أبدى عراقيون، ينتمون إلى محافظات عراقية مختلفة، عن شعورهم بالفخر، لكونهم سيرفعون الأعلام العراقية على بيوتهم السبت 31 /12/ 2011، موعد انسحاب آخر جندي أميركي من العراق، وإن كان البعض منهم يشعر بالتخوف من المستقبل المجهول، بسبب الخلافات التي اتسعت بين السياسيين العراقيين والكتل السياسية، والتي يخشون أن تؤثر في المشهد الأمني، فيذهب عدد من الناس ضحايا لهذه الخلافات.


العراقيون يستعدون للاحتفال بحريةالاستقلال عبر تعليق علم البلاد فوق منازلهم

عبد الجبار العتابي من بغداد: أعرب إعلاميون ومثقفون من عدد من المحافظات العراقية في أحاديث خاصة لـ (إيلاف) عن تباين في وجهات النظر لحقيقة الانسحاب، وإن شعروا بشيء من الاتفاقعلى أن الانسحاب فرحة كبيرة.

وأشاروا إلى ضرورة أن ترفع الأعلام العراقية أعلى البيوت تعبيرًا عن البهجة، لتكون اشارة تاريخية وتقليدًا سنويًا للتعبير عن الخلاص من الاحتلال الأميركي بعد نحو تسع سنوات، وإن اختلفت وجهات النظر حول الوجود الأميركي، لكنه أمر احتفالي بالتأكيد، لاسيما أنه يتزامن مع آخر يوم في السنة، ويمكن أن تذهب، وهي تحمل الذكريات للبدء من جديد مع عام جديد.

قال إعلامي كردي: quot;أنت تعرف أن الجيش الأميركي لم يدخل إلى كوردستان، وإذا سألت أهل السليمانية أو أربيل أو دهوك مثلاً حول الانسحاب الأميركي فإنهم لا يعرفون شيئًا عنه، ليس مجرد معلومات عنه، ولكن بسبب أنهم لم يشاهدوا الجندي الأميركي في سوق أو طريق أو أي مكان آخر، على عكس ما كان في محافظات أخرى، لذلك الجواب سيكون عاديًا، ولن يشفي غليلك.

أما المؤرّخ التراثي رفعت مرهون الصفار من بغداد فقال: على كل عراقي يشعر بأنه عراقي أن يفتخر بيوم انسحاب القوات الأميركية لأن الاحتلال هو وصمة على العراق كله، فليس هنالك عراقي يشعر بأنه عراقي حقيقي، ويقبل بالاستعمار والاحتلال.

أما أن يبادر العراقيون برفع أعلام عراقية فهذا جيد، وأنا اقترح أن تُرفع الأعلام حتى في السيارات، ويبتهج الناس، العلم العراقي بالتحديد، الذي هو رمز الوحدة، وأنا أدعو إلى عقد ندوات للناس، توضح معنى الاستقلال ومعنى الاتحاد بين أبناء الشعب، وتوضح أن على العراقيين أن يشعروا بأنهم عراقيون فعلاً بعيدًا عن الطائفية وبعيدًا عن العنصرية، يجب أن نرفع العلم العراقي في مناسبة كهذه.

من جهته أضاف الإعلامي غانم عبد الزهرة من كربلاء: أعتقد أن العراقيين لا بد لهم أن يعبّروا عن فرحهم بخروج القوات الأميركية، التي عاثت، ولمدة تقارب تسعة أعوام، بالأرض فسادًا، وأهلكت الحرث والنسل في حرب غير نظيفة، وفي يوم انتهاء عملية الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الأميركي، حان الوقت ليعبّر كل العراقيين عن فرحتهم بهذا اليوم العظيم، الذي تحقق على يد أبنائهم، سواء في الشق السياسي أو العسكري، بعدما أرغمت أميركا على أن تخرج من العراق صاغرة، برغم كل محاولاتها لتأجيل هذا الأمر أو تأخيره، لكنها في الآخر اضطرت للخروج من العراق.

