فيما أكدت وزارة الداخلية العراقية عدم قابلية البعثيين على القيام بانقلاب عسكري، وإنما القدرة فقط زعزعة أمن البلاد واستقرارها، أكد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تأييده اعتقالهم، الذي قال إنه جاء متأخرًا، مطالبًا مستشارة لرئيس الوزراء نوري المالكي بالاعتذار للضحايا والمجاهدين لوصفها الأميركيين بالمحررين للعراق.


مقتدى الصدر

أسامة مهدي: أكد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في رد على سؤال لأحد أنصاره دعمه اعتقال أعضاء في حزب البعث المحظور رسميًا في البلاد. فقد وجّه هذا الشخص سؤالاً إلى الصدر، قال فيه quot;ما هو رأي سماحتكم بحملة الاعتقالات التي طالت البعثيين في الآونة الاخيرة؟. وقد أجاب الصدر على ذلك بقوله quot;إذا كان صدق أنهم بعثيون، فأؤيّد ذلك، لكن الحملة جاءت متأخرةquot;.

وفي 27 من الشهر الماضي، دعا الصدر إلى اجتثاث كل البعثيين، قائلاً إنهم أعداء العراق والإنسانية، داعمًا إجراءات وزير التعليم العالي لطردهم من الجامعات. وأكد الصدر مناصرته إجراءات، يقودها وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب القيادي في حزب الدعوة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي لطرد أساتذة وموظفين في جامعات عراقية بتهمة الانتماء إلى حزب البعث.

وطالب الصدر الوزير بالاستمرار في إجراءته، داعيًا إلى اجتثاث المزيد من كل مفاصل الدولة. وقال quot;لست أعرف إلا قاعدة واحدة (لا مكان للبعثيين معنا)، ويجب أن تسقط كل أقنعة البعث الصدامي الملعون، ويجب أن (يجتثوا) من كل مفاصل الحكومة، بل وغيرها.. فهم أعداء العراق وأعداء الإنسانية وأعداء السلام، فعلى الأخ الوزير السير في ذلك قدمًا، ففي ذلك خير لنا ولهم ولكل العراق.. وأكرر (البعث عدو العراق، ولا بد أن يُزال)quot;.

جاء إعلان الصدر عن تأييده اعتقال البعثيين، فيما أكد الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم الاثنين أن البعثيين غير قادرين على تنفيذ انقلاب عسكري في البلاد، لكنهم قادرون على زعزعة الأمن والاستقرار.

وأضاف الأسدي أن هناك مجموعات إرهابية تابعة لحزب البعث لا تزال تحاول العبث بأمن البلاد، إلا أن القوات الأمنية تتابعهم، وستلقي القبض عليهم. وأشار إلى أن تحركات البعث تزامنت مع قرب موعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد. وشدد على أن البعثيين ليست لديهم القدرة على قيادة الانقلاب العسكري، إلا أن القتل والإرهاب الذي يقومون به يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار. وأضاف أن أجهزة وزارة الداخلية تتعامل معهم بمهنية، وهي بعيدة عن السياسة، كما يدّعي البعض.

جاء ذلك خلال عرض وزارة الداخلية اعترافات مجموعة من المعتقلين، قالت إنهم ينتمون إلى خلية تابعة لحزب البعث quot;الصداميquot; المحظورة، يشكل أفرادها الاثنين والعشرون مجموعة من 200 معتقلاً، بتهم ارتكاب جرائم قتل واختطاف وسطو مسلح.

وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عادل دحام إلى أن هذه الخلية مسؤولة عن ارتكاب ثلاثة آلاف جريمة قتل منذ عام 2004، وخاصة ضد المتطوعين في الجيش والشرطة، من خلال الاتفاق مع سائقي السيارات، الذين كانوا يقلونهم إلى مراكز التطوع، ثم نقلهم إلى أمكنة يقتلون فيها، ثم تُرمى جثثهم في نهر دجلة.

ولفت إلى أن بعض المعتقلين كانوا يخفون أسلحتهم في المقابر، ثم يقومون باستخدامها في عمليات القتل التي يرتكبونها. وأوضح أن اثنين من أصحاب الزوارق النهرية كانوا يتعاملون مع الخلية لتسهيل تنفيذ عملياتها. وقال أحد المعتقلين، واسمه محمد علي حسين، إنه من مواليد عام 1983، وقام بارتكاب ألف عملية قتل... وآخر اسمه رائد محمد أسود، قال إنه نفّذ هجومًا على رتل عسكري.

وكانت السلطات العراقية أعلنت في أواخر الشهر الماضي عن اعتقال حوالى 700 من عناصر حزب البعث المحظور، قالت إنهم كانوا يعدّون لمحاولة انقلاب بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في نهاية الشهر المقبل، من خلال قيامهم بإعادة تنظيم حزبهم المحظور منذ عام 2003.

وكان المالكي قال لدى الإعلان عن اعتقال هؤلاء إن quot;بقايا النظام السابق ما زالوا يمارسون الدور الإرهابي نفسه، فهم شركاء في كل الأعمال الإجرامية، التي تستهدف العراقيين، إلى جانب القاعدة وغيرهاquot;. وقد شملت الاعتقالات محافظات صلاح الدين والأنبار الغربيتين والبصرة وواسط وذي قار الجنوبية وديالى وبغداد في الوسط.

