وادي كريمزان: تقف مجموعة من المسيحيين الفلسطينيين تحت السماء الرمادية للصلاة في قداس أسبوعي يقام في الهواء الطلق للحفاظ على أرض واد جنوب الضفة الغربية، ستصادره إسرائيل، لاستكمال بناء جدار الفصل.

واعتاد مسيحيو بلدة بيت جالا ومدينة بيت لحم على العمل في أراضي وادي كريمزان الشاسع مع جيرانهم المسلمين خلال أيام الأسبوع، والتوجه اليه في اخر الاسبوع للقيام بنزهات عائلية منذ عقود طويلة. الا ان مسار جدار الفصل، الذي تبنيه اسرائيل، سيقوم بقطع الوادي، ليضعه على الجانب الاسرائيلي، بعيدا عن متناولهم، وهو ما يقول السكان انه صمم للاستيلاء على اراضيهم.

ويشير السكان الى ان الجدار هو جزء من محاولة اسرائيلية طويلة الامد لضمّذ الاراضي التابعة لمدينة بيت لحم الواقعة جنوب الضفة الغربية وفصلها عن مدينة القدس.

ويرى كزافييه ابو عيد، وهو متحدث باسم منظمة التحرير الفلسطينية، يتحدر من عائلة من بلدة بيت جالا، quot;مع هذا الضم، لن تبقى القدس وبيت لحم متصلتين، وهذا شيء يجب على العالم المسيحي ان يفهمهquot;. ويشير السكان الى ان الاستيلاء على اراضيهم هو جزء من خطة اسرائيلية لتقسيم الضفة الغربية، وبالتالي جعل تشكيل دولة فلسطينية متماسكة امرًا مستحيلاً.

ودفعت سيطرة اسرائيل على الاراضي في منطقة بيت لحم المجتمع المسيحي في المدينة، الذي كان مزدهرًا في الماضي، الى الهجرة خارجا. وترى هند خوري، وهي مبعوثة فلسطين السابقة في فرنسا، ان التهديد بانتزاع وادي كريمزان صعب احتماله لكون المنطقة هي من المساحات الخضراء القليلة المتبقية. وتشرح خوري لوكالة فرانس برس quot;بالنسبة إليّ فلكريمزان أهمية خاصة، فهو مكان نتنفس فيهquot;.

وتضيف quot;في طفولتي كان هو المكان الذي كنا نقصده للتنزه، والمكان الذي نذهب اليه ايام الاحد لتلتقي العائلاتquot;. ويشير ابو عيد انه كبر وهو يستمع الى قصص جده، الذي عمل في المحجر في الجزء الشمالي من الوادي.

لكن في الوقت الحالي يقبع حي جيلو الاستيطاني، الذي يعيش فيه 35 الف مستوطن، على قمة التلال الشمالية، بينما توجد على الحافة الجنوبية مستوطنة هار جيلو التي يعيش فيها نحو 500 مستوطن. وكلا المستوطنتين تقبعان على اراض تابعة لبلدة بيت جالا، وسيختفي المزيد من الأراضي عندما يمر الجدار عبر وادي كريمزان بحسب السكان.

وحكمت محكمة العدل الدولية في عام 2004 بأن اجزاء من الجدار غير قانونية، ويجب هدمها. الا ان وزارة الدفاع الاسرائيلية تصرّ على انها تحمي مواطنيها، وان طريق الجدار محدد وفقًا quot;لاعتبارات امنية محددةquot; للمنطقة.

وافاد المتحدث باسم الوزارة جوش هانتمان لوكالة فرانس برس ان الجدار quot;في منطقة بيت جالا موجود هناك فقط لإبقاء الإرهاب خارج القدس (...) الجدار ينقذ الحياةquot;. وينحرف مسار الجدار في منطقة كريمزان بوضوح عن الخط الأخضر المقبول دوليًا كخط لتحديد الفاصل بين اسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وتقدم اصحاب الاراضي بالتماس للمحكمة العليا الاسرائيلية للتدخل، وهم ينتظرون مع أمل ضئيل، صدور حكم في وقت ما في كانون ثاني/يناير.
بالنسبة إلى الأب ابراهيم شوملي كاهن رعية اللاتين في بيت جالا فإن خسارة كريمزان ستدفع المزيد من افراد المجتمع المسيحي، الذي تتناقص اعداده، إلى الهجرة خارجًا.

وقال الاب شوملي لوكالة فرانس برس quot;ستخسر العائلات اراضيها وعملها ومستقبل اولادها ماذا سيفعلون؟ سيتركون البلادquot;. واضاف ان quot;وجود المجتمع المسيحي هنا في الاراضي المقدسة يجعل الصراع سياسيًا، وليس دينيًاquot;.

يتفق ابو عيد مع ذلك، مشيرا الى ان انتزاع اسرائيل للاراضي نادرًا ما يذكر كسبب ذي علاقة بانخفاض عدد المسيحيين في الاراضي المقدسة.
ويقول quot;عندما يتحدث الناس عن هجرة المسيحيين من المهم أن يعرفوا ان احد العوامل الاساسية هي انه لا يوجد لدينا أي أراض بعد الآنquot;.

ويذكر ابو عيد ان بيت جالا وحدها خسرت اكثر من 10 الاف دونم لمصلحة الاستيطان والضم والجدار. وتوضح خوري ان quot;المنطقة كلها صودرت ببطء، ولكن بثباتquot;، مشيرة الى ان مسار الجدار، الممتد من جنوب غرب بيت لحم الى شمالها الشرقي، سيجعل المنطقة quot;منغلقة حرفياquot;.
وتضيف quot;هذا شيء متعاقب، هم لا يريدون الفلسطينيين ،ولكنهم يريدون اراضيهمquot;.