تظاهرات في بنغازي للمطالبة بالشفافية

تظاهر الآلاف في مدينة بنغازي الليبية معترضين على استمرار الحكام الجدد بالعمل على نهج القذافي، بعد أن ظنوا أن حالة البلاد ستتغير وأن فرص العمل ستتوفر لهم. إلا أنهم اليوم يهددون بالتصعيد وممارسة العنف ضد السياسيين مطالبين بتلبية حقوقهم.


القاهرة: بينما سبق لمدينة بنغازي الليبية أن شهدت الشرارة الأولى للثورة التي بدأت في منتصف شباط/ فبراير الماضي، وأدت في نهاية المطاف إلى إنهاء حكم العقيد معمر القذافي، بعد 42 عاماً قضاها في السلطة، ها هي المدينة التي سبق وأن لقبت بعاصمة الثوار تشهد تظاهرات جديدة ، غير أن الغضب الشعبي مُوَجَّه هذه المرة صوب قادة البلاد الجدد المتهمين بالاستمرار على نفس النهج الذي كانت ينتهجه القذافي.

وقد تحدث سكان بنغازي عن الفشل في تطهير الحكومة من أنصار القذافي وغياب المساءلة من قادتهم، وهم إذ يعتقدون أن المجلس الوطني الانتقالي ndash; الذي تم تشكيله في الأساس ليحل محل نظام القذافي ndash; لم يهتم بمعالجة مشكلاتهم وهمومهم.

وقد احتشد يوم الخامس عشر من الشهر الجاري المئات في ساحة الشارقة للمطالبة بعدة أمور. وزادت الأعداد في اليوم التالي، وقُدِّرَت بأنها وصلت لما يتراوح ما بين 3 إلى 4 آلاف شخص. وعلق الحاضرون لافتة كبرى تؤكد على مطالبهم التي يسعون من ورائها إلى تصحيح مسار الثورة والتخلص من بقايا نظام القذافي.

ولفتت في تلك الجزئية مجلة التايم الأميركية إلى أن المطلب المتعلق بتطهير الحكومة من أنصار القذافي لن يكون بالمطلب السهل على مسؤولي المجلس الوطني الانتقالي. فقد عين القذافي مؤيدي ثورته التي قام بها عام 1969 في مناصب وزارية بارزة. وقد حالت العزلة الدولية التي عاشتها ليبيا على مدار سنوات دون ظهور جيل جديد من المهنيين الليبيين الذين تعلموا وتدربوا في الغرب.

وأعقبت المجلة بالقول إن أولئك الذين كانوا يمتلكون الخبرة اللازمة لإدارة البيروقراطيات الكبيرة والتعامل مع المسائل التقنية كانوا يرتبطون غالباً بنجل القذافي، سيف الإسلام، الذي كان ينظر إليه طوال جزء كبير من العقد الماضي على أنه المصلح الرئيسي للبلاد. وكان من بين هؤلاء الرئيس السابق للمجلس الوطني الانتقالي، محمود جبريل، وآخر وزير للنفط في عهد القذافي، شكري غانم. ولا يوجد اليوم سوى عدد قليل من الأخصائيين الليبيين المتدربين القادرين على تلبية مطالب المتظاهرين.

وتابعت التايم بنقلها عن طبيب اكتفى بذكر اسمه الأول فقط وهو محمد، ويبلغ من العمر 60 عاماً، قوله: quot;بدأت الفجوات تظهر بين المجلس الوطني الانتقالي في طرابلس وبين الشعب. وبنغازي غير ممثلة بشكل جيد في المجلس الوطني الانتقاليquot;.

وهي نفس الشكوى التي كررها كثيرون من سكان الجزء الشرقي من ليبيا، خاصة وأنهم كانوا يأملون أن يعمل قادة البلاد الجدد على وقف مسلسل الإهمال الذي لطالما تعرضت له بنغازي، إبان حكم القذافي، الذي كان يهتم بشكل أكبر بمدينة سرت التي ولد بها وكذلك بمنطقة سبها الصحراوية النائية. فضلاً عن نفاذ الصبر لدى كثيرين من سكان بنغازي فيما يتعلق بخطى الإصلاح التي يتخذها الوطني الانتقالي.

فهم لا يشكون فحسب من ضياع أحلامهم المتعلقة بإمكانية حدوث رخاء اقتصادي، بل يشكون كذلك من تردي الأوضاع في واقع الأمر. ونقلت المجلة هنا عن عبد الباسط الفتوري، كاتب في المحكمة المحلية، قوله :quot; توقعنا استخدام الوطني الانتقالي لثروات البلاد النفطية لكي يوفروا لنا وظائف، خاصة وأن الحكومة لم تعد تغدق أموالنا على إفريقيا مثلما كان يفعل القذافي. لكن كل ما نراه هو استمرار غلق المصارف وعدم تمكننا من الحصول على أموالنا. والموقف أسوأ الآن من ذي قبلquot;.

وواصلت المجلة حديثها بالتأكيد على أن الشكوى الأكبر حالياً هي تلك المتعلقة بمسألة الشفافية. وأوردت هنا عن مواطن يدعى محمد بايو، 30 عاماً، قوله :quot;لا نعلم أين تذهب أموالنا. ولا نعلم كيف يقوم المجلس الوطني الانتقالي باختيار الأعضاء الجدد. وعلى أعضاء المجلس أن ينهضوا ويقولوا ما يمثلونهquot;. فيما أكد مسؤول من المجلس أنهم لا يمتلكون وثيقة واحدة يمكنها تحديد الجهة التي أنفقت فيها الأموال، وأشار، بعد رفضه الكشف عن هويته، إلى أنهم لا يعلمون الطريقة التي اختير بها الأعضاء الجدد، وما هي طبيعة المعايير التي وضعت من أجل انتقائهم.

وأخيراً، نقلت التايم عن صلاح السنوسي، أستاذ العلوم السياسية في بنغازي، قوله: quot;كنا مستعدين للتحلي بالصبر حيال أخطاء المجلس وقت كان القذافي في السلطة، غير أن أعضاء المجلس فشلوا في تلبية مطالبهم، والعنف الآن وارد ضد السياسيينquot;.