شاب يحاول إيقاف الإشتباكات في ميدان التحرير في القاهرة

عبّر بعض متظاهري ميدان التحرير في مصر عن غضبهم من إجراء الإنتخابات التشريعية المزمعة الإثنين في هذه الظروف، فيما أوضح آخرون ان وجودهم في الميدان هو فقط لحماية ثورتهم. وأكّد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي انه مستعد لرئاسة حكومة انقاذ وطني والتخلي عن الترشح للرئاسة.


القاهرة: قبل 48 ساعة من بدء الانتخابات التشريعية وفي محاولة لتهدئة الازمة السياسية الاعنف التي تواجهها البلاد منذ اسقاط حسني مبارك، التقى رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي السبت المرشحين المحتملين للرئاسة عمرو موسى ومحمد البرادعي الذي اعلن بعدها بساعات استعداده لرئاسة حكومة انقاذ وطني.

وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية ان المشير طنطاوي بحث خلال لقاءين منفصلين مع البرادعي وموسى quot;آخر المستجدات والاوضاع على الساحة الداخليةquot;.

وافادت مصادر سياسية ان الاجتماعين تناولا امكان تشكيل لجنة استشارية للمجلس العسكري تضم قيادات سياسية مدنية من بينها البرادعي وموسى وذلك كحل وسط لتهدئة المتظاهرين في ميدان التحرير الذين يطالبون منذ السبت الماضي بتسليم الحكم لسلطة مدنية فورا.

غير ان البرادعي اعلن بعد لقاء عقده مع ممثلي الاحزاب السياسية والحركات شبابية التي دعت الى تظاهرة حاشدة جديدة الاحد في ميدان التحرير اطلقت عليها quot;مليونية الشرعية الثوريةquot; انه مستعد لرئاسة حكومة انقاذ وطني والتخلي عن الترشح للرئاسة الجمهورية.

وفي بيان اصدره مكتبه الاعلامي مساء السبت اكد البرادعي، الذي سبق ان اعلن عزمه على الترشح لانتخابات الرئاسة، quot;استعداده الاستجابة لطلب شباب الثورة وقوى الثورة المجتمعة فى ميادين مصر والقوى السياسية والاضطلاع بمسؤولية تشكيل حكومة انقاذ وطني تمثل كافة القوى الوطنية، على أن تكون لهذه الحكومة الصلاحيات الكاملة لإدارة المرحلة الإنتقالية وإستعادة الأمن وإحياء الاقتصاد وتحقيق أهداف الثورة المصريةquot;.

واضاف أنه quot;إذا ما طلب منه تشكيل مثل هذه الحكومة رسميا فإنه على استعداد للتنازل عن فكرة الترشح للرئاسة وذلك لتوفير الثقة والحياد الكامل في قيادته للمرحلة الانتقاليةquot;.

وكانت مجموعة من ممثلي الاحزاب السياسية والحركات الشبابية المشاركة في تظاهرات التحرير اقترحت مساء الجمعة ان يتولى البرادعي رئاسة حكومة انقاذ وطني كمخرج للازمة السياسية الاعنف التي تعصف بالبلاد منذ تولى المجلس العسكري السلطة اثر اطاحة مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي.

وبدأت الازمة السبت الماضي مع اندلاع تظاهرات في ميدان التحرير تصدت لها قوات الامن بعنف ما ادى وقوع مواجهات ارتفعت حصيلتها السبت الى 42 قتيلا، كما اتسعت حركة الاحتجاج وتزايد اصرار الحركات الشبابية على مطلبها بان يسلم المجلس العسكري الحكم فورا الى سلطة مدنية.

واوضح بيان المكتب الاعلامي للبرادعي انه التقى عددا من quot;ممثلي ائتلافات شباب الثورة وحركة 6 ابريل والقوى والاحزاب السياسية لمناقشة تطورات الوضع السياسي وما يتم تداوله من مقترحات للخروج بالبلاد من المأزق الذي تمر بهquot;.

