فرضت المواقف الطريفة التي قام بها الرئيس الليبي معمّر القذافي صورة كاريكاتورية على شخصيته، إذ تجاوز بتصرفاته حدود المعقول، وكان من بينها غضبه من الغرب لاستخدامه البيض في صناعة الشامبو، وإصراره على استئجار فتيات حسناوات لسماع خطبته في روما، واعتدائه بالضرب على صحافيين في القاهرة.


مصادر غربية: القذافي بدأ يشعر بضغط العقوبات

تل أبيب: ما إن اندلعت الاحتجاجات في الشوارع الليبية، حتّى تحوّل معمّر القذافي إلى شخصية كاريكاتورية، عجّت بها كل وسائل الإعلام، وكان لآلة الإعلام العبرية نصيب موفور في التعرّض لشخصية العقيد.

وفي محاولة لرصد طرائف القذافي، نشرت صحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot; تحقيقاً أبرزت فيه مواقف غريبة من حياة الزعيم الليبي، بدأت تلك المواقف من القاهرة، وتحديداً من فندق السلام، حيث مقر إقامة الوفد الليبي لدى انعقاد إحدى القمم العربية في عام 1997.

عن تلك الواقعة تقول الصحافية الإسرائيلية quot;سيمدار بريquot; quot;توجه وفد من الصحافيين والإعلاميين الإسرائيليين إلى القاهرة لتغطية فعاليات القمّة، وفي فندق السلام خرج القذافي على الحضور، ليقف بصورة نرجسية أمام الصحافيين، وبالطبع أمام الكاميرات في بهو الفندق، فاقتربت منه أنا وquot;أهارون برناعquot; من التليفزيون الإسرائيلي لطرح الأسئلة، غير أن القذافي الذي علم بهويتنا quot;غمز بعينيهquot; ولوّح بيديه إلى طاقم حراسته غير التقليدي، وكان يتألف من فتيات أفريقيات، وفي أقل من لمح البصر التفّت تلك الفتيات حولنا، ونظرن إليه فأشار إليهن بيده مرة أخرى، فقمن بضربنا بهراوات صغيرة في أيديهن، ثم التفت إليهن مرة ثالثة فتوقفن عن الضربquot;.

الغريب أن القذافي بحسب الصحافية الإسرائيلية خرج من بهو الفندق مزهوًا بنفسه، ووضع نظارته الإيطالية على عينيه، ولملم ذيل جلبابه، وركب سيارته المرسيدس البيضاء، ليتوجه إلى مقر القمة من دون أن يجيب عن أي من أسئلة طرحها الصحافيون.

العمالة المصرية

لم تبد سيمدار بري الصحافية الإسرائيلية المتخصصة في الشؤون العربية، التي سبق وأجرت أكثر من حوار مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك اندهاشاً من موقف القذافي، إذ إنها تعلم أنه من أكثر المعارضين لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.

وكشفت الصحافية عينها أن القذافي طالما هدّد الرئيس مبارك بطرد العمالة المصرية من ليبيا، أو احتجازهم، فيما وصفه بمعسكر عمل بعيد عن طرابلس، كلما تقاربت العلاقات المصرية الإسرائيلية، والأكثر من ذلك أنه عرض على الرئيس الراحل أنور السادات مئات الملايين من الدولارات مقابل تجميد اتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب.

ربما لم تقتصر علاقة القذافي المثيرة بالصحافيين على واقعة الصحافيين الإسرائيليين بفندق السلام، وإنما طالت هذه العلاقة موقفاً آخر، كان هذه المرة مع الصحافي quot;موريتشيو مولنريquot; مراسل صحيفة quot;لاستمباquot; الإيطالية، الذي أجرى مع القذافي ثلاثة لقاءات، أحدهم كان في ليبيا.

عن هذا اللقاء يقول بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إنه وصل إلى العاصمة الليبية طرابلس، وأقام في أحد الفنادق في المدينة لمدة سبعة أيام، لم يُسمح له خلالها بمغادرة الفندق، وفي اليوم السابع فوجئ بمن يوقظه من النوم في ساعة متأخرة من الليل، ويقوده إلى طائرة خاصة ليستقلها، وتهبط به بعد ربع ساعة تقريباً في قلب الصحراء، وفي الوقت الذي فقد فيه الصحافي الإيطالي تحديد المكان الذي يوجد فيه، ساقه شخصان إلى خيمة فارهة، وفوجئ الصحافي عند دخولها بوجود القذافي.

بيض الدجاج

عبارات ترحيب الرئيس الليبي بالصحافي الإيطالي اقتصرت على كلمة quot;مرحباًquot;، بعدها أمره بعدم توجيه أي سؤال، وأن يقتصر دوره فقط على تدوين ما يقوله العقيد، وفي ظل هذه الظروف المريبة، استجاب مولنري للأوامر، وبدأ القذافي في الإسهاب والاسترسال حتى وصل في حديثه إلى الدول الغربية، وهنا فوجئ الصحافي الإيطالي بانتقادات شديدة وجّهها الرئيس الليبي إلى الدول الغربية، وصبّ جام غضبه عليها، ووصفها بعدم احترام quot;نعمة الخالقquot;، مشيراً إلى quot;أن الدول الغربية تحصل على بيض الدجاج لتصنع منه شامبو للشعرquot;، الأمر الذي اعتبره القذافي جريمة بشعة.

واستكمالاً لمسلسل طرائف الرئيس الليبي، ذكرت الصحيفة العبرية أنه خلال إحدى الزيارات التي قام بها إلى العاصمة الإيطالية روما، أصرّ على استئجار عدد كبير من الفتيات الإيطاليات الجميلات، ودفع في سبيل ذلك مبالغ مادية ضخمة، ليستمعن إلى الخطاب الذي يتلوه أمام مضيفيه.

الأكثر غرابة أنه كان أكثر إصراراً على منح كل فتاة مستأجرة نسخة من القرآن الكريم، الأمر الذي أثار دهشة الحضور، وعلى حين غفلة منهم أومأ القذافي إلى طاقم الحارسات الأفريقيات المرافق له، لتقوم كل منهن بتوزيع نسخة من المصحف الشريف على الفتيات الإيطاليات.

سلطان النوم

في عام 2009، داهم القذافي الجمعية العامة للأمم المتحدة بخطاب طويل، كان سبباً في هيمنة سلطان النعاس على كل وفود الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث استمر في كلمته المتواصلة مدة ساعة ونصف ساعة، ولم يستجب إلى إيعازات القائمين على المنظمة الدولية بالاكتفاء بهذا القدر.

وبعد يوم من الاجتماع ذكرت وسائل إعلام أميركية أن المترجم الذي كان ينقل كلام القذافي إلى الحضور باللغة الانجليزية، أُصيب بحالة من الهلع وسط خطاب القذافي، وقال إنه لا يستطيع استكمال الترجمة، وسقط مغشياً عليه.

والد الزعيم الليبي الشيخ أبومنيار القذافي كان أكثر الناس دهشة من مواقف نجله المثيرة بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، ففي الأول من سبتمبر/أيلول عام 1969، فوجئ بصوت جهوري يهزّ الراديو، ويقطع صلاة الفجر على الجماهير الليبية، ليعلن أنه quot;تلبية لإرادة الشعب الليبي، انقلب الجيش على النظام الملكي الحاكمquot;، بعدها علم أبومنيار أن صاحب الصوت هو ابنه الصغير، الذي أجبر ملك ليبيا إدريس الأول على ترك الحكم، والهروب إلى مصر.