يذكر أن الدستور العراقي منع عودة حزب البعث إلى الحياة السياسية بعد سقوط النظام السابق عام 2003، وتشكلت على إثرها هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث، لكنها لم تفرض عقوبات قضائية على أعضائه سوى الإبعاد من الوظيفة. ومنعت الهيئة، التي تشكلت كبديل عن هيئة اجثتاث البعث، مئات المرشحين من المشاركة في الانتخابات التشريعية، التي جرت في السابع من آذار (مارس) عام 2010 نظرًا إلى ارتباطهم بحزب البعث.

وكانت الحكومة العراقية أقرّت في مطلع حزيران (يونيو) الماضي مشروع قانون يحظّر نشاط حزب البعث، ويفرض عقوبات بالسجن تصل إلى عشر سنوات على من ينتمي إلى هذا الحزب المنحلّ أو إلى الكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والتكفيرية.

الصدر يدعو مستشارة للمالكي إلى اعتذار عن وصفها الأميركيين بالمحررين

مريم الريس مستشارة رئيس الوزراء نوري المالكي

إلى ذلك، دعا الصدر مريم الريس مستشارة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى الاعتذار للمجاهدين والشهداء والثكالى عن وصفها الأميركيين بمحرري العراق.

جاء ذلك في رد للصدر على سؤال وجّهه إليه أحد انصاره، قال فيه quot;خرجت المدعوة مريم الريس، التي تحمل عنوان مستشارة رئيس الوزراء، على قناة الحرة، بتصريح تشكر فيه الملعون رئيس الشر الأميركي (بوش)، معتبرة أنه حرر العراق .. كما قالت (يجب شكر القوات الأميركية والشعب الأميركي، لأنهم حرروا العراق، ويجب أن لا نطلق عليهم مسمّى قوات احتلال.. فما هو رأيكم بتصريحات كتلك؟quot;.

وقد أجاب الزعيم الشيعي، الذي يعتبر من أشد أعداء الوجود الأميركي في العراق، بقوله quot;بسمه تعالى.. عجبًا.. لم أكن أتوقع منها ذلك.. عليها أن تعتذر للمجاهدين والوطنيين والشرفاء ولكل الشهداء والجرحى والفقراء والثكلى والأسرى والمعتقلين وكل من سمع أزيز الطائرات.. و ... و.. quot;.

وفي وقت سابق اليوم، أكد ممثل الأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلن خلال مؤتمر صحافي في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) عقب اجتماع مع المرجع الشيعي الأعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني قدرة العراق على حفظ الأمن بعد الانسحاب الأميركي، برغم المشاكل والتحديات التي تنتظر البلاد، إذا انتقلت من نظام أمني إلى آخر.

وأشار إلى أنه ناقش مع السيستاني الانسحاب الأميركي من العراق، وجهوزية القوات الأمنية العراقية، التي ستكون مسؤولة عن حفظ الأمن في البلاد. وأضاف أن هناك فرصة كبيرة للعراقيين ليثبتوا للعالم أنهم أهل لتحمّل المسؤولية.. مؤكدًا استعداد الأمم المتحدة لتقديم المساعدة على المستوى السياسي والتنموي إلى العراق.

من جهتهم فقد أحيا جنود أميركيون في قاعدة عسكرية قرب بغداد آخر عيد شكر لهم في العراق، معلنين عن سعادتهم لقرب عودتهم إلى الولايات المتحدة. ويحيي الأميركيون عيد الشكر بعد أيام، إلا أن الجنود قرروا تنظيم الاحتفال في وقت مبكر، والتوجّه إلى مقر تناول الطعام في معسكر فيكتوري، قبيل إغلاقه بشكل نهائي، حيث تجمع حوالى 6600 جندي ومقاول أميركي في المعسكر.

وتعمل الولايات المتحدة حاليًا على سحب كل قواتها من العراق قبل نهاية الشهر المقبل، بموجب اتفاقية أمنية موقعة بين بغداد وواشنطن. وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في 21 من الشهر الماضي أن القوات الأميركية ستنسحب بالكامل من العراق في نهاية العام الحالي، منهية بذلك حربًا استمرت حوالى تسع سنوات، قتل فيها آلاف الجنود الأميركيين، وعشرات آلاف العراقيين، وكلفت مئات مليارات الدولارات.

وكان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أقرّ الثلاثاء الماضي بأنه يشعر بالقلق إزاء مستقبل العراق بعد انسحاب آخر القوات الأميركية، لكنه اعتبر أن مستقبل البلدين مرتبط ارتباطًا وثيقًا بسبب الدماء التي أهرقت من أبنائهما، والمبالغ التي أنفقتها الولايات المتحدة منذ دخولها إلى البلاد للإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 2003.

يذكر أن الاتفاقية الأمنية الموقّعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2008 تنصّ على وجوب انسحاب كل قوات الولايات المتحدة من كل الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول (ديسمبر) من عام 2011 الحالي، بعدما انسحبت قواتها المقاتلة بموجب هذه الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران (يونيو) عام 2009.