يعلن لزهاري لبتر، مؤسس حركة quot;بركاتquot; المعارضة في الجزائر، أنّ ساعة التغيير في بلاده دقت، معتبرا أنّ عهد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة قد انتهى. وفي هذا الحديث الخاص بـquot;إيلافquot;، يشير لبتر وهو كاتب وشاعر حداثي إلى أنّ ما يسميه quot;النظام الريعيquot; الذي لم يبرح مكانه منذ 50 سنة، آيل إلى الزوال، موقنا باقتراب لحظة محاسبة من ينعتهم (البارونات)، ويعتبر الشباب الذين وُلدوا في النصف الأول للتسعينات وتعرّضوا للخذلان على حد تعبيره، ذخيرة الثورات المقبلة.
bull;أعلنتم عن ميلاد حركة quot;بركاتquot; من أجل تحقيق مطلب التغيير في الجزائر، ما الجدوى من إطلاق هذا التنظيم، وما المبادئ والخطوات التي ستعتمدونها؟
- منذ سنوات وأنا أفكر في إطلاق حركة مواطنة ومشاركة سياسية كحركة quot;كفايةquot; في مصر، حيث نستغل الوسائل العصرية التي بحوزتها اليوم، مثل الشبكات الاجتماعية على الانترنت والبريد الإلكتروني، والرسائل القصيرة، وغيرها، وهذا من أجل إحداث تغيير سلمي في النظام القائم منذ 50 عاما، وتعويضه بنظام ديمقراطي عصري يكفل جميع الحريات لجميع المواطنين، نظام لا يكون فيه أحد فوق القانون.
لماذا نسميها quot;بركاتquot;، ولماذا استعمال الوسائل التنظيمية الحديثة على حساب الوسائل التقليدية؟ فكلمة quot;بركاتquot; ترجع بنا إلى الذاكرة الشعبية وإلى الفترة التاريخية القصيرة التي جاءت بعد الاستقلال مباشرة، والتظاهرات التي خرج من خلالها الشعب الجزائري ضد التطاحن بين الأجنحة وبين الولايات التاريخية وقادة الثورة التحريرية على الحكم، حيث كان شعار هذه التظاهرات quot;سبع سنين بركات!quot;، أي تكفينا سبع سنوات من الثورة على الاستعمار.
فالشباب الجزائري خذله النظام الحاكم مثلما خذلته التنظيمات الأخرى التقليدية من أحزاب وجمعيات، هؤلاء الشبان يشكلون 60 ٪ من المجتمع الجزائري الذي بلغ تعداده 36 مليون نسمة تقل أعمارهم عن الـ 20 سنة، بينهم 1.5 مليون يرتبطون بالشبكة الاجتماعية الفايسبوك، وهذا دون الحديث عن 30 مليون مشترك في شبكات الهاتف النقال.
هؤلاء الشبان يستغلون اليوم الشبكات الاجتماعية للتعبير عن كرههم لديناصورات النظام المتحكمين في البلاد منذ الاستقلال، وبركات تنادي لتعبئة الجزائريين والجزائريات، خاصة الشباب منهم، من أجل تغيير سلمي يضع حدا لنظام جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)، التي احتكرت الجزائر باسم الشرعية الثورية التي عفا عليها الزمن، ورجالها يعتقدون أنّ الجزائر ملكيتهم الشخصية، يُسيّرونها بطريقة يسمّونها بتبجح quot;الأسرة الثوريةquot;، كما لو أنّ الثورة لم يحتضنها ويقوم بها الشعب بكل أطيافه.
bull;هل تعتقدون فعلا أن مسعاكم سينجح، وإلى أي مدى، في ظل ما يتردد عن انعزال النخب وفتور مواطنيكم، والفكاك العام؟
ـ بركات! لا تدعي أنها ستقود حركة التغيير بمفردها، وإنما تنخرط في ديناميكية التغيير التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 1988 ثم أُجهضت من طرف النظام، وبركات هي حركة تساهم في دفع التغيير في الجزائر إلى جانب قوى أخرى، سواء كانت هذه القوى منظمة أو غير منظمة.
