في وقت ترتفع الأصوات المطالبة بإصلاحات دستورية في المغرب، حذّرت جماعة quot;العدل والإحسانquot; من الأسوأ، كما أعلن عن تأسيس حركة أطلق عليها quot;حركة 20 فبراير (شباط) من أجل الكرامةquot;، ودعوا إلى مسيرات في هذا التاريخ في مدن مغربية لتحقيق مطالب دستورية.


الرباط: طالبت الجماعة الإسلامية الأكثر انتشارًا في المغرب بضرورة quot;تغيير جوهري ديموقراطي عاجلquot; في البلاد، وذهبت إلى القول إنه في حال عدم إحداث هذا التغيير فسـquot;يأخذ الشعب زمام المبادرة ويندفع سلميًا وبكل التضحيات من أجل كنس الاستبدادquot;.

الأصولية تقفز على الحدث
لخصت الجماعة ما أسمته quot;المطالب الملحّة والمشروعة للجماهير العريضة من أجل حلّ جذري انتقالي سلمي لمعضلة الاستبداد والظلمquot; في عشر نقاط، أهمها quot;إلغاء الدستور الحالي والدعوة إلى جمعية تأسيسة يمثل فيها الجميع، تصوغ دستورًا ديموقراطيًاquot; ينصّ على فصل واضح وحقيقي للسلطة، وquot;وضع حدّ لنهب الثروة الوطنية وهيمنة المؤسسة الملكية ومحيطها الخاص على الموارد الأساسية للاقتصاد الوطني وللمال العامquot;، وquot;الشروع فورًا في حلول حقيقية وجذرية للمشاكل الاجتماعية العويصةquot; للمغاربة وquot;التراجع عن المسار الخطر الذي يمضي فيه البلد نحو quot;بنعليةquot; الحياة السياسية والاقتصادية الوطنية والكفّ عن العبث بقواعد العمل السياسيquot;.

كما خصصت الجماعة نقاطًا أخرى للجانب الأخلاقي والإصلاح الديني من رؤية الجماعة، كما طالبت أن يبني الحكم quot;على اختيار الشعبquot; وquot;إطلاق الحريات العامة، ومنها حرية الصحافة والإعلام وتأسيس مختلف الهيئات والجمعيات وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيينquot; وإصلاح القضاء.

وقالت جماعة quot;العدل والإحسانquot; الأصولية المحظورة إن الثورات في العالم العربي لن تقتصر على مصر وتونس، وأشادت الجماعة بـquot;هذه الانتفاضات المباركةquot;، وذكرت في الرسالة التي بعثها زعيم الجماعة عبد السلام ياسين quot;إلى من يهمّه الأمر في 28 يناير كانون الثاني 2000quot;، وقالت الجماعة إنه لا مكان quot;بعد اليوم للتمويه والتخذير والإلقاء ببعض المسكنات وإطلاق الوعود البراقة الخلابة الكاذبةquot;.

هذه الدعوة إلى الإصلاح طالب بها quot;تحالف اليسار الديموقراطيquot; قبل أيام في الدار البيضاء، وقد وصف بيان للتحالف المرحلة السياسية الحالية بأنها مطبوعة quot;بالتراجع وبهيمنة الدولة وتحكمها في العملية السياسية، وإضعاف الأحزاب المناضلة وبالتضييق على الحريات العامةquot;.

أحزاب رسمية تغير لهجتها
من جهته، أعلن المكتب السياسي أن الثورة التونسية فتحت آفاقًا ديموقراطية في المنطقة المغاربية، وعبّرت عن رغبتها بترجيح quot;موازين القوى لمصلحة الخيار الديمقراطي، وأن يحقق آمال الشعب المغربي وطبقاته الشعبية في الديمقراطية والحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريمquot;، من جانبه دعا quot;الحزب الاشتراكي الموحدquot; إلى quot;إقامة نظام ملكية برلمانية، يسود فيه الملك ولا يحكم والفصل بين ممارسة الحكم والعمل التجاريquot;.

وطالب الحزب في بيان له بـquot;إقرار تعددية سياسية حقيقية وربط القرار بصناديق الاقتراع، والقطع مع مرحلة فبركة الأحزاب والغالبيات وتأسيس حزب الدولة وتزوير الانتخاباتquot; وبـquot;إنهاء الاحتكار واقتصاد الريع ونهب المال العام وتفشّي الرشوة والخضوع لوصفات المؤسسات المالية الرأسماليةquot;.

وحذّر الحزب اليساري من تفادي تبعات النموذجين التونسي والمصري عبر ضرورة quot;مباشرة إصلاحات دستورية وسياسية عميقةquot;، ودعا إلى quot;وضع دستور جديد للبلاد يضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة واحترام مبدأ سيادة الشعبquot;.

