يؤكد عبد المجيد مناصرة الشخصية الإسلامية البارزة في الجزائر أنّ الخيار السياسي الأساسي لمواطنيه هو التيار الإسلامي، متوقعًا أن يكون مستقبل الجزائر إسلامياً إذا ما كان الاقتراع المقبل نزيهاً.
عبد المجيد مناصرة زعيم الحزب الإسلامي الناشئ جبهة التغيير الوطني |
الجزائر: في مقابلة خاصة لـquot;إيلافquot;، يدعو عبد المجيدمناصرة زعيم الحزب الإسلامي الناشئ quot;جبهة التغيير الوطنيquot; (قيد التأسيس) إلى تكتل قوى التغيير في بلاده، متهّمًا السلطة بالتخطيط لانتخابات بغرض quot;تأبيدquot; الوضع الحالي وquot;تيئييسquot; الجزائريين. ويطالب الوزير السابق للصناعة بإصلاح الدستور، لا تعديله، حتى يتم تأسيس الجمهورية الثانية في الجزائر. وتحدث عن الكثير من القضايا المهمة، وإليكم نص الحوار:
bull;تتردد أنباء قوية عن ترخيص وشيك لحزبكم quot;جبهة التغيير الوطنيquot;، فأي دور يمكن لتشكيلتكم لعبه خلال المرحلة المقبلة في الجزائر؟
بادئ ذي بدء أشكر quot;إيلافquot;، التي أصبحت مصدرًا مهمًا للخبر والمعلومة على إتاحتنا هذه الفرصة..
بالنسبة إلى حزبنا ndash; جبهة التغيير الوطني - أشير إلى أننا قدمنا ملفًا متكاملاً لاعتماده رسميًا من لدن السلطات، حرصًا منا على الشرعية، بيد أنّه ليس جيدًا استمرار تباطؤ الإدارة في اعتماد أحزاب تتوافر على الشروط الأساسية.
في البداية تحججت الداخلية بحالة الطوارئ، وبعد رفع الأخيرة، طلبت الانتظار إلى حين تعديل قانون الأحزاب، مع أنّ القانون إياه ساري المفعول، ونحن طلبنا أن يتم اعتمادنا بموجب القانون نفسه، لكن رغبة الإدارة تراجعت، نحن على أتمّ الاستعداد، وننتظر تمرير القانون على المجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية السفلى)، في انتظار عرضه على مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية العليا) وصدوره في الجريدة الرسمية.
طالبنا بتوازن إجراءات اعتماد الأحزاب، حتى تكون المنافسة عادلة بين الأحزاب الموجودة ونظيراتها المتشكّلة، بما يجعل الانتخابات التشريعية بوابة للتغيير، وإقناع جمهور الناخبين بأنّ التغيير ممكن عبر الانتخابات، لذلك طلبنا من الإدارة ضمانات كبيرة، تضمن نزاهة الاقتراع.
ما نضيفه نحن، أنّ الأزمة استفحلت في الجزائر، ورغم ما أنفق من أموال وجهود، إلاّ أنّ الجزائر لم تخرج من أزمتها، لا اقتصاديًا ولا اجتماعيًا ولا حتى سياسياً، وذلك رغم مرور أكثر من انتخابات ووجود المال الوفير في خزائن الدولة، لكن الشعب مطحون في دواليب هذه الأزمة المتعددة الأوجه والجوانب.
لهذا نرفع صوتنا عاليًا، ورفعنا لواء التغيير في حزبنا، ونريد تغييرًا من أجلتنمية البلد، وليس تغييراً شكليًا لوجوه وسياسات ومؤسسات، نركّز على التنمية، لأنّ الجزائر تستحق أحسن مما هي عليه داخليًا وخارجيًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وإبداعياً، وثقافيًا، وفكريًا.