من جانبه قال الإعلامي عبد الكريم العامري من البصرة: للأسف الشديد لم أر رد فعل جماهير تجاه الانسحاب الأميركي من العراق، ربما ما زال العراقيون لا يصدقون بأن الاحتلال قد غادر أراضينا، أو أن جرائم القتل والتخوين سرقت فرحتنا بهذا الحدث الكبير. بالنسبة إليّ كنت على يقين بأنهم سيرحلون، ويحملون معهم كل معاناة السنوات التي خلت، في يوم انسحاب آخر كتيبة أميركية شعرت بأن 9 سنوات قد ردت إلى عمري، وبأن بداية الانسحاب هي بداية حقيقية لإثبات الوطنية الغائبة.. فكرة رفع علم عراقي فوق البيوت فكرة جميلة، خاصة وأن بيوتنا في البصرة مزدحمة برايات حمراء وسوداء وصفراء، هي بيارق عاشوراء..! جميل جداً أن تتوّج منازلنا الفقيرة، كحالنا، بألوان علم العراق، وأن تعلو عبارة quot;الله أكبرquot; هاماتنا، لنطرد شر سنوات القتل والتنكيل والتهجير.

أما الكاتب والصحافي هيثم الطيب من بغداد فدعا quot;جميع أبناء بلدي العراقيين من شمال الوطن إلى جنوبه إلى عدم الأخذ بخلافات السياسيين وتصريحاتهم، التي تثير الفتنة، وأدعوهم كذلك إلى رفع الأعلام العراقية على منازلهم في آخر يوم من هذا العام، تعبيرًا عن الفرحة بخروج قوات الاحتلال والوحدة الوطنية، في (يوم الجلاء) 31 كانون الأول (كما اقترح أن نسميه). سنرفع راية العراق عاليًا على منازلنا من شمال الوطن إلى جنوبه، ونملأ الشوارع بالمحبة والفرح بخروج المحتل الأميركي، وليحفظ الله العراق وأهله النشامى، وأدعوكم إلى الدخول إلى صفحة رفع الأعلام العراقية على بيوت العراقيين بمناسبة خروج المحتل.

وقال قيس طلال آغا من الموصل إعلامي في قناة سما الموصل: شعوري بعد الانسحاب الأميركي بأن هناك مخاوف، وقد بانت ملامحها من خلال الصراعات السياسية والتفجيرات التي حدثت في العاصمة بغداد، ولا ندري إلى أين ستصل بنا الأمور، مع التاكيد على أن هناك نهاية لهذا الصراع، ولكن لا ندري ما الذي سوف تسببه هذه الصراعات إلى أن يتفق السياسيون، وأنا اعتقد أن الأميركيين لم يخرجوا، فقد بقيت ذيولهم، وبقيت إيران وسوريا والسعودية والعديد والعديد من الأعداء للعراق.

الصحافي فراس حمد العويد من محافظة صلاح الدين، مدير تحرير صحيفة المنتصف، قال: أرى أن خروج الإحتلال الأميركي من العراق لم يأت بالجديد، خاصة أن البلاد تشهد حالة من عدم الإستقرار، تزايدت مع نهاية الإنسحاب، ولذلك فإن فكرة رفع علم عراقي فوق كل منزل عراقي هي فكرة لها إعتباراتها المعنوية، وهي كذلك تؤكد مدى عمق انتماء أبناء العراق إلى تربة هذا الوطن، وقد تكون مؤشرًا ذا دلالة واضحة إلى مدى ترابط العراقيين، حتى في مجالات المشاعر المشتركة، فالإنتماء الحقيقي يفرض علينا التوحّد، حتى في الفكر، ولكن الفكرة في بعدها الوطني يمكن أن تكون ذات مردود إيجابي أكبر، إذا ما شهد العراق حالة من الإستقرار والأمن، التي يمكن معها بناؤه وإعادة ترميمه وفق أسس وطنية، تؤكد أحقية الجميع بالعيش على أرضه بكرامة وحقوق ثابتة، وعندها ستكون فكرة رفع علم عراقي فوق كل من منزل في وطننا الجميل فكرة لها بعد وطني حقيقي، يؤشر إلى مستقبل ناصع يحلم به جميع العراقيين، ويعملون من أجله، ويمكن معه تجاوز كل ما خلفه الإحتلال من آثار سلبية على واقع العراق.

وأضاف ملاذ إسماعيل رميض، إعلامي وفنان من الفلوجة محافظة الأنبار: تجربة رفع علم عراقي فوق كل بيت عراقي في يوم الانسحاب الأميركي هي نصر بحد ذاتها، وأيضًا لها معان ودلالات عديدة، منها أنها ترمز إلى وحدة الشعب العراقي، وتدعوهم إلى أن يشتركوا من كل جهات الوطن الحبيب العراق من شماله وجنوبه إلى غربه وشرقه بمختلف أعراقهم وطوائفهم وأطيافهم في رفع رمز عزة وكرامة البلدان، وهو علم دولتهم.

