النحاسي توفي بسبب طلقة ناريةابتهاجًا باعتقال معتصم القذافي

في حين يظنّ الليبيون أنهم حققوا حريتهم بوساطة السلاح، وقضوا على نظام رئيسهم السابق، لا تزال هذه القطع موجودة بين أيدي المدنيين، ما يشكّل لعنة بالنسبة إلى البعض، كعائلة نحاسي، التي فقدت معيلها إثر طلقة نارية خاطئة.


القاهرة: يبدو أن لعنات الانتفاضة، التي تمكّن الليبيون في نهايتها من إنهاء فترة حكم الزعيم الليبي الراحل، معمّر القذافي، ستبقى معهم لبعض الوقت، خاصة في ظل توافر عنصر السلاح بين أيدي كثير ممن شاركوا في ذلك الجهد العسكري، الذي كتب نهاية القذافي.

وهو المعنى الذي أكدت عليه اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية، بحديثها عن تلك الواقعة، التي راح ضحيتها ربّ أسرة من الثوار، وهو في منزله، حيث كان يحتفل برفقة أولاده بخبر اعتقال معتصم القذافي، بعدما أخطأت طلقات بندقيته طريقها لتصيبه في مناطق مختلفة من بطنه وصدره، ليلقى بعدها حتفه في غضون نصف ساعة.

وهو تأكيد من الصحيفة على أن المدنيين الليبيين، من أمثال ذلك الأب، الذي يُدعى حسن نحاسي، (حيث كان يعمل قبل الثورة في أعمال الصلب) مازالوا متمسكين بما أطلقت عليه الصحيفة quot;الإرث المميتquot;.

ولفتت الصحيفة في هذا السياق إلى أن تفاصيل تلك الواقعة تعود إلى يوم العشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حين تلقَّى نحاسي، وهو رجل في منتصف العمر، بعد عودته من خط القتال الأمامي في سرت، للحصول على راحة مع زوجته وأولاده، أنباءً تتحدث عن اعتقال المعتصم، نجل القذافي، على الجبهة التي كان يمكث عليها قبل بضع ساعات.

لتبدأ بعدها الاحتفالات عبر إطلاق وابل من الأعيرة النارية في الهواء في أنحاء مصراتة كافة. لم يختلف الحال كثيراً داخل منزل نحاسي، حيث طلب منه أحد أبنائه، ويُدعى صادق، 14 عاماً، أن يطلق عياراً نارياً ابتهاجاً بهذا الخبر السار.

وقد كان للابن بالفعل ما أراد، حيث اصطحبه والده إلى فناء المنزل الأمامي، وأعدّ له البندقية، ومنحها إياه، ثم قام بعدها بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء. في غضون ذلك، استيقظ شقيقه الأصغر، علي، 12 عاماً، الذي كان ينام في الداخل، وطلب أن يفعل الشيء نفسه.

ونتيجة لعدم درايته بالبندقية، أو طريقة تشغيلها، كاد أن يُصيب نفسه، وقد شعر بدوار وسقط مغشياً عليه، وهو ما دفع الأب إلى التوجّه صوبه، بينما كانت تواصل البندقية إطلاق الأعيرة النارية بصورة أوتوماتيكية، فاخترقت إحدى الرصاصات كتف الابن الأكبر صادق، بينما أصابت طلقات أخرى عدةالأب نحاسي في بطنه وصدره.

وهو ما دفع الصحيفة للقول إن مأساة عائلة نحاسي ليست سوى مثال، وإن كان مصغراً لكآبة الحصيلة الدموية للثورة الليبية، وللحكايات الحزينة التي عاشتها ليبيا هذا العام.

وفي وقت يتفق فيه معظم الليبيين على أن السلاح قد فتح لهم طريق الحصول على الحرية، إلا أنه في وقت تهيمن فيه حالة من الغموض على مستقبل البلاد، يكاد لا يوجد أحد حتى الآن متأكدًا من الآلية التي يمكن التخلي بوساطتها عن السلاح، رغم اعتراف الليبيين بأن جزءًا كبيراً من ترسانة أسلحة قائدهم السابق سيكون من الأفضل عدم تركها على نحو طليق.

ونقلت الصحيفة هنا عن ابن عم صادق، ويُدعى عبد الله كمال بن حميدة، 22 عاماً، قوله إن الأفراد البالغين يحتفظون بالسلاح بعيداً عن أيدي الأطفال الصغار، لكنهم، بالرغم من ذلك، يعتزمون الإبقاء عليه.

وأضاف حميدة quot;من الصعب وضع السلاح الآن، لأنني لا أعرف من هو عدوي، ومن هو صديقي. وحين يتم تشكيل حكومة جديدة، تكون قوية ونثق فيها، فسنسلّمها حينها السلاح. لكننا لن نسلّمه الآن، ولن نسلمه إلى المجلس الوطني الانتقاليquot;.

وأشار حميدة، وهو طالب يدرس الأحياء البيولوجية، إلى أنه يتوق إلى العودة إلى الحياة المدنية، وأن يترك الحرب والقتال. غير أنه أوضح أنه يعتزم الاحتفاظ بترسانة صغيرة من الأسلحة في منزله، حيث يمتلك 5 بنادق آلية، حصل عليها من قوات القذافي المهزومة، انتظاراً لما يمكن أن يحدث خلال الفترة المقبلة من تطورات.