لا ينظر الإنجيليون الأميركيون إلى الربيع العربي من زاوية ديمقراطية

يبدو أن مواقف الانجيليين الأميركيين قد تغير تجاه الديمقراطية بعد الربيع العربي، حيث يرى هؤلاء أن المنطقة العربيةقد لا تتجه صوب حقبة جديدة من الحرية، في أعقاب الثورات التي شهدتها عدة دول عربية.


بينما كان يؤمن بشدة وبشكل دائم الإنجيليون الأميركيون بالديمقراطية، تغيرت مواقفهم وتحولت بشكل أو بآخر بمجرد وصول رياح الربيع العربي لمنطقة الشرق الأوسط. وهي الحالة التي رصدتها اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية، بعدما نوهت بأن المحررين في مجلة quot;كريستيانتي تودايquot; الإنجيلية بدأوا يترقبون ما قد يحدث إذا نجح السوريون في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد؛ كما رأت صحيفة quot;ذا بابتيست برس نيوزquot; أن الأمور لا تبدو وردية للغاية في مصر بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك مبارك؛ وحذر مارفين أولاسكي، رئيس تحرير مجلة quot;وورلدquot; المسيحية، من أن المنطقة قد لا تتجه صوب حقبة جديدة من الحرية، وإنما صوب quot;شكل مختلف من أشكال الاستبدادquot;.

وبالنظر إلى تعهد كثير من الإنجيليين بتعميد الآباء المؤسسين والإشادة بالصليب كما quot;تمثال الحريةquot;، قد يبدو من الغريب ترحيبهم بالحركات المؤيدة للديمقراطية التي شهدتها مؤخراً منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتناقض مميز. لكن إن كان ذلك أمراً مفاجئاً، فهذا يرجع فقط إلى أن كثيرا من مراقبي الشأن السياسي الأميركي لم يكونوا على اطلاع بوجهة النظر الإنجيلية، وبخاصة فهم الإنجيليون لأنفسهم باعتبارهم غرباء محاصرين ينتظرون أن يفقدوا الكثير حين لا تأخذ الديمقراطية مجراها.

وحين أبدى الإنجيليون اهتمامهم المتزايد بمنطقة الشرق الأوسط، مال المنتقدون للاشتباه في دافعين : أولهما ولاء الإنجيليين الأعمى ndash; كما هو مفترض ndash; لإسرائيل، وثانيهما رؤيتهم لسكان المنطقة باعتبارهم بيادق. ولفتت فورين بوليسي إلى أن تشككهم بشأن الجانب الذي يتعين عليهم الالتزام به في الربيع العربي ليس له علاقة تذكر بما إن كان ينبغي اعتبار حسني مبارك أحد رؤوس الوحش القرمزي الذي ورد في كتاب الوحي، ويرتبط بكثير مما يجب عمله بشأن الصعاب التي تواجه رفقاءهم المسيحيين، فضلاً عن ذلك الأداء السياسي المثالي الطيع الذي يطلق عليها الحرية الدينية.

وتابعت المجلة بقولها إن الإنجيليين قضوا وقتاً أطول في التعبير عن قلقهم بشأن اضطهاد المسيحيين هنا والآن أكثر من تأويلهم لتوقعات الكتاب المقدس بشأن نهاية العالم. وليس سراً أن يُقال أن ثورات الربيع العربي لم تصب في صالح الـ 25 مليون مسيحي المحاصرين في المنطقة. ودللت المجلة على ذلك بما حدث في مصر عقب سقوط مبارك، حيث بدأ الإسلاميون المتشددون في إثارة أعمال شغب ضد المسيحيين فضلاً عن قيامهم بتخريب الكنائس. ولفتت المجلة أيضاً إلى أوضاع المسيحيين في سوريا.

ويكاد يكون الإنجيليون هم الوحيدين الذين يشعرون بالقلق إزاء مصير الحرية الدينية، أو الحرية بصفة عامة، لهذا السبب، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لكنهم يخصصون جهداً كبيراً لمساعدة مسيحيي المنطقة ومنح الأموال والإمدادات والأناجيل من خلال شبكة من المنظمات مثل منظمة الحرية المسيحية الدولية ومنظمة صوت الشهداء، وصندوق رعاية المسيحيين المضطهدين وغيرها من المنظمات.

وأشارت المجلة في الإطار عينه إلى أن الطبيعة المنتشرة لأعمال الخير الإنجيلية تجعل الأرقام الخاصة بجمع التبرعات مراوغة، لكن يعلم مَن على صلة بالإنجيليين أنهم يتحمسون لتكريم الشهداء وفتح قنوات اتصال مع المسيحيين المضطهدين بالخارج. هذا ويميل معلقون علمانيون إلى التركيز على التأثير المزعوم للاعتقاد المروع على آراء وأصوات الإنجيليين. وأكدت المجلة في هذا السياق أن نظريات أوقات النهاية قد تؤثر في ردود فعل الإنجيليين على شؤون العالم.

ومضت المجلة تقول إن المنهاج الخاص بالتقدمية حظي بشعبية كبرى في بداية القرن العشرين، لكن قبضته على الثقافة الإنجيلية بدأ يتضاءل خلال العقود الأخيرة. ولفتت المجلة كذلك إلى أن صناعة السياحة المسيحية الصاخبة في الأراضي المقدسة تعتبر بمثابة الدليل الآخر الذي يؤكد حقيقة افتتان الإنجيليين في منطقة الشرق الأوسط. كما لفتت المجلة إلى غياب حديث النبوءات بشكل واضح عن التيار الرئيس لتغطية الإنجيليين لأحداث الربيع العربي. ورأت المجلة أن اعتمادهم في التغطية على تلك الصور والتقارير الإخبارية التي تدمي القلوب لعب دوراً كبيراً في تشكيل وصياغة الآراء الإنجيلية بشأن الإسلام والسياسات الخارجية للولايات المتحدة.

وختمت المجلة الأميركية بقولها إنه في كل مرة ينغمس فيها الإنجيليون في نوبة ضحك بشأن اضطهاد الإنجيليين الأميركيين والطريقة التي يشن من خلالها الليبراليون حرباً على المسيحيين، فإنهم يضعفون قضيتهم ضد طغيان الأغلبية في الشرق الأوسط ويهينون تلك التجمعات الجالسة وراء الستائر المسدلة في كل من مصر وليبيا.