فهو تعبير معنوي قبل أن يكون وطنيًا بأن العراق قد بدأ مرحلة جديدة، ينفض بها عن كاهله ركام السنين الثقيلة من حروب ودمار وحصار وعوز وتشريد واحتلال وفتنة وقتل عشوائي، ليعلن عن صفحة جديدة بيضاء، سيخطها الشعب، من خلال هذه التجربة الفريدة، والتي أعتقد أنه لم يسبقه في هذه الفكرة أحد غير العراقيين، أنا سأكون أول واحد يفعل ذلك، فالمثقف والإعلامي هم قدوة المجتمع، وهم لهم دور كبير في قيادة مجتمعهم نحو الأفضل، كما السياسي، بل ويفوقون السياسي في معظمها، وعلينا نحن أيضًا البدء بالتثقيف والتوعية لتعميم الفكرة على الناس البسطاء، حتى تتوحد الجهود إعلانًا وإيذانًا بانتهاء الأيام العصيبة، وإعلان الفرح في كل بيت عراقي، متمثلاً في رفع علم بلدنا مرفرفًا في الفضاء مزهوًا بالتحرر والخلاص.

وعلق المخرج السينمائي جميل النفس من الناصرية محافظة ذي قار قائلاً: لطالما كان الشرق الأوسط محتلاً، ولطالما تعرّضت دوله إلى غزوات، لذلك تشكل كلمة جلاء إرهاصة بالنسبة إلى العراقيين، حين يغادر آخر جندي أميركي من العراق، وهذا بالنتيجة يدحض كل ما يتعكز عليه البعض من أن البلد سيظل محتلاً، الآن غادروا، وهذه فرحة كبيرة يتمناها كل العراقيين، وربما فالتظاهر الشكلي برفع الأعلام العراقية على الدور لترمز إلى هذه المغادرة، فهذا مؤشر إلى أننا جميعًا تحت هذا العلم، وأسرة واحدة، ووطن واحد، واتجاه واحد وعراق واحد، هذه فرحة كبيرة، ولا بد أن أشير إلى أن الإنسان العراقي سيتخلص من حالة نفسية، طالما ضغطت عليه من خلال مسمى الاحتلال، فكيف بالأديب والمثقف والسياسي أيضًا، فهذا كان يشكل نوعًا من الضغط والألم ـ فأعتقد أن جلاء القوات الأميركية كان يتطلع إليه كل العراقيين، وقد تحقق.

وقالت سرى التميمي (موظفة) من الديوانية، محافظة القادسية: أنا مثل كل العراقيين سأكون سعيدة باليوم، الذي لا أجد فيه أي جندي أميركي، ولا أسمع في الأخبار عنهم وعن نشاطاتهم في العراق، وقد تحقق هذا بقوة أبناء العراق الأبطال، الذين استطاعوا أن يجعلوا من المحتل صديقًا على الأقل، ويغادر البلد، على الرغم من كل ما يقال. وأنا أرى أن أفضل ما يمكن أن نفعله هو رفع العلم العراقي في كل محافظات العراق، وحتى في إقليم كردستان، للتعبير عن وحدة العراق أرضًا وسماء وكرامة، وهو شعور وطني، لا يمكن أن يختلف عليه اثنان، وأنا سأكون واحدة من العراقيين، وأحمل علمًا عراقيًا، وأجعله يرفرف فرحًا.

الإعلامي محمد الكحلاوي من قضاء الكحلاء، محافظة ميسان توقع من جانبه: quot;أنه بعد الانسحاب الأميركي سيكون هناك توحد أخوي بين أبناء الوطن الواحد، وحين يضع كل مواطن علمًا فوق بيته، يثبت عراقيته، ويعزز ثقته بنفسه وبالآخرين، ويكون هناك ترابط وأخوة وعلاقات حميمة تعود إلى وضعها الطبيعي، بعدما فرّقنا الاحتلال، وقضى على كل مقدراتنا الإنسانية، وجعل أحدنا ينبذ الآخر، ونبتعد عن بعضنا البعض، يفترض الآن بعدما انسحبت القوات الأميركية أن نعيد ونعزز هذه العلاقة ونبنيها، وإن كانت هي موجودة، ولكن علينا أن نؤطرها في إطار جميل وأخوي، بأن تتوحد أفكارنا عبر رفع هذا العلم، حتى تتأكد وحدتنا وانتماؤنا إلى هذا البلد، الذي هو الآن جريح، ولكنه الآن أصبح حرًا، وستشفى جروحه ويمارس حقوقه، ويأخذ كل مواطن مكانه الطبيعي في بنائه.