الشباب الجزائري حريص على أن يكون غده أفضل من يومه وأحسن من أمسه، وأمام الأزمة المستفحلة ينبغي اعتماد تغيير حقيقي لمعالجة هذه الأزمة وصناعة مستقبل زاهر.
bull; بعد مسلسل التراجعات، التي تكبّدها الإسلاميون في مواعيد انتخابية سابقة، هل تتوقعون حصد هذا التيار الغالبية في تشريعيات ومحليات 2012، وسط الحديث عن تطلع إسلاميي الجزائر إلى اللحاق بموجة الربيع العربي؟
مناصرة مع الزميل كامل الشيرازي |
- الشعب الجزائري كان سبّاقًا في إعلان ولائه للتيار الإسلامي، وأقول إنّ الخيار السياسي للشعب الجزائري لا يزال خيارًا إسلاميًا، لكن ليس معنى هذا أنّ خياره حزب أو اسم معيّن، قد يختار هذا الحزب أو ذاك، ثمّ يكتشف أنّه لم يلبّي طموحاته، أو قد يكون أخطأ في اختيار الرجال، وقد يتنقل من حزب إلى آخر، لكنّ خياره الأساسي سيبقى إسلاميًا، طالما أنّ ذلك يتوافق مع معتقداته وقيمه.
الناس يحبّذون التيار الإسلامي لاعتماده على القيم والأخلاق، سيما وأنّ الجزء الأكبر من الأزمة الجزائرية هو أخلاقي، المال موجود، لكن الفقر يزداد والمرض كذلك، إذًا المشكل لا يكمن في البرامج، فالأخيرة موجودة، وتسمح بالتنمية، لكن الفساد موجود في الجزائر شكليًا وأخلاقيًا، ولا يمكن أن نبعد الفساد عن أزمات السياسة والتسيير والاقتصاد.
الخيار الإسلامي سيستمر، حتى وإن كان الشعب سيرفع أحزابًا ويضع أخرى.
bull;هل من خطط لتحالفات مع قوى إسلامية على أهبة تشريعيات أيار/مايو 2012؟
-دعوتنا قائمة ومستمرة، ومنادية بتكتل قوى التغيير، التي تريد أن يحدث التغيير في الجزائر، والأمر لا يقتصر على الإسلاميين فحسب، لأنّ القواسم بين الأحزاب الجزائرية كثيرة، والاستقطاب الحالي قائم بين من يريد التغيير وبين من يسعى إلى إبقاء الوضع على حاله، لذا نحن نريد أن تنسّق وتتعاون وتتحالف وتتكتل كل القوى الباحثة عن إحداث تغيير حقيقي في الجزائر.
برأينا، السلطة لا تريد التغيير وأحزاب الائتلاف الحاكم لا تريده أيضًا، السلطة تقف في وجه الإصلاحات وتغضّ النظر عن محتواها، وأرادت أن تقول للناس .. حيث تريد أن تصنع قوانين وتذهب إلى انتخابات لتأبيد الوضع الحالي وإبقائه على ما كان وما هو عليه، وهذا لتيئييس الناس من المستقبل ومن إمكانية حدوث إصلاح.
نحن نريد الإبقاء على الأمل في التغيير والإصلاح، ونناشد كل القوى المؤمنة بالتغيير التعاون وصناعة وتقوية هذا التوجّه، الذي يبقى رهان المرحلة.
bull; بعد كل الذي قيل عن مسار الإصلاحات السياسية في الجزائر، هل تلمسون نية فعلية للإصلاح، وبأي شكل تتوقعون إخراج الدستور بشكله الجديد؟
-وجدنا في مرحلة من المراحل استجابة من رئيس الجمهورية لبعض مطالب الإصلاح، وأعلن عن ذلك في خطابه مساء الخامس عشر نيسان /أبريل 2011، حينها استبشرنا خيرًا مع إفصاح الرئيس عن عناوين إصلاحية نلتقي معها، وانتظرنا تجسيدها، لكن بعدها لاحظنا المسار البطيء لتحويل الرغبة والعناوين إلى قوانين وبرامج وقرارات وسياسات في الميدان، ولما تحركت عجلة المشاورات بقيادة الرجل الثاني في الدولة عبد القادر بن صالح، اكتشفنا أنّ الجبل تمخض فولد فأرًا، حيث أوتي بقوانين بعيدة كل البعد عن الإصلاح، على منوال قانون الانتخابات، مع أنّه كان يُفترض أن ينتصر الإصلاح الحقيقي لقواعد الشفافية، ويدعّم النزاهة، ويبعد الإدارة عن العملية الانتخابية، ويكون الشعب سيدًا للانتخابات بتعزيز الرقابة، بما يُبعد شبهات التزوير والتزييف والمنافسة غير النزيهة.
