يشهد اليمن اليوم مظاهرات مليونية في عدد من محافظات البلاد أبرزها العاصمة صنعاء ومدينة تعز وكذلك مدينة عدن. وتتواصل المظاهرات ليومها الرابع عشر على التوالي رغم سقوط نحو 17 قتيلا ومئات الجرحى من المحتجين، كما يتوقع ان يرتفع عدد النواب الذين قدموا إستقالتهم من البرلمان.


جانب من التظاهرات التي يشهدها اليمن

صنعاء: تظاهر مئات آلاف اليمنيين الجمعة في عدة مدن وخصوصا صنعاء وتعز وعدن، احتجاجا على الرئيس علي عبد الله صالح تحت شعار quot;لا حوار الا باسقاط النظامquot;، فيما اصيب تسعة اشخاص في اشتباكات مع الشرطة. وقد قتل يمني برصاص الشرطة خلال التظاهرة مناهضة للنظام في عدن جنوب البلاد. وقالت المصادر في مستشفى الجمهورية ان quot;محمد احمد صالح (17 عاما) توفي لدى وصوله الى المستشفى بعدما اصيب برصاص الشرطة خلال تظاهرةquot;.

وquot;لا حوار لا حوار.. الرحيل هو الخيارquot;. شعار دوت أصداؤه على أفواه عشرات الآلاف من المعتصمين الذين تدفقوا طوال نهار الخميس استعدادا لجمعة حافلة أسماها معارضو النظام quot;جمعة الانطلاقquot; في العاصمة صنعاء.

وفي العاصمة ادى حوالى مئة الف شخص وفقا لارقام المنظمين صلاة الجمعة في quot;ساحة الحريةquot; امام جامعة صنعاء حيث ينفذ مئات المعارضين اعتصاما مفتوحا، وسط حضور نسائي كبير، بحسب ما افاد مراسل وكالة فرانس برس.

ورفع المشاركون في ما اطلقوا عليه quot;جمعة الانطلاقquot; شعارات مناوئة للسلطة ابرزها quot;لا حوار الا باسقاط النظامquot;، ورددوا هتافات ضد صالح بينها quot;ارحل، ارحلquot;، وquot;يشهد الله على علي عبد اللهquot;.

وحذر الشيخ عبد الله صعتر وهو يخطب بالحاضرين من اجراء حوار مع النظام، قائلا ان quot;لا حل للاوضاع الا بعد رحيل النظامquot;.

واعلنت عائلتا شخصين قتلا في صنعاء على ايدي مناصرين للنظام انهما لن تدفنا ابنيهما quot;حتى يسقط النظامquot;.

وفي المقابل، ادى الآلاف من مناصري حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الصلاة ايضا في ساحة وسط صنعاء، وادوا صلاة اخرى quot;على ارواح شهداء اليمنquot;.

وفي تعز احتشد مئات الآلاف في مدن المحافظة وغالبيتهم في quot;ساحة الحريةquot; وادوا صلاة الجمعة في العراء، وشيعوا رجلا قتل الاسبوع الماضي اثر انفجار قنبلة القيت على تظاهرة.

اما في عدن جنوب البلاد، فنزل الآلاف الى quot;ساحة الشهداءquot; في حي المنصورة لتشييع جثمان شخص قتل في المواجهات مع الشرطة، وتظاهروا مطالبين باسقاط النظام. وهتفوا quot;عهدا عهدا للشهداءquot;، وquot;الموت والعار للجبناءquot;.

وحاول متظاهرون السير من مكلا والمملح وصولا الى خور مكسر حيث ساحة العروبة الا ان الشرطة منعتهم مستخدمة الرصاص والغاز والمسيل للدموع ما ادى الى سقوط تسعة جرحى، بحسب شهود عيان ومصادر طبية.

ووقعت اشكالات في حضرموت بين المطالبين باسقاط النظام وانصار الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن، انما من دون ان يسجل وقوع اصابات. وكان المعارضون يحاولون منع انصار الحراك من رفع شعارات الانفصال.

وكانت القوى الامنية انتشرت على مسافة قصيرة من التظاهرات في صنعاء وتعز وعدن والمدن الاخرى، واخضعت المشاركين في التحركات الاحتجاجية للتفتيش.

ويسعى الرئيس اليمني في الايام الماضية الى استيعاب تحركات المطالبين باسقاط نظامه، فامر في وقت سابق بحماية المتظاهرين وبتخفيف القيود على الحركة الاحتجاجية، التي تكتسب زخما اضافيا مع انضمام مجموعات جديدة اليها.

وتعتبر موجة الاحتجاجات الحالية التي قتل فيها 15 شخصا منذ انطلاقها في 16 شباط/فبراير الاكبر في وجه نظام الرئيس صالح الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما.

ويتوقع أن تشهد هذه الجمعة أكبر مظاهرة منذ بدء الاحتجاجات قبل 13 يوما في اليمن.

ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأ فيه نزول أنصار أحزاب quot;اللقاء المشتركquot; المعارض إلى الميدان حيث توافد المئات إلى الساحة التي أطلق عليها ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء والشوارع المجاورة لها منذ صباح يوم الخميس.

وعلق المتظاهرون الشعارات المنادية برحيل نظام الرئيس علي عبدالله صالح منها quot;اعتصام اعتصام حتى يرحل النظامquot;، وquot;مطلبنا واضح إرحل ياصالحquot;.

كما علق المتظاهرون صور القتلى الذين سقطوا في المواجهات مع من يوصفون بـ البلاطجة.

