مبارك خلال خطابه مساء يوم الخميس |
القاهرة: لا يزال الرئيس المصري حسني مبارك متمسكًا بمنصبه، رغم الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وجاء إعلان مبارك باستمراره في منصبه مخيبًا لآمال جميع الذين راهنوا بعد سماع البيان رقم 1 عن القوات المسلحة على أنّ خطابه سيحمل إعلانًا بالتنحي عن السلطة.
وكان قد سبق إعلانَ مبارك بقاءه في السلطة حتى الانتخابات المقبلة في أيلول (سبتمبر) تضارب في الأنباء بشأن مستقبله في الرئاسة. وقد أعلن مبارك في خطابه مساء اليوم (الخميس)، هو الثالث منذ انطلاق الاحتجاجات في البلاد، أنه يرفض الإملاءات من الخارج، ويفوّض صلاحياته لنائبه عمر سليمان.
وقال مبارك quot;الأخوة المواطنون أتوجه بحديثي اليوم لشباب مصر في ميدان التحرير، أتوجه إليكم جميعًا بحديث من القلب، حديث الأب لأبنائه، أعتز بكم رمزًا لجيل جديد، يدعو إلى التغيير، ويتمسك به ويحلم بالأفضل. أقول لكم إن دماء الشهداء لن تضيع هدرًا، ولن أتهاون مع المتسببين بها، وسأحاسبهم بالعقوبات الرادعة، وأقول لأهالي الضحايا لقد أوجع قلبي ما حدث، وأقول لكم إن استجابتي لكم هو التزام لا رجعة فيهquot;.
وأضاف مبارك quot;إن هذا الالتزام ينطلق من صدق نواياكم وتحرككم، ومطالبكم هي مشروعة، والأخطاء واردة في أي دولة، لكن المهم هو الاعتراف بها وتصحيحها ومعاقبة مرتكبيهاquot;.
إلى ذلك، قال مبارك quot;لقد أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل عدم ترشحي للانتخابات المقبلة، مكتفيًا بما قدمته، وأعلنت تمسّكي بذلك، كما المضي كذلكفي حماية الدستور ومصالح الشعب حتى تسليم السلطة إلى من يختاره الناخبون في أيلول- سبتمبر المقبل. ذلك هو قسمي أمام الله والوطن، وسوف أحافظ عليه حتى نصل إلى برّ الأمانquot;.
وأوضح مستطردًا quot;لقد طرحت رؤية محددة للخروج من الأزمة، تطرح اتفاقًا للانتقال السلمي للسلطة، وبأقصى قدر من الصدق والشفافية. طرحت هذه الرؤية، وأتابع تحقيقها أولاً بأول وساعة بساعة، كي ننجح بتحقيقها. لقد بدأنا حوارًا بناءً يضم القوى السياسية كافة،وأسفر عن توافق مبدئي يضع أقدامنا على الطريق الصحيح للخروج من الأزمةquot;.
وأكد أن هذا الحوار الوطني قد تلاقى حول تشكيل لجنة دستورية، كما تلاقى على تشكيل لجنة للمتابعة لما تعهدت به أمام الشعب، وقد حرصت أن يأتي تشكيل تلك اللجنتين من الشخصيات المشهود لها بالتجرد، ومن رجال القضاء. وإزاء ما فقدناه من شهداء في أحداث مأسوية أصدرت تعليماتي بسرعة الانتهاء من التحقيقاتquot;.
وأضاف مبارك quot;إنني تجاوبًا مع ما تضمنه تقرير لجنة تعديل الدستور من صلاحيات تقدمت اليوم بتعديل 6 مواد هي 76، 77، 88، 93، و 189، فضلاً عن إلغاء المادة 179 من الدستورquot; (...) تستهدف هذه التعديلات تسهيل شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، وتحدد مدة الرئيس. وإلغاء المادة 179 هدفها ضمان الوطن من خطر الإرهاب، بما يفتح الباب لإيقاف العمل بقانون الطوارئquot;.
وقال مبارك quot;الأخوة المواطنون إن الأولوية الآن هي لاستعادة الثقة في ما بيننا، إن مصر تجتاز أوقاتًا صعبة، لا يصح الاستمرار فيها بعدما لحق باقتصادنا من خسائر. إن اللحظة الراهنة ليست متعلقة بحسني مبارك، بل بمصر ومستقبلها. إن المصريين في خندق واحد، وعلينا مواصلة الحوار بروح الفريق وليس الفرقاء. (...) لقد كنت شابًا مثل شباب الآن عندما تعلمت الولاء للوطن، أفنيت عمرًا دفاعًا عنه، وشهدت حروبًا، وعشت أيام الانكسار وأيام العبور والنصر، أسعد أيام حياتي يوم رفعت علم مصر فوق سيناء، وواجهت الموت مرات عديدة، لم أخضع يومًا لضغوط أجنبية، وعملت من أجل مصر ونهضتها، ولم أسع إلى سلطة أو شعبية زائفة، وأثق أن الغالبية تعرف من هو حسني مباركquot;.