واضاف البيان ان quot;المشاركين فى الاجتماع اكدوا رفضهم تكليفquot; رئيس الوزراء الاسبق كمال الجنزوري quot;بتشكيل حكومة جديدة وأعادوا التأكيد على أن المخرج الوحيد من الأزمة الحالية هو تشكيل حكومة إنقاذ وطني ذات صلاحيات كاملة لإدارة المرحلة الإنتقالية حتى إجراء الانتخابات الرئاسيةquot;.

وتعهد رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، وهو رئيس الجمهورية الفعلي في الوقت الراهن، الثلاثاء الماضي باجراء الانتخابات الرئاسية في موعد لا يتجاوز 30 حزيران/يونيو المقبل.

وكان المجلس العسكري قرر الجمعة تكليف كمال الجنزوري الذي كان رئيسا للوزراء في عهد مبارك ما بين العامين 1996 و1999 بتشكيل حكومة جديدة، الامر الذي رفضته على الفور الحركات الشبابية والاحزاب السياسية المشاركة في تظاهرات التحرير التي اقترحت مساء الجمعة تعيين البرادعي رئيسا للوزراء.

وسقط صباح السبت قتيل من المتظاهرين المعتصمين امام مقر رئاسة الوزراء منذ مساء الجمعة لمنع الجنزوري من دخوله لترتفع حصيلة المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين التي اندلعت في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري الى 42 قتيلا اضافة الى اكثر من 3 الاف جريح. وافاد شهود ان الشاب قتل سحقا تحت عجلات عربة لقوات الامن.

وقالت وزارة الداخلية في بيان ان الشاب قتل بعدما صدمته سيارة شرطة بطريق الخطأ مؤكدة ان quot;مجموعات من الشباب قامت بالقاء زجاجات المولوتوف المشتعلة والحجارة على السيارات والقوات، ما ادى الى اصابة بعض القوات وحدوث حالة من الارتباك الشديد واصطدام احدى السيارات بطريق الخطأ بالمواطن احمد سيد سرور اثناء رجوعها الى الخلفquot;.

وشهدت القاهرة امس ايضا تظاهرة حاشدة مضادة في ميدان العباسية لمؤيدي المجلس العسكري ندد المشاركون فيها بالبرادعي ورحبوا بتعيين الجنزوري. واثارت تظاهرات التحرير وتظاهرة العباسية المضادة مخاوف البعض من حدوث انقسام في الشارع المصري وعنونت صحيفة الاهرام الحكومية quot;خطر الانقسامquot; فيما عنونت quot;الشروقquot; المستقلة quot;العباسية والاخوان في مواجهة مليونية حق الشهيدquot; في اشارة الى تحالف القوى الاسلامية مع المجلس العسكري. كما عنونت quot;المصري اليومquot; المستقلة quot;مصر ممزقةquot;

وتأتي هذه التطورات قبل اقل من 48 ساعة على اول انتخابات تشريعية بعد سقوط مبارك. وتبدأ المرحلة الاولى لانتخابات مجلس الشعب الاثنين في تسع محافظات من بينها القاهرة والاسكندرية.

وادلى اكثر من 100 الف مصري في الخارج، بأصواتهم للمرة الاولى التي يمارسون فيها هذا الحق. وتمت عمليات التصويت في السفارات والقنصليات المصرية. من جهة اخرى، طردت السلطات المصرية السبت ثلاثة اميركيين تم توقيفهم الاسبوع الماضي في ميدان التحرير بتهمة المشاركة في الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة وذلك بعد 48 ساعة من قرار اتخذه القضاء المصري باطلاق سراحهم على ذمة التحقيقات.

متظاهرو الميدان لا يريدون الإنتنخابات

يقول عبد الحميد سليط بنوع من اللامبالاة quot;انتخابات؟ انها اخر ما نحتاج اليه الان فنحن هنا لنحمي ثورتناquot; في اشارة الى الانتخابات التشريعية التي تبدا الاثنين في مصر في حين يبدي غيره من متظاهري ميدان التحرير في القاهرة غضبه من اجراء هذه الانتخابات في الظروف الحالية.