وتتواصل الاعتصامات في مدينة تعز جنوب العاصمة صنعاء في ساحة الحرية منذ 13 يوما على التوالي في حين يتوقع أن يحتشد مئات الآلاف في المدينة والقرى المجاورة اليوم الجمعة في جمعة تم تسميتها منذ وقت مبكر بـ quot;جمعة التلاحمquot;.

عدن تئن تحت الجثث

أما في عدن جنوب البلاد فقد تعرضت المدينة لعنف أمني مرعب أودى بحياة 14 شخصا في حين قالت منظمة الحزب الاشتراكي اليمني إنهم 19 قتيلا.

هذا العدد من القتلى يأتي خلال أيام التظاهرات الـ 12 حيث لازالت جثث عدد من القتلى غير مدفونة بينما يرقد أكثر من 100 مصاب في المستشفيات.

وتواصلت الاعتصامات في مناطق متعددة، حيث شهدت ما تسمى quot;بساحة الشهداءquot; في منطقة المنصورة تجمعاً للآلاف، بينهم نساء، واعتلت الهتافات المنددة بنظام صالح، في حين يتوقع خروج الآلاف في مسيرات حاشدة تطالب بإسقاط النظام.

ومن المتوقع أن يتم تشييع جثث عدد من القتلى الذين قتلوا برصاص جنود الأمن في وقت سابق.

وخرجت يوم الخميس مسيرة نسائية انطلقت في المنصورة بعدن شاركت فيها مئات النساء مطالبات بإسقاط النظام.

وكان الحزب الحاكم قد أخرج الآلاف من المساندين له في منطقة عبس في محافظة حجة شمال العاصمة مساندين للرئيس صالح.

جملة إستقالات مربكة

وفي سياق تفاعلي بلغ عدد المستقيلين من عضوية الحزب الحاكم من البرلمانيين اثني عشر نائبا بينهم القيادي في الأمانة العامة للحزب محمد عبداللاه القاضي أحد أقارب الرئيس صالح.

ويتوقع أن تتواصل الاستقالات خلال اليوم حيث قال مصدر مطلع لـ إيلاف إن عدد من البرلمانيين ينوون تقديم استقالاتهم خلال تظاهرات الجمعة خصوصا في محافظة تعز.

وفي خطوة هي الأولى من نوعها قدم النائب فؤاد دحابة نقيب المعلمين اليمنيين والنائب عن حزب quot;التجمع اليمني للإصلاحquot; أكبر أحزاب المعارضة استقالته من عضوية البرلمان.

وكان حزب الإصلاح أعلن تأجيل عقد مؤتمره العام الذي كان مقررا انعقاده في السابع والعشرين من الشهر الجاري نظرا للظروف التي تمر بها البلاد ولم يسم موعدا آخر لعقد المؤتمر.

مبادرات ورفض

سياسيا، لازال الوضع على ما هو عليه حيث لازال الرئيس علي عبدالله صالح يكرر نداءاته بتشكيل وحدة وطنية لكن على ما يظهر إن انقطاع تام في التواصل بين الرئيس والمعارضة ما عدا التصريحات المتبادلة بين الجانبين.

ويأتي هذا الانسداد السياسي في حين أعلن وزير السياحة نبيل الفقيه -وهو وزير مقرب من نجل الرئيس علي عبدالله صالح- عن مبادرة تعد سابقة في هذا السياق.
ودعا الفقيه إلى quot;انتخابات رئاسية مبكرة مع نهاية هذا العام تتزامن والانتخابات البرلمانية وعدم ترشيح الرئيس نفسهquot;، إضافة إلى جملة من الإصلاحات التي اقترحها الوزير بهدف إصلاح الأوضاع بشكل عام.

وحول ما يدور حاليا تحدث النائب البارز في حزب الإصلاح المعارض علي عشال لـ إيلاف معتبرا أن quot;المشترك قرر أن يكون جزءا من الحركة الشعبية الميدانية وهذه تعتبر خطوة متقدمة، ولو أنها متأخرة بعض الشيء وذلك لأن الحوار لم يعد مجديا الآنquot;.

ودعا عشال لـ quot;إبعاد الشارع عن وصاية الأحزاب والقوى السياسية حتى ولو كانت تعتبر نفسها من مكونات الشارعquot;.

وأضاف: quot;النظام يريد أن يصور اليوم أن الشارع يتحرك مع حركة أحزاب اللقاء المشترك، وأنه يصيبه السكون إذا سكن المشترك، وهذا الكلام غير صحيح وغير واقعي، الأحزاب لا ترمي فعلا بزخمها بفعل كبير ولكنها تعلن عن دعمها لهذه الحركة الشعبية السلمية المطلبية، حتى وأن كان سقف المطالب لديها سقف مرتفعquot;.

كما رأى أن ماهو قائم حاليا quot;سيطرة كلية على مفاصل الدولة من قبل الأهل والأقارب.. كافة المناصب التي تصنع القرار بيد فرد وشلة من الأقارب وهذا لا يوحي بأن الانتقال السلمي في السلطة سيحصل في نهاية 2013quot;.

وقال إن quot;مصداقية النظام انتهت مع كل هذا التناقض، وهذا ما يجعل الخيار أمام المعارضة هو خيار الشارع كبديل حقيقي، على اعتبار أن المعارضة تريد الحوار على إطار التغيير وليس غير التغيير، والتغيير لن يحصل بهذه الصورةquot;.