تنظر إسرائيل بقلق بالغ الى التطورات الجارية في مصر. ومبعث القلق الرئيسي، كما يكتب ديفيد هوروفيتز، رئيس تحرير صحيفة جروسيلم بوست هو تكرار ما حدث في إيران قبل ثلاثين عاما، عندما اطاحت حركة احتجاج شعبية بنظام الشاه ليأتي بدله نظام أشد خطرا وفسادا ولا تسامحا.
ويضيف quot;ان إيران سعيدة بما يجري لأن حلفاءها في جماعة الأخوان المسلمين في موقع يتيح لهم ملء أي فراغ ينشأ على مستوى القيادة. ورغم كل ادعاءات الجماعة المشبوهة عن اعتدالها النسبي فانها تضم في قيادتها شخصيات شديدة العداء لإسرائيل والغربquot;، كما يلاحظ هوروفيتز الذي يعيد التذكير بأن حركة حماس خرجت من رحم جماعة الأخوان المسلمين.
ويحذر هوروفيتز من ان الخطر الذي يواجه المصريين يتمثل في quot;ان جهودهم الشجاعة ستكون بعد انتهاء الاحتجاجات، قد استعاضت عن مبارك لا بقيادة تلتزم بمبادئ الحرية والديمقراطية بل عكسها تماما. وبالنسبة للإسرائيليين فان ذلك يؤكد التحديات التي يواجهونها حين يتعلق الأمر بصنع السلامquot;، على حد قوله.
ويكتب هوروفيتز quot;ان إسرائيل تشكل 1/800 من العالم العربي وان عرضها لا يزيد على تسعة اميال في اضيق نقطة. وانها ليست قوة عظمى باراضيها الاقليمية بحيث تستطيع عدم الاكتراث بما ينشأ من عداء حولهاquot;. ويؤكد quot;اننا بحاجة ماسة الى علاقات طبيعية مع جيراننا. ولكن إذا عقدنا صفقة سيئة مع نظام حكم غير مستقر أو غير ملتزم التزاما صادقا بالصلح فان العواقب يمكن ان تكون قاتلةquot;.
ويتابع هوروفيتز انه quot;على امتداد نصف عمر إسرائيل كان تحالفنا مع مصر محورا مركزيا في سياستنا الخارجية واستراتيجيتنا العسكرية. ولتحقيق ذلك تنازلنا عن كل شبر من صحراء سيناء، وحتى نهاية الاسبوع لم يكن لدينا سبب لوضع هذا القرار موضع تساؤل.
ولكنه كان سلاما باردا: لم تلق إسرائيل قبولا عميقا بين عامة المصريين أو الاعلام المصري والنقابات المهنية. ولكن مصر في عهد مبارك كانت اقل انتقادا لإسرائيل من غالبية الدول العربية الأخرى مكثفة بالتدريج جهودها لمنع تهريب الصواريخ والقذائف وغيرها من الأسلحة الى غزة... وان غياب الحرب على حدودنا مع مصر حرر ايضا قواتنا العسكرية ذات القدرات المحدودة للتركيز على حدود أخرى أشد خطورةquot;.
ويكتب رئيس تحرير صحيفة جروسليم بوست quot;ان تركيا، حليفنا الاقليمي الحيوي الآخر، ابتعدت عنا بخروجها من فلك الغرب خلال العامين الماضيين. والآن يمكن ان نفقد مصر ايضا في وقت تلقي إيران ومطامحها النووية ظلا أوسع على المنطقة، وعلى مستقبل إسرائيل.
ولكن مبعث القلق الأكبر ربما كان ما يمكن ان يتمضخ عن الاحتجاجات المصرية من انقلاب في المعادلة. فان إسرائيل تحاول منذ جيل توسيع دائرة التطبيع، بمعنى نيل قبولها كدولة بين الدول. فعقدنا صلحا مع مصر ثم مع الاردن. واقمنا صلات مع المغرب والخليج وتواصلنا مع السوريين والفلسطينيين. والآن، لأول مرة منذ ما يربو على 30 عاما، نرى هذا الزخم يرتد على اعقابه. ونتساءل عما إذا كانت مصر ستبقى شريكا ثابتا. ونقلق من احتمالات عدم الاستقرار في الاردن. ونرى كل حدودنا الآن quot;في حراكquot;، ويتعين على جيش الدفاع الإسرائيلي ان يعيد النظر بكامل استراتيجيته تحسبا لنشوء مخاطر من كل الاتجاهاتquot;، كما يكتب هوروفيتز.
ويقول رئيس تحرير صحيفة جروسليم بوست في ختام مقاله في صحيفة الديلي تلغراف البريطانية ان إسرائيل كانت تأمل بأن quot;معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية لعام 1979 ستصبح الحدث الفاصل في الحقبة الحديثة. وها نحن الآن نخاف ان يتحدد عالمنا بحدث آخر وقع في تلك السنة هو ثورة إيران الاسلاميةquot;.
التعليقات