كما أن بركات ليست حركة نخبوية، وإنما حركة مواطنة ديمقراطية واسعة، موجهة لكل المناضلين من أجل التغيير، ولكل الوطنيين، الشباب منهم وغير الشباب، نساء ورجالا أينما كانوا، سواء كانوا منتمين إلى أحزاب أو مستقلين، حتى أولئك المتواجدين في مؤسسات الدولة.
وأنا شخصيا أعتقد أن الظروف الموضوعية من أجل إحداث التغيير أصبحت متوفرة، مثلما في البلدان العربية والبلدان الإسلامية، ومثلما في بلدان إفريقيا وأميركا اللاتينية.. وها قد دقت ساعة تغيير العالم القديم بعالم حديث، في كل مكان، وعبر كل القارات وكل الشعوب، والجزائر لن تكون بمنأى عن حركة التغيير، حتى وإن ردد مقاولو النظام لطمأنة أنفسهم، أنّ الجزائر ليست تونس ولا مصر، في الوقت الذي وصل اللهيب إلى أبوابهم ونوافذهم.
bull;ما هي خطط حركة بركات لاستيعاب الشارع، وهل تعتزمون النسج على منوال تجربتي تونس ومصر، لاسيما مع مناداة الشباب على الفايسبوك بالثورة على الأوضاع في غضون الأشهر القادمة؟
-نادت حركة بركات منذ إطلاقها، الشباب وكافة الشعب الجزائري للانخراط بكل الأشكال المتاحة والممكنة في كل الأطر الموجودة والممكنة أيضا التي تناضل من أجل التغيير السلمي، وخاصة في الشبكات الاجتماعية أو الصحافة المستقلة، وبالتنسيق مع كل حركات المجتمع المدني الأخرى والنقابات والجمعيات، وكذا الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية.
bull;هذا السبت ستكون الجزائر على موعد مع مسيرة جديدة تنادي بتغيير نظام الحكم، هل من دور ستلعبونه ضمن هذا الحراك، وكيف ستتعاطون مع السلطات التي لا تزال متمسكة بفرض حالة الطوارئ ومنع التظاهر، وعدم الترخيص لأي تشكيلات سياسية منذ سنة 1999.
-أعلنت رسميا انضمام بركات إلى التنسيقية، ووجهت نداء إلى كل المتعاطفين مع الحركة من أجل الانضمام إلى المسيرة، وقررت التنسيقية بعد نجاح مسيرة السبت الماضي، القيام بمسيرة أخرى هذا السبت، وسنكون ضمن المشاركين في هذه المسيرة.
الأمور تتغير بسرعة في الجزائر، والنظام أعلن عن رفع حالة الطوارئ في الأيام المقبلة، وهذا طبعا تحت الضغط الشعبي. أما مسألة التصريح أو عدم التصريح للقيام بمسيرة فقد سقطت أمام ارتفاع أصوات الشعب الجزائري التي تطالب بحرية التظاهر وتنظيم المسيرات وحرية القيام بالإضراب، التي ما زالت تمنعها كمشة من الحكام التي لا تفكر إلا في كيفية النجاة بجلدها وكيفية حماية مزاياها وثرواتها التي جمعتها بطرق غير شرعية، وهذا النظام لا يحب الجزائر، وهذا أمر مفروغ منه، لكن ما يهمنا اليوم هو أنّ الجزائر تريد أن يرحل هذا النظام.
bull;يقول عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لحزب الغالبية quot;جبهة التحريرquot;، إنّ أحداث الخامس منيناير الماضي كانت محض quot;تآمرquot; على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والنية في ترشيحه لولاية رابعة سنة 2014، ما موقفكم تجاه هذا التحليل، وما تداعياته الاجتماعية والسياسية في نظركم؟
-من هو عبد العزيز بلخادم؟ لا يوجد أي جزائري يهتم بما يقوله هذا الرجل الذي يفتقر إلى أية كاريزماتية، وليس له أي ماض لا سياسي ولا ثوري، مثلما ليس له أي مستقبل.