وقال الإعلامي عقيل إبراهيم العطية - محافظة واسط: جميل جدًا أن تحس بأنك غادرت منطقة الاحتلال، وأنك اصبحت حرًا مستقلا، وكثير من الأشقاء العرب كانوا يعيروننا بأننا محتلون، الآن قد انطوت هذه الصفحة، وذهبت إلى غير رجعة، وعندما أنظر إلى العلم العراقي، وأنا أضعه في سارية أعلى بيتي أشعر بالزهو، ويعجبني أن أرفع يدي تحية له، وأقول له (عش هكذا في علو أيها العلم، فإننا بك بعد الله نعتصم). هذه القصيدة التي كنت أرددها حينما كنت صغيرًا، نحن كشعب نحتاج الآن أن نكون يدًا واحدة، وأن ننظر شزرًا إلى بعض السياسيين، الذين يوترون الوضع ويسرقون الفرحة لأسباب بعيدة عن الوطنية.

أما الفنانة فائزة جاسم من محافظة النجف فأشارت إلى أنه: رائع جدًا أن نرفع أعلامًا عراقية فوق بيوتنا في آخر يوم في الانسحاب الأميركي من العراق، نحن شئنا أم أبينا، تحت هذا العلم، الذي هو أمّنا، التي إطلعت على آلامنا وحمل آلامنا، لو تأملنا في العلم لوجدنا هناك سطورًا تحمل كل معاناتنا، وصدقني أحيانًا أحسّ بأن النجمات، التي في العلم هي دمعاتنا، وأكره أن يكون علمنا بنجمات، ولتبق كلمة (الله أكبر) من دون تلك الدموع، وأحيانًا أحسّ بأن رفرفة العلم هي مسح لهمومنا، خروج الأميركيين هو يوم سيادتنا، لأن الاحتلال يعني كابوسًا وقمعًا واستلابًا ودمارًا، وإن شاء الله يرحلون.

وأضافت quot;أنا لا أحبّ الجيش، ولا أحبّ العنف، ولا أحبهم، وإن كنت احترم الشعب الأميركي، الذي وإن كان (لملوم) من كل بلدان العالم، إلا أنهم صنعوا لهم وطنًا، أنا ضد الاحتلال، وضد كل من يسيء إلى بلدي الرقراق، مثل ماء دجلة العذب، يوم 31 / 12 سأهلهل بأعلى صوتي، وأشعر بأن هذا قليل، أتمنى في هذا اليوم أن يحسسني السياسيون بأنني فرحانة حقيقة وصدقًا، وليس فقط بالصورة في وسائل الإعلام، أحتاج أن أحسه بشكل ملموس في شوارعنا وفي عيون ناسنا وفي عطاء الحكومة لنا، أيأشعر بأنالاحتلال ذهبوجاء الخير.

وقال الفنان التشكيلي عماد عاشور من محافظة بابل: ها قد أدرك العراقيون (الحرية) بعد 4 عقود ونيف من الطغيان والدكتاتورية والاحتلال، ترى ماذا سيحلّ بهم، هل سيرفعون رايات بيضاء مثلما كانت ترفعها أمهاتنا يوم تنال أي واحدة منهن مرادها أم سنرفع علم العراق على سطوح البيوت ونضع الحناء على الأبواب؟. أنا أفضّل أن يعلق العراقيون أعلامًا بأحجام متوسطة فوق باب كل دار، لأن سطوح بعض البيوت في الأزقة لن تراها إلا الطيور، ولأجل أن تمتلئ عيون المارة والأطفال بألوان علم الوطن، علم العراق، الذي نسعى ونأمل أن يظل علمًا يوشح أرضه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وأنا آمل أن يكون لأمّنا النخلة نصيب فيه، وأن يكون لها مكان في علمنا الجديد، مثل أرزة لبنان، هذه أمنية فنان، عسى أن تجد طريقها إلى مخيلة من سيصمّم علم العراق الجديد.