تسعى حركة 20 فبراير المغربية اليوم الأحد إلى تنظيم مظاهرات في مدن مختلفة في المملكة، إلا أنّ خلافا حادا بين مسؤوليها برز على السطح خلال الساعات الأخيرة.


الرباط: تتوجه الأنظار اليوم إلى المغرب، جارة تونس، لمراقبة التظاهرات التي دعت إليها quot;حركة 20 فبراير من أجل التغييرquot;، التي أعلنت سلسلة مطالب تدعو لتحقيقها وأبرزها مطالبة الملك محمد السادس بتسليم بعض سلطاته الى حكومة جديدة منتخبة وجعل النظام القضائي اكثر استقلالا.

ويتوقع انضمام آلاف المغاربة إلى احتجاجات في شتى انحاء البلاد اليوم، كما ستدعو التظاهرات التي تنظمها الحركة لإقالة حكومة الإئتلاف وحل البرلمان.

وأعادت الثورتان التونسية والمصرية مسألة الإصلاح الدستوري على جدول الأعمال بعد القمع الذي أعقب تفجيرات 2003 الانتحارية وسرعة ظهور حزب سياسي يترأسه مسؤول أمني سابق مقرب من الملك.

بلبلة بين المنظمين

أثيرت البلبلة في صفوف الحركة الداعية للتظاهرات إثر إعلان صدر عشية الاحتجاج عن رشيد عنتيد أحد زعماء هذه الحركة إنه انسحب منها بسبب خلاف مع الإسلاميين واليساريين حول دور الملكية.

فقد أعلن عنتيد عن إلغاء الدعوة التي وجهتها حركتهم للتظاهر اليوم الأحد، والتي quot;لقيت تجاوباً من قبل العديد من الشبابquot; وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية المغربية.

وبرر الناشط عنتيد قرار إلغاء مسيرات الأحد، لمحاولة بعض التيارات المحسوبة على الإسلاميين واليسار الراديكالي، بحسب تعبيره، الركوب على هذه المبادرة السلمية، موجها نداء إلى كل المغاربة بضرورة توخي الحيطة والحذر إزاء كل دعوات الفتنة عبر الامتناع عن المشاركة في هذه المسيرات بسبب توجه الجماعات الدينية واليسار الراديكال إلى استغلال الأحداث الدولية، لتوجيه المسيرات إلى ساحة للصراعات العقائدية والإيديولوجية.

واستخدم رشيد عنتيد مع صديقين موقع فايسبوك الشهر الماضي لإطلاق quot;حركة حرية وديمقراطية الآنquot;، وانضم آلاف معظمهم من الشبان المغاربة إلى الحركة التي استلهمت الانتفاضتين في تونس ومصر.

وتحت مظلة quot;حركة 20 فبراير من أجل التغييرquot; التي تتباهي بوجود 19 ألف مشترك في صفحتها على فايسبوك، كانت مجموعة عنتيد هي أول من يدعو إلى احتجاجات عامة اليوم الأحد للحث على إجراء إصلاحات دستورية.

لكن سعيد بن جبلي وهو متحدث باسم المنظمين قال ان من المتوقع ان ينضم آلاف الى الإحتجاجات في مدن رئيسية بينهما مراكش التي تعد أفضل وجهة سياحية في البلاد.

كما صدر بلاغ من الحركة يخوِّن عنتيد ويعلن المضي في الاحتجاج السلمي. وعبّرت الحركة في بيان صدر مساء السبت عن استنكارها بشدة لكل التصريحات والبيانات وquot;التصرفات الصبيانيةquot; التي أعلن عنها عنتيد، مشيرة إلى أن ما خرج به في بيانه الفردي quot;لا يعنينا ولا يمثلنا مطلقا ولا يمثل إرادة الشباب المغربيquot;.

وأوضح بيان الحركة أن اليوم الأحد quot;البداية الحقيقية لنضالنا ولا تراجع عنه، مهما كانت الإشاعات والتشويشاتquot;، مؤكدين أن عنتيد لا يمثل مجموعة quot;حرية ديمقراطية الآنquot; على موقع فايسبوك. وأعلن شباب الحركة أنهم يتعرضون للهجمات المتتالية، واصفين عنتيد بالخائن، مشيرين إلى ضغوط يقوم بها على آخرين للتراجع عن التظاهر والاحتجاج اليوم الأحد.

يذكر أن جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة التي يعتقد أنها أكبر قوة معارضة في المغرب، إضافة إلى أحزاب يسارية أعلنت أنها ستنضم إلى الاحتجاج.

كما اتخذ حزب الأصالة والمعاصرة المعارض قراره ليل الأحد بعدم الانخراط في المسيرات التي تمت الدعوة إلى تنظيمها اليوم الأحد، وذلك اعتبارا للتوظيف السياسي الذي تحاول بعض الأطراف الوقوف وراءه خدمة لأجندة غير واضحة ولا معلنة.

ودعت قيادة الحزب الجهات المنظمة للمسيرات إلى الاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والمعنوية اللازمة للتعاون مع السلطات، لكي تمر التظاهرات بما يضمن الأمن والسكينة والتعبير الحر عن الرأي.

يشار أن المغرب من الناحية الرسمية دولة ملكية دستورياً ذات برلمان منتخب. لكن الدستور يخول للملك حل الهيئة التشريعية وفرض حالة الطوارىء والقول الفصل في تعيينات الحكومة ومن بينها رئيس الوزراء.

