تبحث الولايات المتحدة مع الحكومة الليبية الجديدة إعداد برنامج لشراء صواريخ تُطلق من الكتف بحوزة مقاتلين ولدى آخرين جمعوها خلال الحرب ، كما افاد مسؤولون اميركيون.

وتأتي هذه المحادثات في اطار مجهود دولي متعدد الأطراف لتطويق المخاطر التي تشكلها آلاف المضادات الجوية المحمولة التي فُقدت بعد فرار قوات النظام السابق وترك مستودعات السلاح الذي كدسه نظام معمر القذافي بلا حراسة. وتخشى الأجهزة الأمنية الغربية من وقوع هذه الأسلحة بأيدي ارهابيين يمكن ان يستخدموها ، وخاصة الصواريخ المحمولة على الكتف. فهي خفيفة وسهلة الاطلاق نسبيا ويمكن ان تهدد الطائرات المدنية بصفة خاصة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين اميركيين ان تفاصيل البرنامج لم تُحسم حتى الآن ولكن الولايات المتحدة ستوفر المال والإسناد التقني للحكومة الليبيبة التي ستقوم بشراء الصواريخ ، وحفظها في ترساناتها أو تدميرها. وقال مسؤول مطلع على هذه المشاريع للصحيفة quot;اننا نعتقد بأننا وصلنا الى نقطة نحتاج معها الى برنامج خاصquot;.

وتشكل الصواريخ التي تُباع بأسعار عالية في السوق السوداء ، تهديدا محدودا للطائرات الحربية الحديثة ولكنها يمكن ان تكون خطرا مميتا على الطائرات المدنية التي نادرا ما تكون مجهزة بمعدات الكترونية مضادة تتيح لها ان تفلت من الرؤوس الحربية الحرارية. وتشمل هذه المنظومات العسكرية صاروخ ستنغر ولكن النوع المتوفر بكميات كبيرة في ليبيا هو أس أي ـ 7 من انتاج الكتلة الشرقية في الأصل.

وكان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية اندرو شابيرو اعرب عن رغبة الولايات المتحدة في وضع برنامج لشراء الصواريخ في اجتماع عقده هذا الشهر مع وزير الدفاع الليبي الجديد ، كما أكد مسؤولون اميركيون.

ورصدت الولايات المتحدة 40 مليون دولار لتأمين اكداس السلاح الليبية وخاصة منع انتشار الصواريخ المحمولة. ولكن موارد مالية لم تُرصد لبرنامج يهدف الى شرائها ولم يُحدد سعر يُدفع عن كل صاروخ وملحقاته ، بحسب المسؤولين.

وفي حال موافقة ليبيا على البرنامج فان المسؤولين الليبيين على الأرجح سيحددون السعر بعد جس نبض السوق ، على حد تعبير مسؤول اميركي تحدث لصحيفة نيويورك تايمز عن البرنامج.

وقال المسؤولون الاميركيون ان مثل هذه الجهود كثيرا ما تُسمى برامج quot;اعادة شراءquot; ولكن هذا الاسم يثير حساسيات في حالة ليبيا.

وبعد تزويد المجاهدين الافغان بصواريخ ستنغر خلال القتال ضد القوات السوفيتية إبان الثمانينات نظمت الولايات المتحدة برنامج إعادة شراء في محاولة لتقليل احتمالات استخدام هذه الصواريخ ضد حركة الطيران المدنية الدولية أو الطائرات الحربية الغربية.

وقال المسؤولون الاميركيون ان البرنامج لن يكون برنامج إعادة شراء في حالة ليبيا لأنها لم تُستورد من الغرب بل اشتراها النظام الليبي السابق من مصانع الكتلة الشرقية.

وأكد الباحث في اتحاد العلماء الاميركيين ماثيو شرودر ان مثل هذه البرامج أنهت تداول الصواريخ المحمولة في افغانستان والعراق مشيرا الى ان برامج إعادة الشراء اسفرت عن جمع مئات الصواريخ. وشدد على انه لا يعرف أي تفاصيل بشأن الخطط الاميركية في ليبيا ولا يستطيع التعليق عليها.

وتقدر الحكومة الاميركية ان جيش القذافي استورد نحو 20 الف صاروخ وان عدد المفقود منها الآن يشكل نسبة صغيرة منها. وقال مسؤولون ان التوصل الى تخمينات دقيقة متعذر لأن لا أحد يعرف على وجه التأكيد عدد الصواريخ التي كانت لم تزل لدى الجيش وقت اندلاع الانتفاضة أو بعد اشهر من القتال.

وتعاقدت الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب مع شركات امنية خاصة طاف ممثلوها على مستودعات السلاح وعقدوا لقاءات مع قادة كتائب مناوئة للقذافي في محاولة لحصر المخزون المتبقي من هذه الصواريخ وتأمينه. كما ارسلت الولايات المتحدة فرقا الى الدول المجاورة لتشجيعها على زيادة عمليات التفتيش وتشديد الرقابة على تجارة الصواريخ.

وقالت وزارة الخارجية الاميركية ان هذه الفرق توصلت حتى الآن الى معرفة مكان أو مصير نحو 5000 صاروخ بينها الصواريخ التي دُمرت أو أُطلقت أو وقعت بأيدي كتائب الثوار أو قامت فرق المسح بتعطيلها.

وحذر المسؤولون الاميركيون من انه لن يتسنى معرفة مآل جميع الصواريخ أو تأمينها بسبب العدد الكبير من المفقود منها والقدرة المحدودة للسلطات الليبية الجديدة على ضبط الحدود أو مراقبة كتائب الثوار. وقال المسؤولون ان الهدف هو تقليل احتمالات ظهور اعداد كبيرة من الصواريخ في السوق السوداء والعثور على اكبر عدد منها وجمعه وضمان خزن اكبر عدد من الصواريخ الأخرى في مستودعات مؤمَّنة.
ومن الصعوبات التي تواجه عملية حصر الصواريخ ان جيش القذافي لم يحفظ سجلات دقيقة بمشترياتها واستعمالاتها. وقال المسؤول في وزارة الخارجية الاميركية نيكولاس سبيغنسي الذي اشرف على عملية الحصر في ليبيا في تشرين الثاني/نوفمبر انه لم تكن هناك اي قواعد بيانية. ويأتي القرار باستحصال موافقة الحكومة الليبيبة على تنفيذ برنامج لشراء هذه الأسلحة اعترافا بأن نتائج هذا المجهود كانت حتى الآن محدودة.

وكانت فرق المسح التي عملت في ليبيا وجدت كميات كبيرة من الصواريخ بحوزة مئات المقاتلين من افراد الكتائب المختلفة وقال مشاركون في هذا الفرق ان الكتائب لم تبد استعدادا يُذكر لتسليم الأسلحة.

وقال مسؤول مطلع على المشروع ان تقديم المال أو اشكال اخرى من المساعدة مقابل الصواريخ قد يوفر حوافز تشجع الكتائب الليبية على تسليمها. واضاف ان الحكومة الليبية تستطيع ان تدفع نقدا مقابل الصواريخ وملحقاتها أو عينا على شكل فرص عمل أو معدات أخرى الى المقاتلين الذين يريدون العودة الى الحياة المدنية.

وقال عدة مشاركين في المجهود ان نقاشا داخليا جرى حول منافع تنفيذ برنامج لإعادة شراء الصواريخ قد يستعيد العديد منها ولكنه يمكن ايضا ان يغري بعض المجموعات بالاحتفاظ بها طمعا في اسعار أعلى. وقال احد المسؤولين quot;انه توازن دقيق بين متى تتحرك ومتى تتوقفquot;.