يقلق المهاجرون المغاربةفي بلجيكا من استغلال اليمين المتطرف لحادثة لييج التي قتل خلالها مجرم7 على الأقل في سوق للوازم الاحتفال برأس السنة لينتحر بعد ذلك.

الجاني نور الدين عمراني

يحاول سكان لييج و معهم جميع البلجيكيين،أن يفوتوا الفرصة على أقلية بلجيكية تكن العداء للآخر،ألفت التشهير بالمهاجرين.يحاولون فهم ما حدث بالضبط صباح الثلاثاء الأخير،و ينظرون بشجاعة إلى الأسئلة الشائكة التي يطرحها هذا الحادث الأليم وجها لوجه كما يقول الفرنسيون

هذا ما حاولت لوسوار البلجيكية الجادة، التي لها مكانتها الخاصة ضمن المشهد الصحافي الأوروبي، أن تصل إليه من خلال افتتاحية لها، عن القراءات الصغيرة التي تعطى لجريمة غامضة الخلفيات، وواضحة النتائج بحصيلة ثقيلة.

كتب صاحب الافتتاحية أن quot;الشبكات الاجتماعية تضج مسبقا بالتلميحات الحاقدة بخصوص أصول القاتلquot;، وحثت في نفس الوقت على ضرورة الرد على هذه الاتهاماتquot;مؤكدة كذلك على وجوب تسليط الضوء على حياة الجاني لقراءة ما وراء الجريمة.

وفي تعليق ورد في نفس الصحيفة، على الاتهامات التي بدأت توجه من طرف البعض إلى الجالية المغربية هناك، يعبر أحد المدافعين عنها بنوع من الحكمة التي تدحض هذه الأحكام المسبقة، والتي عادة ما يحركها إيمان هؤلاء بإيديولوجية الكراهية ورفض الآخر، و لعبهم البليد على هذا النوع من الأحداث المؤلمة لركوبها.

يقول هذا المعلق بلغة عميقة، وهو يرد على من يحاولون إلصاق التهم بالمهاجرين: quot;صدمت لبعض التعليقات... كيف يمكن لكم أن تكونوا متأكدين أن الأمر يتعلق بكراهية المجتمع الغربي؟ المشكل لا يرتبط باسم القاتل، ولا بأصوله... أنا أقول كفى للناس الذين لهم ردات فعل بلهاءquot;.

لحسن الحظ أن في بلد مثل بلجيكا quot;السلطات أظهرت فعاليتها وحكمتها انطلاقا من رجال الشرطة في الميدان ووصولا إلى أعلى سلطة في الدولة. الأيام المقبلة ستكون حاسمة. لا يمكن أن تنتهي السنة دون إجابة عن السؤال (لماذا)؟quot;، تكتب الصحيفة البلجيكية.

وبعيدا عن المزايدات العنصرية على ظهور المهاجرين، تتبع السلطات البلجيكية لغة القانون والعقل، التي أشادت بها هنا جريدة لوسوار، لكنها تحدثت في الوقت نفسه بلسان رأي عام غير مستعد أن يمر مرور الكرام على مجزرة بهذا الحجم، وبدون توضيحات تذكر، فهو يريد أن يفهم لماذا تصرف نور الدين عمراني بهذا الجنون القاتل.

العمراني: الحكومة البلجيكية ذهبت إلى التهدئة

وقال الإعلامي والفاعل الحقوقي سعيد العمراني إن الجالية المغربية صدمت لهذه المجزرة، إلا أنها تأسف لكون quot;تنسيقية بلجيكا لمنتدى حقو ق الإنسان لشمال المغرب وأوروبا، لوحدها حتى الآن، من بادرت بإصدار بيان يندد بما أسماه quot;بالعملية الوحشيةquot;.

و يضيف العمراني، في تصريح لإيلاف، أن المهاجرين المغاربة quot;يحملون المسؤولية للشرطة والعدالة البلجيكية، التي أطلقت سراح مجرم خطير سبق أن حوكم بـ 5 سنوات سجنا سنة 2008... إذ يتساءل الكثيرون كيف تم إطلاق سراح هذا المجرم القاتل بشروط، وهو لم يقض حتى مدة عقوبته الحبسيةquot;.

وسجل العمراني نوعا من القلق لدى المهاجرين المغاربة بعد هذه الجريمة، والذين ينظرون إليها بمثابة المصيبة التي حلت بهم، معبرين عن توجساتهم من أن يستغلها اليمين المتطرف في الأيام القادمة بشكل يسيء إليهم باعتبارها quot;ورقةً ذهبيةُquot; وقعت بين يديه.

