضة للتعامل مع الوضع في حالة رحيل النظام، لأنها تعاني إنقسامات حادة، أوضح كويفاتيه أن المعارضة في الداخل والخارج متحدة، وليست هناك اختلافات أو إنشقاقات في ما بينها، مشيراً إلى أن نحو 90% من المعارضة منطوٍ تحت لواء المجلس الوطني السوري، وقال إن ما يسمي بـquot;الهيئة التنسيقية للثورةquot;، لا تمثل المعارضة، معتبراً أنها معارضة تعمل لصالح النظام، وأن ممثليها نالوا جزاءهم أمام الجامعة العربية، حيث رشقهم المعارضون السوريون وأبناء الجالية في القاهرة بالبيض والطماطم. ولفت كويفاتيه إلى أن المعارضة تسير وراء الشعب، وتحاول تلبية مطالبه، وليس العكس، متهماً من يتخلف عن نصرة الشعب السوري من المعارضة بـquot;الخيانةquot;.