انتخاب كريم غلاب رئيساً للبرلمان المغربي يثير جدلاً

أثار انتخاب كريم غلاب عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال جدلاً واسعاً في البرلمان المغربي، حيث اعتبر البعض انتخابه انتهاكاً لمبدأ فصل السلطات.


الرباط: أثار انتخاب كريم غلاب عضو اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال من طرف الغالبية البرلمانية التي يقودها الإسلاميون كرئيس لمجلس النواب، جدلا واسعا داخل البرلمان المغربي وداخل الأوساط السياسية حيث لم تخل جلسة انتخابه من انتقادات لاذعة من طرف نواب المعارضة، وخاصة نواب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية والذين اعتبروا انتخابه انتهاكا صريحا لمبدأ الفصل بين السلطات، الذي ينص عليه الدستور المغربي الجديد اعتبارا لصفته كوزير للتجهيز والنقل في حكومة تصريف الأعمال، إذ لايجوز ndash; حسب المعارضة ndash; الجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وفقا للقانون التنظيمي للبرلمان المغربي.

وترفض الغالبية البرلمانية طرح المعارضة وتقول إن القانون التنظيمي الذي تتحدث عنه المعارضة يسمح للوزير بالترشح للرئاسة كما تمنحه أجل شهر لتقديم استقالته من حكومة تصريف الأعمال، هذا الجدل الدستوري من المرتقب أن تحسم فيه المحكمة الدستورية.

بالموازاة مع انتقادات المعارضة لإنتخاب غلاب، طفت على السطح تهم وجهتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام لكريم غلاب، وتتعلق بتبديد وإهدار المال العام، حيث يرتقب أن يحيل وزير العدل المغربي الشكاية موضوع اتهام الهيئة الوطنية لحماية المال العام (منظمة غير حكومية) إلى الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض تبعا للفصل 265 من المسطرة الجنائية لإجراء التحقيق، وحسب مصدر بالهيئة الوطنية لحماية المال العام فإن عدد التهم الموجهة لكريم غلاب تبلغ 53 تهمة وقد توصل بها عبد الإله بنكيران الوزير المكلف بتشكيل الحكومة، وهي بمثابة اختبار حقيقي من طرف الهيئة الوطنية لحماية المال العام الذي طالما وعد الناخبين بإسقاط الفساد والإستبداد في حملته الإنتخابية.

كريم غلاب من جانبه رفض التهم الموجهة إليه من طرف الهيئة الوطنية لحماية المال العام وقال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية أن الإتهامات الموجهة إليه من طرف هيئة حماية المال العام مجد افتراءات وتصفية حسابات كما نفى أن يكون استغل منصبه كوزير للتجهيز، ليمنح لنفسه حق الاستفادة من بقعة أرضية تابعة للأملاك العامة.

وقال محمد بن الماحي، القيادي في حزب الإستقلال والمعروف في الأوساط الرياضية في تعليق على الموضوع أن له ثقة تامة في القضاء وفي الهيئة الوطنية لحماية المال العام، رغم تأكيده أن كريم غلاب لم يرتكب أية تجاوزات تتعلق بتبديد وإهدار المال العام مشيرا إلى أن المنصب الذي كان يحوزه كوزير للتجهيز والنقل في الحكومة المنتهية لابد أن يعرضه للمساءلة .

كما أبدى بن الماحي ارتياحه لإنتخاب غلاب كرئيس لمجلس النواب لجدارتهndash; كما قال ndash; والذي انتخب كبرلماني للمرة الثانية على التوالي بالإضافة إلى حنكته وتجربته السياسية كعضو باللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال، ناهيك عن نجاحه في الورش الكبرى التي دشنتها الحكومة المغربية في قطاعه (الطرق السيارة، الطرق بالعالم القروي، القطار الفائق السرعة الرابط بين الدار البيضاء وطنجة ...).

لايبدو أن عبد الحميد أمين نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يتقاسم هذا الإنطباع مع بن الماحي، حيث أشار في حديث لـ quot; إيلاف quot; أن انتخاب غلاب كرئيس للبرلمان من طرف الغالبية لم يكن مفاجئا، لأن من المعروف منذ مدة أن غلاب سيكون مرشح الغالبية البرلمانية الجديدة، وبخصوص التهم الموجهة إليه بتبديد المال العام، دعا أمين إلى ضرورة التحقيق فيها وأضاف quot; اذا تحقق ما جاء في شكاية الهيئة الوطنية لحماية المال العام ينبغي متابعة غلاب أمام القضاءquot; رغم تأكيده أنه ليس لديه ما يؤكد أو ينفي التهم الموجهة لأصغر رئيس برلمان في تاريخ المغرب.

وقال أمين إن ما يسري على غلاب ينبغي أن يسري على جميع البرلمانيين والوزراء، فنحن نعرف جيدا كيف تطبخ الغالبية البرلمانية بالمغرب، داعيا إلى ضرورة التركيز على النظام الدستوري برمته بالنظر لما يحمله من مفارقات ndash; حسب رأيه ndash; حيث يعطي جزءا مقلصاً من الصلاحيات للحكومة مقابل صلاحيات واسعة للمؤسسة الملكية .

ويعلق عبد المالك إحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى اسماعيل بمكناس، على الموضوع متسائلا كيف استطاع غلاب أن يتدرج في المسؤوليات الحزبية والرسمية رغم البنيات المعقدة لحزب الإستقلال.

واعتبر انتخاب شاب ليست له تجربة سياسية طويلة سابقة في المغرب علما أن غلاب حديث العضوية بحزب الإستقلال، وبالتالي فقد تم إسقاطه بالنظر لصفته كمهندس من النخبة التقنوقراطية ndash; حسب رأي إحزرير ndash; وهو ما اعتبره بمثابة مفاجأة.

أما من الناحية القانونية فأشار إحزرير أن انتخاب غلاب على رأس البرلمان يعد انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات، إذ من المعروف أنه كان وزير للتجهيز والنقل لحظة انتخابه، كما اعتبر انتخابه لا شرعيا بسبب وجود حالة التنافي. ورغم قول حسن الداودي أن لغلاب أجل شهر لتقديم استقالته من حكومة تصريف الأعمال، فمنطقيا هناك فصل بين السلطات ndash; يقول أستاذ العلوم السياسية ndash; ولايعقل أن يكون غلاب وزيرا وفي نفس الوقت رئيس مجلس النواب.

وبخصوص التهم الموجهة لغلاب بتبديد المال العام قال إحزرير في حديث لـ quot; إيلاف quot; إن هذه التهم سيكون لها تأثير من الناحية الأخلاقية، فرئيس البرلمان من المفروض أن يكون له خبرة طويلة في العمل السياسي بالإضافة إلى شروط النزاهة والمصداقية، لأن الأمر يتعلق بمؤسسة دستورية يحسب لها حساب وبالتالي سيطرح أمام غلاب مشكلة أخلاقية إضافة إلى المشكل الدستوري الذي طرحه انتخابه كرئيس للبرلمان باعتباره وزياًر في حكومة تصريف الأعمال .