مع دخول الاعتصامات التي ينظمها الشباب المحتج في ميدان التحرير، إلى جانب بعض المواطنين والأشخاص المنتمين لبعض التيارات السياسية، يومها الخامس عشر دون ظهور بوادر انفراجة لتلك الأزمة، تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير نشرته بعددها الصادر اليوم عن الآراء والمواقف التي تتبناها طبقات المجتمع المصري، سيما الطبقة الثرية والأخرى الفقيرة، إزاء تلك التظاهرات الحاشدة.


رغم تأكيد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على أن مصر لن تعود مرة أخرى لما كانت عليه من قبل، إلا أن صحيفة الغارديان البريطانية ذكرت أن الحياة في تلك المدينة التي تعرف بـ quot;القاهرة الجديدةquot; (وتقع شرق القاهرة ) - وهي مقر للعشرات من المجمعات السكنية المحاطة بأسوار عالية ndash; تبدو وأنها لم تتغير مطلقاً، في ظاهرها على الأقل.

ومضت الصحيفة تنقل في هذا السياق عن وائل حسن، مدير تسويق يبلغ من العمر 34 عاماً ويعيش في مدينة الرحاب، وهي واحدة من أقدم المجتمعات الخاصة في المنطقة، قوله: quot;الأمور عادت إلى طبيعتها: فالسلع الغذائية متوافرة في المحلات، والبوابات مؤمنة، وجميع المقاهي مفتوحة. الناس بطبيعتهم غير معتادين على المشكلات، والجميع يريد الاستقرار. والحمد لله أن الأمور تسير الآن بشكل جيد وعلى ما يرامquot;.

واتفق أحد جيران وائل على نفس الرأي، بقوله: quot;لقد سَئِم الناس من الثورات بصورة سريعة للغاية، وعندما تكون في فقاعة مغلقة كهذه، فإنه يكون من الصعب ربط تلك الصور التي يتم بثها على شاشات التلفزيون بأي شيء يحدث في الحياة الحقيقية. ونحن على دراية تامة الآن بأن كل هذا التعطيل لن يدوم لفترة زمنية طويلةquot;.

وتابعت الصحيفة بالقول إنه وفي الوقت الذي دخلت فيه انتفاضة مصر المؤيدة للتغيير أسبوعها الثالث، فإن عودة الحياة إلى طبيعتها في أماكن مثل القاهرة الجديدة هو بالضبط ما يرغب الثوار المتواجدون في ميدان التحرير أن يتحاشوه بصورة ماسة.

فمن خلال تواجدهم في تلك المنطقة الصحراوية على مدى العقدين الماضيين كجزء من برنامج توسع حضري طموح ومثير للجدل، أكدت الصحيفة أن هذا الحي الذي يقطن به النخب يرمز بالنسبة لكثيرين إلى كل شيء خاطئ في نظام الرئيس مبارك.

وقال في هذا السياق حمدي فخراني، وهو محامي ناشط يتصدى لعمليات بيع الأراضي في المنطقة من خلال المحاكم :quot; إن الفساد والرأسمالية الحميمة التي بنيت على أساسها القاهرة الجديدة تمتد إلى حقيقة ازدراء تلك الحكومة للشعب المصريquot;.

ورأت الصحيفة في السياق ذاته أيضاً أن المحسوبية التي كانت سمة من سمات عملية نمو المذهلة للقاهرة الجديدة خلال السنوات الأخيرة ليست السبب الوحيد الذي جعلها ترمز إلى التراجع الملحوظ الذي شهدته مصر في عهد الرئيس مبارك.

وأشارت كذلك إلى أن القاهرة الجديدة تعتبر أيضاً مثالاً صارخاً على الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، التي كانت تميز حكومة رئيس الوزراء السابق، أحمد نظيف. وأوضحت الصحيفة في ختام حديثها أن وبرغم التناقض الموجود بين القاهرة الجديدة والأحياء العشوائية القريبة منها، إلا أن المواقف إزاء الاحتجاجات الحالية لا تنقسم بدقة على أساس طبقي.

ونقلت الصحيفة هنا عن سلمى طارق، تقيم بالقاهرة الجديدة وتبلغ من العمر 26 عاماً، قولها: quot;لقد انضم كثيرون من المقيمين هنا إلى المظاهرات، حتى بعد أن طلب منهم ذويهم ألا يقوموا بذلك. صحيح أن عائلاتنا استفادت من النظام وربما تعتقد أن لدينا مصلحة في الإبقاء على الوضع الراهن، لكن الشباب هنا يعاني في واقع الأمر من نفس الاحباطات التي يعانيها أي فرد آخر في مصر: فنحن نريد الحرية، ونريد أن نضع حداً لمشاعر الخوف التي تنتابنا من الشرطة، ونريد أن نحصل على فرصة لرسم وتشكيل مستقبلناquot;.