هذه المطالب لم تعد تتداولها أحزاب ليست لها تمثيلية في البرلمان المغربي فقط، بل بدأت على لسان أحزاب معارضة قوية في المغرب، وهكذا دعا الأمين العام لحزب quot;العدالة والتنميةquot; (القوة الرابعة عدديًا في البرلمان المغربي) إلى ضرورة استفادة المغرب من التجربة التونسية والمصرية، وطالب الاثنين 7 فبراير/ شباط بوقفة احتجاجية لمساندة زميلهم في الحزب جامع معتصم بسلا (قرب العاصمة الرباط) برحيل المفسدين.

وكان مصطفى الرميد، القيادي في الحزب نفسه قد دعا إلى إصلاحات دستورية عاجلة لتفادي ما حدث في تونس، كما شدد على ضرورة حل حزب quot;الأصالة والمعاصرةquot;، التي اعتبرها قد أفسدت الحياة السياسية، وكان هذا الحزب قد أسسه فؤاد عالي الهمة، صديق الملك محمد السادس، وأوضحت وثائق لـquot;ويكيليسquot; أن هذا الحزب كان محاولة من القصر وقف زحف الإسلاميين.

المثقف يستعيد صوته
إلى ذلك، بدأ المثقفون المغاربة المعروفون بجرأتهم بتقديم رأيهم في موضوع الإصلاحات، وقد أعلن الشاعر المعروف عبد اللطيف اللعبي أن المغاربة، خاصة الشباب، يعيش quot;خيبة الأمل، والارتياب، والإحباط. نوبات من التمرد وإحساس بالعجز في آنquot;.

وقال الشاعر quot;إن المغرب لا يُسيّر راهنًا كبلد جدير بإشهار أوراقه الرابحة، النابعة من رسوخ هويته وغنى ثقافته؛ ولا كبلد يستطيع فيه الشعب (الذي هو صانع السيادة الوطنية دون منازع) أن يدلي بدلوه في تسيير شؤونه ووضع معالم مستقبله؛ ولا كبلد يطمح فيه مجتمع على دراية كبيرة بما يجري داخل القرية العالمية إلى التمتع هو كذلك بالتقدم الحاصل، على مستوى المعارف، والتعليم، وتلبية الحاجيات المادية والمعنوية، وفي مجال الحقوق والحريات.

على النقيض، نرى أن المغرب يسيّر وكأنه مقاولة ضخمة أو شركة متعددة الجنسية، لا همّ ولا غاية لها سوى الإغناء اللامحدود لمساهميها الرئيسيين، ولو اقتضى الأمر توزيع بعض الفتات على صغار المدّخرين، وهو ما يشكل بالمناسبة طبقة واقية بينهم وبين الجمهور المتزايد للمحرومينquot;.

وأكد أنه آن quot;الوقت لحكامنا أن يعطوا ضمانات ملموسة على إرادتهم تلبية هذا التطلع، والأكثر استعجالية من بين تلك الضمانات هو اتخاذ تدابير جذرية قصد معالجة البؤس الاقتصادي والاجتماعيquot; وquot;مراجعة الاختيارات الاقتصادية التي تم اتباعها لغاية اليوم وكذا نموذج النمو الذي ما فتئ يعمّق من الهوة الاجتماعية ومن مستوى الظلمquot; والقيام بـquot;فعل تأسيسي يتم إشراك كل الفاعلين في الساحة السياسية والمجتمع المدني بشأنه، ويتم بموجبه ترسيخ مبادئ دولة الحق ضمن دستور البلاد، بما يعنيه ذلك من فصل للسلطةquot;.

وختم قائلاً quot;إن المغرب يشرف اليوم على مفترق طرق جديد. التاريخ ضرب لنا فيه موعدًا، وهذا الموعد لا يحتمل أي تأخير. فليقدنا العقلُ والمصالح العليا للبلاد إليه داخل الآجال. تلك هي الطريق الأسلم نحو التقدم، نحو الكرامة والعدالة، تلك هي طريق الإقلاع الديمقراطيquot;.

تتزامن هذه المطالب التي عبّر عنها حتى أفراد العائلة الملكية من خلال مطالبة الأمير مولاي هشام، ابن أخ العاهل المغربي محمد السادس، بإصلاحات في المؤسسة الملكية، تتزامن هذه المطالب بدعوة شباب مغربي إلى ملكية quot;تسود ولا تحكمquot;، وقد أعلن عن تأسيس حركة أطلق عليها quot;حركة 20 فبراير (شباط) من أجل الكرامةquot;، ودعوا إلى مسيرات في هذا التاريخ بمدن مغربية لتحقيق مطالب دستورية.