وحول موقف الحكومة البلجيكية من الحادث، يوضح العمراني المقيم في بروكسيل: quot;صراحة كل الأطراف و خاصة الحكومية منها، ذهبت إلى تهدئة الوضع وعدم إلباس أي لبس عنصري أو عدائي ضد لمغاربةquot;.

ويزيد قائلا: quot;الرد السلبي الوحيد هو الذي جاء على لسان دو ويبر زعيم حزب التحالف الفلاماني الجديد ( الحزب القوي في جهة فلاندر)؛ حينما ندد أمس على القناة التلفزية quot;غ. ت. ل ndash; ت. ب.ايquot; بتسوية أوراق المهاجرين السريين في مناسبتين في بلجيكاquot;.

تنسيقية حقوقية تناشد المغاربة توخي الحذر

في بيان لها، حصلت إيلاف على نسخة منه، عبرت تنسيقية بلجيكا لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب وأوروبا عن quot;صدمتها وذهولها الكبيرينquot; إزاء هذا الحدث الإجراميquot;، كما أدانتهquot;، معبرة في نفس الوقت عن quot;تضامنها المطلق واللا مشروط مع جميع الضحايا وعائلاتهمquot;.

وقالت التنسيقية التي يشكلها مناضلات ومناضلون من أصل مغربي: quot;يعتبر المجرم مجرما، وإن الإجرام لا لون له، و لا جنسية ولا أصل و لا و طنquot;، محذرة quot;من استغلال هذا الحدث من طرف الأوساط اليمينية والأحزاب العنصرية للتنكيل والتشهير بالجالية المغربيةquot;.

وهي جالية، يضيف البيان ذاته، quot;تعيش في عموميتها في أمن وسلام وتعايش مع الجميع وتندد بالعنف مهما كان مصدرهquot;، كما quot;حملت التنسيقية جزءا من المسؤولية لقصور الأمن والعدالة البلجيكية في حماية المواطنين، وخاصة أن المجرم كان معروفا بسوابقه العدليةquot;، بحسب البيان.

ومن جهة أخرى، دعت التنسيقية المذكورة quot;كافة مناضلي و مناضلات المنتدى وعموم جمعيات الهجرة التحلي بالحذر، وعدم السقوط في رد الفعل ضد كل الاستفزازات التي يمكن أن تصدر من جهات معادية للمهاجرينquot;.

وناشدت، في نفس البيان، quot;جميع المغاربة للمشاركة بشكل سلمي وحضاري في كل المظاهرات المزمع تنظيمها في مدينة لييج أو باقي المدن البلجيكية تنديدا بهذا العمل الإجرامي الدنيءquot;، على حد وصف البيان.

نبذة عن الجاني

كان المدعو نور الدين عمراني، 33 سنة، الذي يعمل لحاماً، توجه صباح الثلاثاء، قبل أن يقتل امرأة نظافة في بيته، إلى ساحة سان لومبير قبالة قصر العدالة في لييج حيث أطلق النار من بندقية آلية وقنابل يدوية على جموع المتسوقين في سوق تباع فيه لوازم الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة، لينتحر بعد ذلك.

وبلغ عدد القتلى جراء هذه الجريمة سبع ضحايا، بحسب آخر المعلومات التي توصلت لها إيلاف مساء يوم الأربعاء، ولازالت لائحة الضحايا مرشحة للارتفاع نظرا للإصابات الخطيرة التي وضع أصحابها تحت العناية المركزة.

وكان الجاني معروفا لدى مصالح الأمن بلييج، إذ سبق له أن أدين سنة 2008 بـ 58 شهرا نافذا لحيازته لعدد من الأسلحة وآلاف القطع التي تدخل في تركيبها (9500 قطعة)، زيادة على زرعه للقنب الهندي، حيث قدرت عدد نبتاته بـ 2800 نبتة، عثر عليها المحققون بحوزته.

وبينت التحقيقات حتى الآن أن هذه العملية الإجرامية ليس لها علاقة بالإرهاب، وخطط لها صاحبها بمفرده، علما أنه كلّم، بحسب صحف بلجيكية، قبل ارتكابه للجريمة محاميه الذي وصفه بكونه كان متعصبا لأن كان مدعوا من طرف الشرطة للاستماع إليه في إحدى القضايا، وهي حالته المألوفة، يقول محاميه، كلما كان ينتظره لقاء مع المحققين.