برز على الساحة المصرية جدل يتعلق بالمدنيين الذين فُقِدوا جراء الثورة، وسط أنباء عن تعرضهم للتعذيب. فيما يشكك حقوقيون في قدرة الجيش على الإيفاء بوعود الديمقراطية.


القاهرة: بالتزامن مع التطورات والأحداث التي شهدتها مصر على مدار الأسابيع القليلة الماضية، على عدة مستويات مختلفة، بدأت تبرز على الساحة الآن قضية مثيرة للجدل تتعلق بهؤلاء الأشخاص المدنيين الذين فُقِدوا جراء تلك الأحداث، وسط أقاويل من جانب بعض أهاليهم تتحدث عن تعرضهم للتعذيب، في وقت ينفي فيه آخرون ذلك.

وبينما هلّل كثيرون لتولي القوات المسلحة قيادة شؤون البلاد، بعد تخلي الرئيس مبارك يوم الجمعة الماضي عن منصبه، ولتعهدها بالإشراف على تلك المرحلة الانتقالية إلى أن يتم تسليم السلطة لقيادة مدنية عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة، لفتت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى تلك المزاعم التي تحدثت من خلالها بعض جماعات حقوق الإنسان عن دور ربما قامت به القوات العسكرية على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية فيما يتعلق باختفاء العشرات وتعذيب ما لا يقل عن 12 حالة.

ولم يُطلَق سراح بعض من هؤلاء المفقودين ndash; كما ورد في الصحيفة ndash; إلا بعد مرور عدة أيام على نجاح الثورة في الإطاحة بالرئيس مبارك. وبات يُنظَر إلى قدرة الجيش على تحقيق الديمقراطية في البلاد بالعديد من التساؤلات من جانب جماعات حقوق الإنسان.

وأوردت الصحيفة ضمن هذا السياق عن هبة مورايف، الباحثة في منظمة هيومان رايتس ووتش التي قامت بتوثيق أربع حالات وصفتها بأنها تنطوي على التعذيب، قولها :quot; يقوم الجيش باحتجاز أشخاص بمعزل عن العالم الخارجي، وهو ما يعتبر مخالفاً للقانون، وهكذا يختفي الناس على نحو فعالquot;.

فيما قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق 3 حالات مماثلة، ووثقت جبهة الدفاع عن المتظاهرين المصريين 5 حالات.

وتابعت مورايف حديثها بالتأكيد على أن حالات الاعتقال والتعذيب لا تبدو quot;منهجيةquot;، لكنها أضافت quot; يكفي أن ندق ناقوس الخطر وأن ندعو إلى إجراء تحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة العسكريةquot;. وقالت أيضاً إن معظم الضحايا قد تم إلقاء القبض عليهم من جانب الجيش، رغم احتجاز اثنين من قِبل لجان الحراسة الشعبية قبل أن يتم تسليمهما إلى الجنود.

وأوضحت الصحيفة أن الاستجوابات التي رافقت تلك الاعتداءات كان يدور جميعها حول المشاركة المشتبه بها للضحايا في المظاهرات المناهضة للحكومة التي نجحت أخيراً في الإطاحة بنظام مبارك.

وقالت أيضاً جبهة الدفاع عن المتظاهرين المصريين إن المئات من الجثث مجهولة الهوية قد ظهرت بالمستشفيات في جميع أنحاء البلاد.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية أول أمس عن وفاة 365 شخص وجرح 5500 آخرين خلال التظاهرات التي استمرت على مدار 18 يوماً. وفي المقابل، أكد مسؤولون عسكريون خلال اجتماع مع شباب الناشطين يوم الاثنين الماضي أنهم سيبحثون عن أولئك الذين فُقِدوا خلال الثورة، وقالوا إن 77 شخصاً على الأقل قد تم اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في أعمال قتالية بميدان التحرير، بحسب ملاحظات من الاجتماع نُشِرت على موقع فايسبوك.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن رئيس أركان الجيش المصري، سامي عنان، قد وافق على إطلاق سراح كل من تم اعتقالهم خلال الثورة، لكن جماعات تعمل في مجال حقوق الإنسان بدأت تتحدث عن أن هذا الأمر لم يُدرج في إطار جدول زمني محدد.

وقال أحمد راغب، المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك للقانون، إن الجيش لديه خبرة قليلة فيما يتعلق بالإدارة والمحافظة على الأمن بشكل مباشر بالنسبة للسكان المدنيين، وهو ما يجعله غير مُجهّز للقيام بمهام مثل إخطار الأسر بالاعتقالات أو الاحتجازات. وأضاف :quot; كما أنه غير مستعد لتشغيل نظام سجون أو مرافق أخرىquot;.