علمت ايلاف من مصادر خليجية مطلعةأن أمير قطر وحرمه ألغيا زيارة للوس أنجلوس للمشاركة في حفل كبير بسبب ما تشهدهالقاهرة من تطورات، ويأتي ذلك بالتزامن مع الدور المثير الذي تلعبه قناة الجزيرة في تغطية انتفاضة المصريين.


لندن: ألغى أمير قطر الشيخ حمد آل ثاني وحرمه الشيخة موزة المسند زيارة خاصة كانت مقررة هذا الأسبوع إلى لوس أنجلوس لحضور حفل كبير كان مبرمجًا على أجندتهما منذ وقت طويل، حسب ما أفادت به مصادر خليجية مطلعة، لم تشأ الخوض في تفاصيل أوسع، مكتفية بالإشارة إلى أن ذلك الإلغاء يعود إلى انشغال القيادة القطرية في متابعة مستجدات الأحداث في مصر.

ويثير موقف قطر، وبالتالي قناتها quot;الجزيرةquot;، أو العكس، موجة من الأسئلة في المنطقة خصوصًا وأن التوجهات القطرية، التي تدعم الثورة سرًا وعلنًا، من فوق الطاولة ومن تحتها، تمضي بعيدًا من توجهات دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، التي تريد تجميد الموقف على الساحة المصرية خشية الفوضى، ومن ثم النظر إلى البدائل الأخرى في وقت لاحق.

ومعروف أن علاقات الدوحة ndash; القاهرة أكثر من سيئة نتيجة لتراكمات سابقة يختلط فيها العام بالشخصي. بالنسبة إلى المصريين فإن قطر quot;ليست أكثر من دولة مغمورة كانت أبرز معالمها فندق الشيراتون فكبرت وأصبحت قناة تلفزيونية اسمها الجزيرةquot;، وبالنسبة إلى القطريين فإن مصر quot;طبيب لديه مريض واحد ومن دون هذا المريض، وهو القضية الفلسطينية، فلا قيمة لها في العالم العربيquot;.

وحرص الدبلوماسيون في البلدين على إبقاء هذه المشاعر، التي تخرج أحيانًا على جنبات المآدب الرسمية وفي الجلسات الخاصة، بعيدة من الظهور علنًا قدر المستطاع، لولا أن التغطية التي يقول عنها دبلوماسيون مصريون أنها quot;تحريضيةquot; لقناة الجزيرة ضد الرئيس المصري، قد اعتبرت واحدة من طرق التعبير القطري عن الغضب، وخروجًا عن قواعد اللعبة.

ويضاف إلى ذلك، أن ما تسرب من وثائق دبلوماسية نشرت أخيرًا يكشف حجم الاحتقان بين البلدين وكيف أن قطر ساومت مصر مستخدمة مفاعلها النووي الإعلامي قناة الجزيرة، الذي أصبح أكثر أهمية لصانعي السياسة القطريين من حقول الغاز التي تحيط بهم في البر والبحر، وتدر على الخزينة مليارات الدولارات.

ويقول مراقبون إن قناة الجزيرة، الأكثر شعبية في العالم العربي، قد quot;تعرت سياسيًا بعد تغطيتها المنحازة للمتظاهرين في ميدان التحرير وخصوصًا أن العناصر المتعاطفة مع الإخوان المسلمين في القناة أرادت الانتقام من السلطة في مصر بأي طريقة كانتquot;.

وقادت السعودية، ومعها الإمارات والبحرين والكويت وعمان، نهجًا سياسيا وسطيًا في محاولة للإبقاء على شرعية النظام في مصر قبل كل شيء، بينما بدت قطر وكأنها تنتهج نهجًا خاصًا بها، يدخل في إطار محاولتها تصفية حساباتها مع جارتها اللدودة الرياض، وقائمة حلفاءها في المنطقة، وعلى رأسهم النظام المصري بطبيعة الحال.

وعلى الرغم من أن القطريين أصلحوا علاقتهم مع جارتهم الكبرى ظاهريًا إلا أنهم ينشطون في محاولة قصقصة أجنحة الدور السعودي في المنطقة من خلف السواتر، ومحاولة تعكير صفو الدول الموجودة على قائمة الصداقة السعودية، حسب ما يقوله محللون سياسيون.

وعقد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لقاء مع وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي للتباحث حول الأزمة المصرية وسبل الخروج منها بأقل الخسائر، خصوصًا أن مستشار سلطان عمان، عمر الزواوي، كان أول مسؤول عربي يلتقي مبارك منذ اندلاع موجة التظاهرات المليونية التي تطالبه بالتنحي عن كرسي الرئاسة.

وعلاقة سلطان عمان، قابوس بن سعيد، بمصر ورؤساءها أكثر، وأفضل، وأروع - وكل أفعال التفضيل الممكنة- من متميزة، كونه من الزائرين الدائمين إلى شرم الشيخ، حيث مقر إجازاته الخاصة منذ سنوات طويلة، وهذا يفسّر دخول عمان على خط الأزمة، على الرّغم من أنها الدولة المشهورة بحبها الانطواء، والعيش في ظل الخليج، وبعيدًا من صخبه.

وعلى خطى الجهود العمانية زار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد مصر والتقى الرئيس المحاصر في مقر إقامته، مسلمًا إياه رسالة من الشيخ خليفة بن زايد، قيل إنها تحمل طلبًا لمبارك بالتنازل عن السلطة، والحصول على حق اللجوء السياسي في أبو ظبي، وضمان من عدم الملاحقة قضائيًا أو تجميد أرصدته.

ولم يصدر تعليق رسمي من الإمارات عن هذه الزيارة، وما إذا كانت محاولة لمضايقة الدور العماني والتشويش عليه، ولا سيما أن العلاقات بين البلدين أكثر من متوترة، أو أنها تأتي في إطار جهود أكبر بغية الحفاظ على استقرار مصر، أكبر بلد عربي في المنطقة، الذي يواجه واحدة من أعنف التظاهرات الشعبية في تاريخه الحديث.