ومنذ توليه العرش عام 1999 لم يخضع دور الملك محمد لمثل هذا التدقيق قط. وسيراقب ما تسفر عنه الاحتجاجات والشعارات التي ستطلق عن كثب لقياس شعبية الملك الذي يتجنب وسائل الاعلام المحلية والمؤتمرات الصحافية.

ويقول مسؤولون ان تعهد المغرب بالاصلاح لم يكن ملموسا قط كما هو الحال تحت قيادة الملك محمد.

وصورت السلطات الطلب بالإحتجاج على انه علامة صحية. وعملت الحكومة منذ تولي الملك العرش على الإصلاح بنجاح متأرجح وتراث سيء من انتهاكات حقوق الانسان والفقر المنتشر والامية التي خلفها حكم والده الملك الحسن الذي دام 38 عاما.

تأهب أمني

في المقابل حث وزير المالية صلاح الدين مزوار المواطنين على مقاطعة المسيرة محذرا من ان أي زلة ربما تكلف البلاد في غضون أسابيع قليلة ما حققته خلال السنوات العشر الاخيرة.

وأعلنت المغرب رفع حالة التأهب الأمنية في مختلف مدن البلاد تحسباً للاحتجاجات التي دعت إليها حركة 20 فبراير اليوم الأحد على مستوى الأقاليم والمناطق المختلفة.

وطالبت الشرطة في العاصمة الرباط المواطنين بعدم إيقاف سياراتهم في شوارع رئيسية تجنبا لضرر محتمل.

ونصبت الأجهزة الأمنية الحواجز عند مداخل المدن الكبرى، خاصة في العاصمة الرباط والعاصمة الإقتصادية الدار البيضاء، كما استعدت هذه الأجهزة لمتابعة الاحتجاجات التي يتوقع أن تشهدها شوارع المدن الكبرى.

وعقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى الحقيقة والإنصاف اجتماعاً مع الطيب الشرقاوي وزير الداخلية المغربي، أمس السبت، وجهت إثره نداء للقوات العمومية المغربية لإحترام الحق الكامل للمتظاهرين في التعبير الحر والسلمي عن مطالبهم، وحذرتا في هذا الاتجاه من القيام بأي استفزاز قد يترتب عنه ردود أفعال من المتظاهرين.

وأعلن بيان رسمي صادر عن الجمعيتين أن وزير الداخلية أكد أن الأجهزة التابعة لوزارته ستكون حريصة على أن تمر المسيرة في شروط جيدة، وذكر البيان أن تظاهرات 20 فبراير هي مبادرة بلورها شباب يطمحون لمغرب الحرية والكرامة وحقوق الإنسان والديمقراطية.

وطالبت المنظمتان الحقوقيتان المغربيتان السلطات المغربية بالإنصات إلى مطالب الشباب والعمل على الاستجابة لها، وعلى رأسها إقرار دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا، ومرتكزات دولة الحق والقانون، والاستجابة للمطالب المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب المغربي، خاصة وأن المغرب لا يزال يعرف إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ظل عدم التنفيذ الفعلي لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، حسب البيان.

مطالب المحتجين

كشفت حركة 20 فبراير من أجل التغيير عن مطالبها الأساسية المتمثلة في ضرورة إقرار دستور ديمقراطي يمثل الإرادة الحقيقية للشعب وحل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب، فضلا عن إقرار قضاء مستقل ومحاكمة المتورطين في الفساد واستغلال النفوذ ونهب خيرات الوطن ووضع حد للبطالة خاصة بين حاملي الشهادات العليا.

كما طالبت الحركة بالاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية والاهتمام بخصوصيات الهوية المغربية لغة ثقافة وتاريخا وإطلاق جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومحاكمة المسؤولين

وأعلنت أن مطالبها تأتي نتيجة تراكم المعضلات الاجتماعية العائد بالأساس إلى الاختيارات السياسية وبنية النظام السياسي المغربي المناهض لمصالح أبناء الشعب في ظل، معلنة أن quot;ما يعيشه الشعب المغربي اليوم من احتقان اجتماعي والإحساس بالإهانة والدونية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تجميد الأجور والارتفاع الصاروخي للأسعار، والحرمان من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية الأساسية (الصحة، التعليم، الشغل، السكن) كل هذا في ظل اقتصاد تبعي ينخره الفساد والغش والرشوة والتهرب الضريبي ومناخ حقوقي يتسم بالقمع الممنهج لحرية الرأي (الاعتقالات المتتالية، منع حق التظاهر، قمع حرية الصحافة).

دعوات للإصلاح

كما أعلنت نقابة الصحافيين المغاربة السبت عن ندائها لبدء الإصلاح بشكل مستعجل في المغرب، عبر تعديل القوانين المؤطرة للصحافة، وإحداث تغييرات عميقة في هياكل الإعلام العمومي في إشارة للإعلام المملوك للدولة، واحترام الحق في الاختلاف كما هو معروف في أخلاقيات المهنة وقواعدها، وتطوير قطاع الصحافة المكتوبة طبقا لمتطلبات الديمقراطية.

وأضافت النقابة أن من حق أعضائها، التعبير عن آرائهم السياسية، واتخاذ المواقف، التي يرونها ملائمة، حسب انتماءاتهم واختلاف مشاربهم، وتعبر في نفس الوقت، عن مساندتها لكل أشكال الاحتجاج السلمي من أجل تقديم مطالب ديمقراطية.