أشير أيضًا إلى قانون الأحزاب، الذي من المفروض أن يمنح حرية النشاط للتشكيلات السياسية، لكنّه منح الكثير للإدارة على حساب الأحزاب، الأمر نفسه ينسحب على قانوني الإعلام والجمعيات.
عليه، نلاحظ إنّ السلطة أعلنت عن عناوين إصلاح، لكن المضامين أتت غير ذلك، فقلنا إنّ هذا quot;الفأرquot; لما نزل إلى البرلمان مات، لذا نرى أنّ الحكومة غير مستعدة لإصلاحات حاليًا، إلاّ ما هو شكلي، ما يجعلنا نوقن بأنّه إن كانت هناك نية فعلية للإصلاح، فلتكن في تنظيم انتخابات نزيهة.
قناعتنا نحن صاحب الإصلاح هو الشعب، لذا فلنتوجّه إلى الشعب من أجل فرض منطقه ومطالبه في الإصلاحات، وهذه الانتخابات هيالتي سـتأتي بالإصلاح، ولا يمكن للإصلاح أن يتم بالزيادة في المنح، ومن سينقذ الإصلاحات هو الشعب، وليس طرف آخر.
إذا ما شارك الشعب بكثافة في الانتخابات التشريعية المقبلة، سيكون صوت التغيير قويًا، وأول بند بعد ذلك سيكون تعديل الدستور لتأسيس جمهورية ثانية، ولبّ هذا التعديل في تحليلنا أن يحدّد النظام السياسي، ونحن نؤيد قيام نظام برلماني، لأنّه ndash; بمنظورنا ndash; يُحدث التوازن، ويقوّي المجتمع، ويمنع الاستبداد والتفرّد.
كما يتعين على هذا الدستور أن يهتم بمحاربة الدستور، وينصّ على أن تكون الحكومة منتخبة، ويتضمن تشريعات تسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. أما إذا ما جرى تعديل الدستور وفقا لتغيير بعض الشكليات وعدم المساس بالجوهر، فسيكون quot;لا حدثquot;، لأننا ندعو إلى إصلاح الدستور، وليس تعديل الدستور، والإصلاح ينبغي أن يمسّ جوهر النظام السياسي، بما ينتج دستورًا جديدًا يؤسس لجمهورية ثانية.
bull;بماذا تعلقون على جزم مراقبين بأنّ quot;القنبلة الحقيقيةquot; في الجزائر حاليًا quot;اجتماعيةquot;، وليست quot;سياسيةquot;، بحكم عجز الحكومات الجزائريةالمتعاقبة عن حل معضلات مزمنة، وفشلها أيضًا في إنعاش الاستثمارات وسائر الورش، بما يرفع اليأس والغضب الشعبي، في بلد يطالب مواطنوه بالإسكان والتشغيل السريع؟.
-في تحليلنا، نتصور أنّ الأزمة متعددة الجوانب ومترابطة، فالاجتماعي مترابط مع الاقتصادي والسياسي، وكذا الأخلاقي، بعض الناس يريدون عزل هذه الجوانب.
