الجزائر: قررت السلطات الجزائرية تنظيم انتخابات تشريعية في ربيع 2012 بعد عشرين عاما من الغاء نتائج اول انتخابات تعددية كان سيفوز بها اسلاميون وسط توقعات بان التاريخ لن يعيد نفسه رغم صعود الاسلام السياسي في خضم الربيع العربي.

واعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الاحد الماضي انه quot;سيتم استدعاء الهيئة الانتخابية فور اختتام الدورة الخريفية للبرلمان من اجل اجراء الانتخابات التشريعية خلال الربيع المقبلquot;، دون تحديد تاريخ هذه الانتخابات.

ويراهن بوتفليقة على ان تساهم هذه الانتخابات التي وصفها بquot;الهامةquot; في quot;فتح الباب على آفاق تسودها ديموقراطية متكاملة العناصر تكون هي السبيل إلى إعادة بناء ثقة المواطن في الهيئات النيابية على اختلاف مستوياتهاquot;.

وكانت الجزائر شهدت في 26 كانون الاول/ديسمبر 1991 اول انتخابات تشريعية تعددية بعد اقرار دستور جديد انهى 26 سنة من هيمنة الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني) على الحياة السياسية في الجزائر.

وقد ادى تعليق الجولة الثانية من الانتخابات التي حصدت فيها الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة اكثر من 82 بالمئة من الاصوات، الى اندلاع اعمال العنف ثم حرب اهلية اسفرت عن سقوط نحو 200 الف قتيل.

فهل سيكون للاسلاميين النصيب الاكبر هذه المرة ايضا خصوصا مع ما حدث في انتخابات تونس والمغرب ومصر في خضم ثورات وانتفاضات الربيع العربي؟

الجواب quot;لاquot; بالنسبة للدكتور ناصر جابي استاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائر.

وقال جابي في ندوة حول التحولات السياسية في الجزائر ان quot;احتمال تحقيق الاحزاب الاسلامية بالجزائر فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية المقبلة شبه منعدم لانها منقسمة فيما بينها ومنغلقة على نفسهاquot;.

كما ان الرئيس بوتفليقة لا يخشى من تكرار السيناريو في بلاده باسم quot;الاستثناء الجزائريquot;.

وقال ان الجزائر من هذا العالم quot;تتأثر به وتؤثر فيه ولكن ليس على الجزائر أن تعود إلى تجارب قامت بها منذ عقود وسنينquot;.

وكان بوتفليقة يشير الى احداث تشرين الاول/اكتوبر 1988 التي مهدت للتعددية السياسية بالغاء حكم الحزب الواحد من خلال دستور 1989.

وتوقع الامين العام لجبهة التحرير الوطني فوز حزبه بالاغلبية ثم تليه الاحزاب الاسلامية في المركز الثاني بنسبة 35% من الاصوات.

وقال عبد العزيز بلخادم الذي يشغل ايضا منصب وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية ان quot;التاريخ لا يعيد نفسه والجبهة الاسلامية للانقاذ وناشطوها موزعون الان على عدة احزاب بما فيها جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي (الذي يتزعمه رئيس الوزراء احمد اويحيى) وحركة مجتمع السلم.

ويمنع قانون الاحزاب الجديد الاعضاء السابقين في الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة من العودة الى العمل السياسي كما نصت عى ذلك المادة الرابعة منه.

وجاء في هذه المادة من القانون quot;يمنع تأسيس حزب سياسي او المشاركة في تأسيسه او هيئاته المسيرة على كل شخص مسؤول عن استغلال الدين الذي افضى الى المأساة الوطنيةquot;، في اشارة الى المنتمين الى حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ الذي تم حله سنة 1992.

وجاء ايضا في الفقرة الثانية من المادة الرابعة quot;كما يمنع من هذا الحق (حق انشاء حزب سياسي) كل من شارك في اعمال ارهابية او في تنفيذ سياسة تدعو الى العنف والتخريب ضد الامة ومؤسسات الدولة ويرفض الاعتراف بمسؤوليتهquot;.

في الاثناء قال رئيس الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة عباسي مدني انه ينوي التقدم بشكوى لدى الهيئات الدولية ضد هذا القانون.

واعتبر عباسي مدني الذي يعيش في الدوحة ان هذا القانون quot;يخرق المواثيق الدولية حول الحقوق السياسية والمدنيةquot;.

وقال المحامي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، لوكالة فرنس برس انه لا يمكن حرمان اي شخص من حقوقه السياسية مدى الحياة.

واوضح ان quot;عقوبة الحرمان من الحقوق السياسية والمدنية عقوبة لاحقة لعقوبة السجن، وهي محددة بفترة زمنية لا يمكن ان تتعدى عشر سنوات كاقصى تقدير لان ذلك يتعارض مع قانون العقوباتquot;.

يذكر ان الانتخابات التشريعية الاخيرة في ايار/مايو 2007 فاز بها حزب جبهة التحرير الوطني ب136 مقعدا (من 389). وفاز التجمع الوطني الديمقراطي ب62 مقدا متبوعا بحركة مجتمع السلم ب51 مقعدا ثم المستقلين ب33 مقعدا وحزب العمال ب26 مقعدا.

وفي البرلمان الجزائري حزبان اسلاميان اخران الى جانب حركة مجتمع السلم وهما حركة النهضة بخمسة مقاعد وحركة الاصلاح الوطني بثلاثة مقاعد. كما يوجد حزبان على الاقل تحت التاسيس هما جبهة العدالة والتنمية للمرشح السابق لانتخابات الرئاسة عبد الله جاب الله وجبهة الجزائر الجديدة لجمال بن عبد السلام القيادي المستقيل من حركة الاصلاح.