تحت شعار quot;احذر الشعب ما زال قابلاً للالتهابquot; نصب المئات من التونسيين أمام مقر المجلس التأسيسي في قصر باردو في الضاحية الغربية لتونس العاصمة، خيماً ضمت عددًا من ممثلي المجتمع المدني والأحزاب المعارضة في اعتصام مفتوح للضغط على أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ومطالبتهم باحترام خيارات الشعب التي جاءت بها ثورة 14 يناير والتي تتمحور حول ركائز أساسية أهمها الحرية والمساواة والكرامة.


متظاهرون في تونس يطالبون بالحرية والمساواة

عبّر المتظاهرون الذين توافدوا باعداد كبيرة عززها حضور كثيف من الشخصيات الوطنية والسياسية والمثقفين من مختلف محافظات الجمهورية عن استيائهم الشديد من هيمنة بعض الأحزاب الفائزة في الانتخابات على جلّ الصلاحيات والسلطات في محاولة لانتاج دكتاتورية في ثوب جديد تواصل سياسة الجهل والتعتيم وكمّ الافواه التي كان انتهجها النظام المخلوع.

ضمان الحريات

وطالب المتظاهرون، بقناة برلمانية تنقل بكل شفافية ما يدور داخل أروقة المجلس من مناقشات يقرر على أثرها مصير الشعب ومستقبل البلاد، رافعين في الآن ذاته شعارات نددوا فيها بالتطرف والعنف، إلى جانب المطالبة بالديمقراطية وبضمان الحريات الفردية والعامة.

وقال نزار القادري باحث في الانتروبولوجيا، وهو من بين المتوافدين على ساحة الاعتصام ان هناك أنساقًا معرفية جديدة تدخل إلى تونس وجب التعامل معها كظواهر اجتماعية تأخذ شكلها الطبيعي وتنتهي، وقال إن الساسة التونسيين من واجبهم ان يتعاملوا مع التغيرات الجديدة بشكل منطقي ومتحضّر وان ما تعيشه تونس اليوم هو زلزال اجتماعي رائع سيلحقه الاستواء والتشكّل الاجتماعي.

وقال ان هناك فرصة تاريخية أمام الأحزاب لكي تستوعب الآخر، لأن الثورة قلبت موازين البلاد رأساً على عقب والساسة اليوم من واجبهم اعتماد اخطر حاسة لدى الإنسان، وهي حاسة السمع والتركيز ليتم بذلك الاستماع مليًا الى ما يطلبه الآخر، وبالتالي فهمه جيدًا من اجل التغيير نحو الأفضل، وهي فرصة للمصالحة مع القانون ومع الآخر، لأن تونس تهمّ الجميع.

وقال إن ما يراه اليوم هو مجرد مزاج رافض، فالكل يرفض الآخر دون وعي بخطورة المرحلة الراهنة وما تتطلبه من رهانات كبيرة وتجاوز للذات في سبيل المجتمع. وقال إن الانغلاق الذي مرت به بعض الدول الأخرى لم تسقط في شركه تونس، وبالتالي يجب المرور من العتمة إلى الحالة الصحية، وأن يتعلم الزعماء كيفيقبلون الآخر والمختلف حتى يقدموا مشهدًا سياسيًا متطورًا حداثيا يشمل الجميع ولا يقصى أيًّا كان.

الشغل والحرية والكرامة والوطنية

ومن جهته، قال السيد سمير طعم الله عضو القيادة الوطنية في حزب العمال الشيوعي إن الثورة اندلعت في تونس رافعة شعارًا مركزياً معيناً، وهو الشغل والحرية والكرامة والوطنية، أين يكمن البعد الاجتماعي والديمقراطي.

وأضاف أن انتخابات المجلس التأسيسي افرزت قوى تصدر مؤشرات لا تسير في اتجاه مكاسب الثورة وما سطرته من اهداف محددة وأن الغاية ليست مجرد سد الشغور السياسي، بل أن مطالب الشعب تتلخص في أمور حيوية ومشروعة، وبالتالي فإن الاحتجاج الذي انطلق يوم الأربعاء بمظاهرة دعت إليهاأحزاب عدةومنظمات وجمعيات هي للمطالبة بمراجعة مشروعات القوانين المتعلقة بالتنظيم الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي، والتنظيم المؤقت للسلطات العامة، وضمان الفصل بين السلطات، إلى جانب التأكيد على ضرورة عرض الدستور الجديد لتونس على الاستفتاء الشعبي ومعالجة الملفات الجوهرية، وفي مقدمتها الفقر والبطالة.

ويذكر أن عديد المنظمات والجمعيات تواصل نصب خيمها في انتظار التحاق المعتصمين من عديد المحافظات على غرار القصرين وسيدي بوزيد، وهو المكان ذاته الذي اندلعت فيه شرارة الثورة الأولى، وباجة وقفصة جنوب العاصمة تونس، والتي تشهد بدورها احتجاجات متلاحقة في الحوض المنجمي بسبب الفقر والبطالة والتهميش والمحسوبية، وذلك لمزيد الضغط على أعضاء المجلس التأسيسي.

وحول وجوده في ساحة الاعتصام عبّر الطالب فواز عن استيائه الشديد مما يحصل داخل أروقة المجلس، منددًا بمحاولات طمس مطالب الشعب والهائه بمواضيع لا تغني من جوع، وذلك لمجرد دفع نظره عما يحدث في الكواليس وربح اكثر ما يمكن من وقت للفوز بالكراسي والصراع حول الزعامات، وقال إن الاعتصام متواصل ما لم يتوان اعداء الثورة عن مراوغتهم للشعب حاملا شعار quot;أنّا للشارع وانّا اليه عائدونquot;.