ويضيف عبد الحميد وهو مهندس في الخامسة والستين quot;الناس هنا لا تشعر بانها معنية بالتصويت انهم يريدون حياة كريمة ويريدون الحريةquot;. ويتابع quot;سواء جرت الانتخابات ام لا لن نترك احدا يسرق ثورتناquot;. وعلى لافتة رفعها ناشطون كتب quot;الثورة قالت كلمتها الانتخابات لن تهددهاquot; او quot;انتخابات، استفتاء كل هذا الهاءquot;.

من جانبه يقول مصطفى شعث الباحث الثلاثيني بحزم quot;لن اصوتquot; متسائلا quot;كيف تريدونني ان اصوت في حين ان هذا البرلمان لن يكون له اي صلاحيات في ظل الجيش الحاكم؟quot;. ويوضح quot;الوضع في حالة فوضى شديدة ونحن لا نريد ان تجرى الانتخابات في مثل هذه الظروفquot;.

وقد تعهد المشير محمد طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى حكم البلاد منذ تنحية الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير الماضي بان يترك السلطة الى رئيس ينتخب قبل حزيران/يونيو 2012. لكن المتظاهرين يطالبون برحيل المجلس الان متهمين طنطاوي باتباع نفس سياسة الرئيس المخلوع القمعية.

وتقول دعاء خميس وهي مترجمة في الثامنة والثلاثين ان quot;اجراء الانتخابات الان مثل الذي يخيط جرح قبل تطهيرهquot;. وتضيف quot;كما لو انه لم تحدث ثورةquot; رافعة مع شقيقتها آية لافتة تشجب الانتخابات. وتقول آية من جانبها quot;سنبقى في نفس الدائرة المفرغة لان فلول النظام الفاسد سيظلوا موجودين حتى مع الانتخاباتquot;.

وهي تعبر بذلك عن مشاعر العديد من الشباب الذين يشعرون بالاحباط لكون quot;ثورتهمquot; لم تأت بقيادات جديدة.واكثر ما يثير غضب التحرير وجود مرشحين من الاعضاء السابقين في الحزب الوطني الديموقراطي، حزب مبارك الذي تم حله بعد الثورة والذي افسد الحياة السياسية في عهد الرئيس السابق.

وقد ترشح بعض هؤلاء الى الانتخابات تحت راية احزاب اخرى او كquot;مستقلينquot;. كما يستنكر الناشطون فكرة اجراء هذه الانتخابات قبل محاكمة المسؤولين عن سقوط 42 قتيلا في الاشتباكات الاخيرة بين قوات الامن والمتظاهرين.

وتقول سلوى حجاج عضو الكتلة المصرية، التي تمثل القوى الرئيسية للتيار الليبرالي وتضم نحو 15 حزبا ابرزها حزب quot;المصريين الاحرارquot; الذي اسسه رجل الاعمال نجيب ساويرس صاحب امبراطورية اوراسكوم تليكوم quot;كيف تريدون منا الاستمرار في الحملة والدماء تراق في الشوارعquot; دون ان تشير الى مقاطعة محتملة للانتخابات.

والسبت قتل متظاهر في ال19 من العمر في مواجهات جديدة مع الشرطة امام مبنى رئاسة الوزراء الذي يعتصم امامه العشرات. من جهة اخرى يرى البعض ان النظام الانتخابي شديد التعقيد مع تعدد المرشحين اضافة الى مخاوف من الوضع الامني.

وتعترف سماح عبد الرحمن الموجودة في ميدان التحرير مع زوجها وطفلها quot;في الحقيقة لا اعرف كيف ادلي بصوتيquot; مضيفة quot;ربما تقع ايضا حوادث خلال التصويت .. من يدريquot;. غير ان فكرة المقاطعة تطرح ايضا مشكلة بالنسبة للمتظاهرين لانها قد تؤدي الى ان يفقد معسكرهم الكثير من الاصوات اذا لم تتبناها باقي التيارات السياسية.

ويقول عمر كريم وهو عازف موسيقي quot;نظرا للوضع الحالي من واجبنا الاخلاقي مقاطعة الانتخابات. لكن المشكلة هي انه في حالة عدم وجود مقاطعة من الجميع فمن الضروري جدا ان ندلي باصواتناquot;.