رغم محاولات تنظيم القاعدة استخدام الدعاية لكي يُنسب إليه الفضل في ثوارت مصر وتونس وليبيا وما رافقها من تظاهرات، إلا أنّ دعايته بدت خافتة، ولم تجلب إليها الانتباه، وهو ما اعتبره المراقبون إخفاقًا جديدًا لهذا التنظيم المتشدّد.


القاهرة: تهيمن الآن حالة من الإحباط على تنظيم القاعدة نتيجة عدم قيام الجهاديين بأي دور على الإطلاق في الثورات الكبرى التي شهدها العالم العربي أخيراً، وكانت سبباً وراء مغادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من البلاد، والإطاحة بنظام الرئيس المصري حسني مبارك، ووقوف الزعيم الليبي معمّر القذافي على حافة الهاوية.

وقالت اليوم مجلة quot;دير شبيغلquot; الألمانية في هذا السياق إن التنظيم حاول مراراً وتكراراً أن يستخدم الدعاية لكي يُنسَب إليه الفضل في تلك التظاهرات، لكن أحداً لم يستمع إليهم.

وأوضحت أن إحدى الآثار الجانبية لتلك الثورة العربية هي أن فقاعة الجهاد قد انفجرت، على الأقل حتى الآن. وأن الثورات التي شهدتها تونس ومصر وليبيا قد أظهرت بشكل لافت ضعف الصوت الذي ينبغي أن يظهر به الجهاديون في المجتمعات العربية، على عكس الدعاية التي ظلوا ينشرونها على مدى عقود من الزمن.

وأعقبت المجلة بقولها إن هدف التنظيم الأساسي، وهو الإطاحة بالأنظمة العلمانية في العالم العربي، قد تحقق على يد آخرين، بما في ذلك جماعات من المعروف عنها عدائها للقاعدة وحلفائها: علمانيون وطلاب ذو توجه غربي ونساء ناشطات سياسياً وأناس يدعمون الديمقراطية والإسلاميين المعتدلين.

ولم تكن القاعدة تلك الجهة التي أثبتت أنها طليعة تلك الثورات، وإنما شباب العالم العربي العلماني المولع بالإنترنت.

لكن نظراً إلى رفض الأشخاص الذين يعيشون في فلك زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ومعاونيه قبول تلك الحقيقة، فإن جهوداً تجرى الآن بالفعل على قدم وساق لإعادة تفسير الأحداث الأخيرة في العالم العربي. ففي البداية، بدا الأمر وكأن الشبكة الإرهابية لم تجد أي كلمات تُعلِّق من خلالها على نوبات الفوران الكبرى التي شهدتها المنطقة. لكن نسجها الآن للأحداث في الشرق الأوسط أصبح واضحاً بصورة تدريجية.

وقد قام أيمن الظواهري، الرجل الثاني في التنظيم وأحد الجهاديين المصريين الذين قضوا حياتهم في محاربة النظام هناك، بإصدار بيان حول الوضع في مصر يوم الـ 18 من الشهر الجاري.

كما قدَّم تهانيه إلى الثوريين، لكن الشيء الأول الذي شعر بأنه مجبر أن يقوله عن موطنه مصر هو أنها quot;علمانية وديمقراطيةquot;، وأن ذلك هو ما ينبغي أن يتغير.

وهو ما اعتبرته دير شبيغل أمراً لافتاً للنظر. ففي الوقت الذي خرج فيه مئات الآلاف من المصريين إلى الشوارع على وجه التحديد لأن النظام لم يكن ديمقراطياً إلا من الظاهر فقط، كان ذلك بالضبط هو الموضوع الذي أكد عليه الظواهري باعتباره سبباً للتمرد.

لذا، رأت المجلة أن الفجوة الواضحة هنا بين الثوار الحقيقيين والمتمنين تعتبر ضخمة ومحرجة، حتى بالنسبة إلى الإسلاميين المتشددين أحياناً، وخصوصاً عندما شكا الظواهري مما كان عليه الوضع سابقاً، واتهم مبارك بتزوير الانتخابات.

في غضون ذلك، تحدث أيضاً زعيم تنظيم القاعدة الليبي المولد، عطية الله، عن الانتفاضات التي شهدتها منطقة شمال إفريقيا أخيراً، وكذلك الأحداث التي تشهدها بلاده الآن.

في حين ختمت المجلة حديثها بالقول إنه من الأسهل محاربة الحكومات الديمقراطية عن محاربة الطغاة، وإن الفوضى دائماً ما كانت أرضاً خصبة للجهاديين.