وأضاف إن quot;الأزمة في مصر تفرض علينا وضع مصر أولاً فوق أي اعتبار، ورأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية باختصاصات رئيس الجمهورية على نحو دستوري.سنثبت أننا لسنا أتباعًا لأحد، ولا أحد يصنع لنا قراراتنا سوى نبض الشارع، سنثبت ذلك بوحدة الشعب وبتمسكنا بعزة مصر وكرامتها وهويتها الفريدة، التي هي أساس وجودنا لأكثر من 7 آلاف عام، ستعيش الروح فينا ما دامت مصر ودام شعبنا. سنبقى في قلوب شيوخنا وشبابنا وفي عقول وضمائر من لم يلد بعد من أبنائناquot;.
وبعيد إنتهاء مبارك من إلقاء خطابه، ثار المتظاهرون في ميدان التحرير غضبًا، وطالبوا الجيش بالانضمام إليهم في ثورتهم. وخلع المئات من المحتجين أحذيتهم وألقوها على الشاشة التي ظهر عليها مبارك وهو يلقي خطابه، فيما أخذت الجموع تهتف quot;يسقط مبارك.. إرحل، إرحلquot; وquot;على القصر رايحين شهداء بالملايينquot;.
كما دعا آخرون إلى إضراب عام فوري، وطلبوا من الجيش، الذي نشر أعدادًا كبيرة من القوات والدبابات حول الميدان quot;يا جيش مصر اختار الآن .. الشعب أو النظامquot;. كما طالب المتظاهرون برحيل اللواء عمر سليمان، الذي دعاهم إلى العودة إلى منازلهم، في كلمة ألقاها بعدما أعلن الرئيس مبارك أنه فوّضه صلاحياته الرئاسية.
وهتف مئات آلاف المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحريرفي قلب القاهرة quot;يا سليمان يا سليمان إرحل إرحلانت كمانquot;.
وقد دعا سليمان الشباب المصري إلى العودة إلى quot;ديارهم وأعمالهمquot;، مؤكدًا أن quot;حركة شباب 25 يناير نجحت في إحداث تغيير مهم في مسار الديمقراطيةquot;. وقال quot;يا شباب مصر وأبطالها عودوا إلى دياركم وأعمالكم، الوطن يحتاج سواعدكمquot;.
واعتبر سليمان أن quot;هذه ساعة فاصلة في تاريخ الوطن، تتطلب من كل الشرفاء الحريصين علىأمنمصرواستقراراهاأن يتحدوا ويحكموا العقل وأن ينظروا إلى المستقبلquot;.
كما أشاد سليمان مطولاً بمبارك quot;وحسه الوطني وانحيازه إلى المطالب المشروعة للشعب (..) وإدراكه لخطورة المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر في الوقت الراهنquot;.
وقال quot;بعدما فوّضني بتحمل مسؤولية العمل الوطني للحفاظ على أمن مصر واستقراراهاوالحفاظ على مكتسباتها وإعادة الطمأنينة إلى جموع المصريين، أطلب من الجميع المساهمة في الوصول إلى هذا الهدف، وليس لدي شك أن الشعب قادر على حماية مصالحهquot;. وتابع quot;لقد فتحنا باب الحوار، وتوصلنا إلى تفاهمات ووضعت خريطة طريق لتنفيذ معظم المطالبquot; التي طرحها الشباب. كما تعهد بـquot;الحفاظ على ثورة الشباب ومكتسباتهاquot;.
وكان مبارك إجتمع في وقت سابق اليوم مع عمر سليمان. وقال التلفزيون المصري إنالرئيس اجتمع مع عمر سليمان في مقر الرئاسة في مصر الجديدة. وأظهر التلفزيون المصري صورة للرئيس مبارك مجتمعًا مع سليمان، غير أنه ليس هناك ما يؤكد موعد التقاط هذه الصورة. وعلى الأثر، أوضح التلفزيون أن مبارك اجتمع بعد ذلك مع رئيس الوزراء أحمد شفيق.
تأتي هذه الأنباء بعدما أعلن الجيش في وقت سابق اليوم الخميس عن ما أسماه quot;البيان رقم 1quot; للمجلس الأعلى للقوات المسلحة quot;تأييدهquot; لمطالب الشعب quot;المشروعةquot; وأنه quot;يبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات للحفاظ على الوطن ومكتسباته وطموحات شعب مصر العظيمquot;.
وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه، الذي صدر بعد اجتماع عقده برئاسة وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي، إنه quot;قرر الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل، لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات للحفاظ على الوطن ومكتسباته وطموحات شعب مصر العظيمquot;.
ولم يحدث أن أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أي بيانات وأعطاها أرقامًا منذ حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973.
يذكر أن الدستور المصري ينص على أنه في حال تنحي رئيس الجمهورية، يتولى الرئاسة بشكل موقت رئيس مجلس الشعب، على أن تجرى انتخابات رئاسية جديدة في غضون 60 يومًا.
التعليقات