أما بالنسبة إلى مسألة العهدة الرابعة فهذه تجاوزها الزمن ولم تعد قضية العهدة الرابعة في مثل هذه الظروف ممكنة لا لبوتفليقة ولا لأي شخص آخر من عائلته، عهد بوتفليقة انتهى، ولم يبق أمامنا إلا الصلاة على النظام الذي جعل من الجزائر مرادفا للمعاناة والفقر.
bull;هل هناك أزمة جزائرية مفتعلة، أم سوء تسيير لأزمة مزمنة منذ الذي حدث في مؤتمر طرابلس الذي سبق استقلال الجزائر؟
-تحدثت في مستهل هذا الحوار عن الحرب بين قادة ولايات الثورة سنة 1962، من أجل الاستحواذ على الحكم، وكل المؤرخين يرجعون جذور الأزمة بين صفوف الثورة إلى مؤتمر الصومام 1956، الذي شهد خيانة المبادئ الأساسية، منها مبدأ أولوية السياسي على العسكري، وأولوية الداخل على الخارج، وكذا الأهداف التي سطرها هذا المؤتمر. وزادت هذه الأزمة اتساعا وتسارعا سنة 1957 عندما تحدث الجنرال ديغول في خطابه، في أيلول/ سبتمبر من السنة نفسها، على مبدأ تقرير المصير، هذا الخطاب فتح الطريق أمام قادة الثورة للتسابق على الزعامة والحكم، وفي مؤتمر طرابلس (27 آيار/مايو ndash; 4 حزيران/يونيو 1962) حُدد مصير بيان أول نوفمبر وأرضية مؤتمر الصومام، حيث استحوذ الجيش على الحكم ولم يتخل عنه إلى اليوم.
الذين ولدوا في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي صاروا شبانا في 2011، ويعدون بمثابة الجيل الذي رأى النور مع اشتداد الأزمة، ما هي رسالتكم إلى هؤلاء الشبان الحديثي السن، وهل من خطط لتأطيرهم والتكفل بهم؟
-الذين ولدوا ما بين 1990 و1995 أعمارهم اليوم تتراوح بين 15 و20 سنة، وهم اليوم مراهقون، لم يعرفوا سوء حالة الطوارئ والإرهاب والعنف، وهؤلاء هم من خرجوا في يناير الماضي معلنين عن تذمرهم من ظروف العيش السيئة، ومن غياب الحريات، والمساس بكرامتهم، وطالبوا بحياة أفضل، لكن في المقابل وصفتهم السلطات، وخاصة وزير الداخلية، بـquot;الهمجيين والبلطجيةquot;، هؤلاء الشبان هم ذخيرة الثورات المقبلة، وهم أيضا مستقبل هذه البلاد بموجب تعدادهم، مقابل طبقة سياسية تعاني الشيخوخة لا تبالي بمطالبهم، صمّاء أمام صراخهم.
كيف تقاربون نمطية تفكير النخبة الحاكمة في الجزائر، وسرّ إحجامها عن جلب الاستثمارات إلى البلد، وبقاء المليارات مكدّسة في الخزانة العامة؟
-يرتكز النظام الحاكم، الذي لم يبرح مكانه منذ 50 سنة، على رجال يبلغ متوسط أعمارهم 80 سنة، هؤلاء الرجال يعانون جمودًا في الأفكار وليس لهم أية سياسة اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو حتى رياضية، يسيرون قضايا البلد كيفما تسير في غموض وفوضى.
وحتى إذا حاول النظام الاستعانة بخبراء لتزويده بتقارير مهمة، تبقى هذه التقارير حبيسة أدراج المكاتب، وهذا ما حدث مع تقارير إصلاح الدولة، إصلاح المنظومة التربوية، القضاء التي لم تجد طريقها إلى التطبيق.
هذا النظام الريعي ليس له من اهتمام سوى تسيير الريع وازدهار أعمال باروناته في الجزائر وفي الخارج، أما بالنسبة للشعب فيقابل مطالبه بالاحتقار، لكن يوم الحساب اقترب وسيحاسب هؤلاء البارونات على ما نهبوه من ثروات البلاد وعلى ما هربوه من المال العام لفائدتهم ولفائدة أبنائهم.
التعليقات