لقطة لإحدى المسيرات المُحبطة في الربيع الماضي

أطلق معارضون في الجزائر quot;مليونية التواقيعquot; (الشعب يريد) لتصحيح مسار الإصلاحات، بيد أنّ الاجراء أثار تباينًابين السياسيين حول مدى فعاليته في دفع السلطات إلى توخي إصلاحات quot;حقيقيةquot;. ولدى تحدثهم لــإيلاف، اقترح ناشطون تحكيم دفتر شروط وإحضار المراقبين الدوليين مبكّرًا لضمان نزاهة الانتخابات التشريعية المقبلة، بما ينتج برلماناً قد يقلب الموازين.


الجزائر: ثمّن مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، مليونية الإصلاحات، ورأى بإيجابية ما تقوم به قوى المعارضة ردًا على ما شاب مسار الإصلاحات، بعد الانحراف، الذي طال قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام والجمعيات.

مصطفى بوشاشي

وشدّد المحامي المخضرم على ضرورة تجنّد المجتمع المدني والأحزاب، لفرض ضغط يغيّر الأشياء، ويمنح زخمًا يحمل الأمل، جازمًا بأنّ الإصلاحات التي تتباهى بها السلطة حاليًا، لا تعبّر عن تطلعات مواطنيه إلى الحرية والديمقراطية، حيث جزم بكون المسار، الذي تتوخاه السلطة حاليًا، لا يصبّ في خانة الديمقراطية الحقيقية.

يُبرز بوشاشي دعم هيئته، كما باقي المنظمات المستقلة، لكل تحرك يرمي إلى تعميق الاصلاحات، وحمل النظام على احترام عقول الجزائريين، لافتًا إلى أنّ رابطة حقوق الإنسان ستنظم سلسلة تجمعات جماهيرية وندوات تعزّز الاتجاه المذكور، سيما مع ما سمّاه quot;عدم احترام حقوق الإنسانquot;، وهو ما يتعارض بحسبه مع سريان الديمقراطية.

عبد العزيز بلخادم

على النقيض، يرفض عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مقاربة المعارضة للإصلاحات.

وقال زعيم جبهة التحرير (حزب الغالبية): quot;إن كانت هناك مليونية، فلتكن في صناديق الانتخابات، ذاك أحسن توقيعquot;، في إحالة منه إلى حتمية المشاركة الكثيفة في اقتراع الربيع المقبل، بدلاً منتضييع الوقت في الاحتجاج.

وإذ تحاشى بلخادم التعليق على انتقادات المعارضين للكيفية التي تتم بها الإصلاحات في الجزائر، فإنّه أعطى انطباعًا قويًا بأنّ القطار ماض، ولا مجال لأي تراجع، مشيرًا إلى التعديل الوشيك للدستور مباشرة بعد تشريعيات أيار/مايو 2012، وإمكانية تتويجه بدستور شبه برلماني، يزاوج بين النظامين البرلماني والرئاسي، وهو مطلب ظلّ حزب الغالبيةيرفعه منذ العام 2005.

عبد الرزاق مقري

في المقابل، لا يشاطر عبد الرزاق مقري، القيادي في حركة مجتمع السلم (الإخوان) نظرة حليفه بلخادم، ويذهب إلى أنّ الأمر سيكون جيدًا، إن تمكّن ناشطو جبهة التغيير الوطني من جمع مليون توقيع، حتى وإن انتقد تعاطي هؤلاء برلمانيًا، إذ لفت إلى أنّ نواب حركة السلم وجدوا أنفسهم وحيدين في البرلمان، لدى رفضهم تزكية القوانين quot;الإصلاحيةquot; المثيرة للجدل.

يوعز د. مقري إلى أنّ الامتناع الذي استخدمته بعض الألوان السياسية لدى التصويت، لم يكن بالسلوك الصائب، مبديًا استعداد التشكيلة، التي يتزعمها أبو جرة سلطاني، لتفعيل أي إصلاحات جادة.

في سياق متصل، يتصور الناشط السياسي الأخضر بن خلاّف أنّ الرئيس بوتفليقة هو الوحيد الذي يمتلك صلاحية إدخال ما هو ناقص، وتقويم المسار الإصلاحي العام.

يركّز النائب السابق لرئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، على أنّ الإصلاحات الحقيقية ستبدأ بعد مراجعة الدستور، حيث سيتولى البرلمان المقبل تشريع قوانين تتناسب مع الوضع الجديد في البلاد، وإقرار تغييرات جوهرية، لكنّ ذاك يبقى مرهونًا ndash; بمنظور بن خلاّف ndash; بمدى مشروعية وتمثيلية المجلس النيابي المقبل، حتى يكون مختلفًا عن المجلس الحالي المتسلل على طول الخط.

محسن بلعباس

من جهته، قلّل محسن بلعباس، المتحدث الرسمي باسم quot;التجمع من أجل الثقافة والديمقراطيةquot; (حزب علماني)، من أثر مليونية الإصلاحات على دفع السلطة إلى مراجعة حساباتها، واستغرب بلعباس كيف يمكن مطالبة النظام بتغيير نفسه وتطبيق إصلاحات فعلية، أثبت في أكثر من مناسبة أنّه لا يمتلك الارادة الحقة لتجسيدها.

ينتقد النائب المشاكس الرئيس بوتفليقة وحكومته، متهمًا السلطات بما سمّاه quot;التلاعبquot; بالشعب الجزائري، واعتماد مناورات لربح الوقت فحسب، ما يجعل المليونية أو غيرها لن تغيّر شيئًا، على حد قوله.

جدّد بلعباس قناعته بكون مشكل الجزائر quot;أمنيًاquot;، والخروج منه يتلخص في quot;حل الشرطة السياسيةquot;، وتنظيم انتخابات نزيهة تحت رقابة نوعية وكفاءة، كما يدعو الرقم الثاني في حزب quot;سعيد سعديquot; إلى احتكام أطراف المعادلة السياسية في الجزائر إلى ما سمّاه quot;دفتر شروطquot; يفرض على الجميع احترام الحقوق والحريات.

في ظلّ ما ينتاب المسار السياسي الراهن، يشكّك بلعباس مسبقًا في نزاهة الانتخابات التشريعية المقبلة، مستدلاً بـquot;غياب نية حسنةquot; لدى دوائر القرار، ولو كان الأمر غير ذلك، لقامت السلطة بدعوة المراقبين الدوليين ستة أشهر قبل الموعد، حتى يتم تفويت أي فرصة على أي تلاعب للنظام بقوائم الناخبين، في ظل شيوع ما يسمّيه بلعباس ظاهرة quot;الناخبين الوهميينquot;، الذين تستخدمهم السلطة لترجيح كفتها، متخوفًا من اتجاه السلطة الحاكمة لتقزيم البرلمان المقبل.

كما يدرج قيادي التجمع من أجل الديمقراطية، عامل تأخير وصول المراقبين الدوليين، بما لن يمكّن هؤلاء من الوقوف على الاستعمال quot;غير القانونيquot; لأملاك الدولة وشتى الوسائل العمومية أثناء الحملة الانتخابية، والغلق غير المبرر لوسائل الإعلام الثقيلة أمام المعارضين، في بلد لا يزال يشكو غلقًا مزمنًا للقطاع السمعي البصري.