انتشرت حكايات مثيرة عن التجسس والعمل السري من إيران في الأسابيع الاخيرة، حيث زرعت فيروسات الكمبيوتر وطائرات بدون طيار تسيطر عليها قوات أجنبية، لتعيث فساداً في المواد المتفجرة، وحالات وفاة غامضة لا يعرف من المسؤول عن تنفيذها.


لميس فرحات: في ظل الفوضى والإضطراب في الشرق الأوسط، لم تعد إيران الدولة الوحيدة التي تشهد ارتفاعاً في أعمال التجسس. ففي أوقات الاضطرابات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تكثف الأطراف المهتمة استخدام العملاء على الأرض، والطائرات التجسسية في السماء من أجل جمع المعلومات الاستخباراتية.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;ناشونال بوستquot; عن لوش جونسون، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورجيا، قوله: quot;عندما يتعلق الأمر بالربيع العربي، ترتفع أعمال التجسس بسرعة رهيبة وبنسبة 100 % quot;. وفي إيران، كشف أخيرًا عن أعمال تجسس، تضمنت جمع المعلومات، تنفيذ العمليات السرية، واستخدام المعلونات للتلاعب أو التسبب بأضرار للخصوم.

خلال هذا الأسبوع، قال أحد النواب الإيرانيين إن بلاده اعتقلت 12 من نشطاء وكالة الاستخبارات المركزية، بتهمة أنهم كانوا يعملون مع وكالة الاستخبارات الإسرائيلية، الموساد، والمجموعات الإقليمية الأخرى لإحداث الأضرار ببرنامج البلاد العسكري والنووي.

يأتي هذا الخبر بعد أقل من أسبوع من إعلان حزب الله اللبناني باعتقال عشرات الجواسيس في إيران ولبنان. وأعقب ذلك أيضاً مقتل 17 من الحرس الثوري الايراني في انفجار ضخم في قاعدة الصواريخ quot;الغديرquot; في طهران، من ضمنهم المهندس الرئيس لبرنامج الصواريخ الإيراني، اللواء حسن مقدم.

تقول إحدى النظريات إن الفيروس الالكتروني الخبيث quot;ستكسنتquot;، الذي زرعه نشطاء غربيون أو إسرائيليون، أدى إلى تفجير أحد الصواريخ في القاعدة الإيرانية. من جانب آخر، كشف في الشهر الماضي عن مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة، اتهمت فيها المحكمة الاتحادية في نيويورك رجلين، أحدهم عضواً في وحدة إيران الخارجية - وقوة القدس، واتهما بالتآمر على القتل.

وأشارت وزارة العدل الأميركية إلى أن المتهمين حاولا استئجار رجل يعتقد أنه ينتمي إلى عصابة مخدرات مكسيكية لاغتيال السفير السعودي عادل الجبير أثناء تناوله الطعام في أحد المقاهي في واشنطن. وقال البروفيسور جونسون إن ايران ومعظم البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، والتي أثارت منذ فترة طويلة اهتمام الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة، تكتظ بالجواسيس منذ عقود.

الأمر سيان في سوريا، التي تشهد احتجاجات شعبية مناهضة للرئيس بشار الأسد، إضافة إلى مصر التي تشهد ثورة ثانية، وهذه المرة ضد الجيش. وتسعى الولايات المتحدة ودول أخرى، مثل إسرائيل، إلى جمع ما يكفي من المعلومات لمعرفة النتيجة النهائية للاضطرابات.

لكن يبدو أن الولايات المتحدة انتقائية في أعمالها السرية، فيقول جونسون: quot;بالتأكيد أن أميركا اعتمدت على أعمال التجسس للتخلّص من العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي، لكنني أستبعد أن يحدث الأمر نفسه في مصر، فالأميركيون يريدون الابتعاد عن المسألة، وليس من مصلحتهم أن يظهروا متورطين فيهاquot;.

قد تكون سوريا قصة أخرى، بسبب علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة، وتحالفاتها مع إيران ولبنان، كما إن حليفها حزب الله أصبح مكوناً أساسياً في الحكومة اللبنانية. فشعرت الدول الغربية بالقلق من التوترات الناجمة من التنافس السنّي/ الشيعي في المنطقة، وفقاً لدانيال مولفينا، ضابط مخابرات متقاعد ومحاضر في الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في واشنطن.

وأضاف: quot;كل التغييرات التي غيّرت الأنظمة ستكون لها تأثيرات على علاقة هذه الدول بالولايات المتحدة التي تحتاج جمع المعلومات عن الصراعات الداخلية في البلدان، التي تنفذ العمليات السرية والتجسس، وخصوصًا تلك التي تعتبر ضارة أو شريرةquot;.

ويقرّ خبراء الأمن بأن تقنية الأعمال التجسسية اختلفت بشكل جذري، وتحديداً بسبب التطور التكنولوجي، الذي جعل العمل التجسسي بحاجة أقل إلى العنصر البشري. وقال الخبير الأمني كريستيان لوبريخت إن الإنترنت مهّد الطريق أمام نمط مفتوح المصدر لجمع المعلومات الاستخبارية، وذلك بالتفتيش من خلال مواقع الإنترنت، المدونات، وعناوين بروتوكول الإنترنت والمواقع الاجتماعية لتجميع البيانات.

وأضاف: quot;إذا كنت تريد معرفة المزيد عن الاستياء الشعبي في الصين، فلست بحاجة إلى إرسال الجواسيس إلى هناك، كل ما عليك فعله هو الوصول إلى الشبكات الاجتماعية والتواصل مع مجتمعات الشتاتquot;، مضيفًا إن أدلة السخط الرئيسة، التي كانت مؤشراً إلى الربيع العربي، كانت متوافرة على الانترنت قبل انتفاضات تونس ومصر.

وأشار تشانغ هاييان، محلل سابق رفيع المستوى لرئيس الوزراء الصيني، إلى أن quot;عصرًا جديدًا من التجسس يعني أيضاً أنواعاً عصرية من الجواسيس المختلفة عن شخصية quot;جيمس بوندquot; الشهيرة، فالحاسوس يمكن أن يكون زميلاً أو صديقاً يسكن في الشارع المقابلquot;.