الحكومة تقول بنسبة بطالة في حدود عشرة بالمائة، في وقت بلد كإسبانيا يشكو نسبة بطالة بـ22 %، فإذا كان صحيحًا أنّ نسبة الجزائر أقلّ من إسبانيا بهذا الشكل، لوجدنا (الحرّاقة) ndash; المهاجرون السرّيون ndash; يمتطون زوارق الموت من إسبانيا إلى الجزائر، وليس العكس.
الحاصل أنّه ليست هناك رغبة حكومية للاعتراف بوجود مشكلات بطالة وفساد وإسكان وصحة وتعليم في الجزائر، وتسعى إلى تصنيفها كمشاكل أفراد تحلّ ببعض البرامج والمصروفات، بينما كل القطاعات والولايات الجزائرية فيها احتجاجات، إذن فالرابط يقود إلى وجود أزمة شاملة، جرّاء فشل السياسات الحكومية، وليس فشل قطاع أو وزير أو وال بعينه.
الاحتجاجات في مصر وتونس كانت اجتماعية، لكن مضمونها ومآلاتها كانت سياسية، فأنت حين تحتجّ على وضع اجتماعي، فإنك تحتج أيضًا على وضع سياسي، تسبب في إفراز ذاك الوضع، وإذا أردت حلاً شاملاً، لا يمكنك إعطاء الثقة لمن تسبب في وضع كهذا، وتختار اتجاهًا مختلفًا من أجل التغيير.
bull;كيف تنظرون إلى حراك النقابات الموصوفة بالمستقلة، وكذا quot;بروزquot; القوى الشبابية الجديدة، التي ظهرت على شبكة فايسبوك، هل ستؤدي بحسبكم إلى شيء ذي بال في الجزائر؟
-هذا الحراك للنقابات، رغم تضييق هامش الحريات، وكذلك ما تقوم به المجموعات الشبابية في فايسبوك وتويتر وغيرهما، دليل على وجود وعي متنام في الجزائر بحتمية التغيير، ومؤشر إضافي على أنّ التغييرآتٍ وواع، وليس فوضويًا، أو تغيير لمجموعة جياع ومهمشين.
bull;ما إمكانية تجسيد المجلس التأسيسي، وهل ستكون خمسينية الاستقلال في الخامس تموز/يوليو 2012، إيذانًا برحيل الجيل القديم وتراجع السلطة الفعلية؟
-نحن نرفع شعارًا كبيرًا في جبهة التغيير الوطني quot;من التحرير الى التغييرquot;، حيث نرى أنّ 50 سنة كافية لتغيير الشرعية الثورية بشرعية جديدة، قوامها الديمقراطية والممارسة البرلمانية الحقة وتعزيز حقوق الإنسان، ونقدّر أنّ الاستمرار في الحكم بشرعية تاريخية يتعارض مع طموحات وتطلعات الأجيال الجديدة، ولا يتماشى مع العصر.
في المقابل، نجزم بأنّ لا حاجة للجزائر إلى مجلس تأسيس، بقدر حاجتها إلى مؤسسات منتخبة ديمقراطية قوية، تحكم بالعدل وتحتكم إلى الشفافية.
bull;يرى مراقبون أنّ مخابر صناعة القرار السياسي في الجزائر، بدأت ترتيبات المرحلة المقبلة، هل صحيح ما يُقال عن تحضيرات لمرحلة ما بعد الرئيس بوتفليقة، وهل يمكن انتظار دخول لاعبين سياسيين جدد على الخط، أم إنّ الأمر سيستمر بنمطه الحالي (هيمنة أحزاب الائتلاف الحاكم)؟
-الانتخابات التشريعية المقبلة إذا توافرت لها شروط النزاهة، فإنّ نتائجها لن تخرج بالجزائر عن التضاريس السياسية المستجدة في المنطقة، وسيكون مستقبل الجزائر إسلاميًا، ليس بالضرورة لشخصية أو حزب إسلامي بعينه، لكن الأكيد أنّ امتلاك الاقتراع المقبل معيار النزاهة، سيمكّن الجزائر من اكتساب مؤسسات جديدة بكل معنى الكلمة.
التعليقات