هل يتخلى أوباما عن نتانياهو كما فعل مع مبارك؟

تباينت رؤى خبراء واشنطن وتل أبيب حول احتمالات تخلي إدارة اوباما عن إسرائيل، كما تخلت عن دعم حليفها الأقوى في المنطقة حسني مبارك وتركته لمواجهة مصيره، وفي حين لم يستبعد رئيس الموساد السابق شيفتي شافيت تكرار السيناريو المصري مع بلاده، رهن خبراء الدولة العبرية حدوثه بمؤشرات خاصة.

صورة قيل انها التقطت لاوباما يضع قدميه اعلى مكتبه اثناء حديثه هاتفيا مع نتانياهو

لم يستبعد رئيس الموساد الإسرائيلي السابق quot;شيفتي شافيتquot; احتمالات تخلي الادارة الاميركية الحالية بقيادة باراك اوباما عن إسرائيل، كما حدث وتخلت عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك، فالإدارة الأميركية كانت تعتبر النظام المصري المخلوع حليفاً استراتيجياً مهماً في منطقة الشرق الاوسط، ربما لا يقل أهمية عن إسرائيل، غير أن قواعد اللعبة بحسب حديث شافيت لملحق صحيفة معاريف الاسبوعي تغيرت، وربما يعود ذلك الى سياسة اعادة ترتيب الاوراق، التي تنتهجها الولايات المتحدة لإعادة صياغة سياستها الخارجية الفينة تلو الاخرى، بما يتماشى مع مصالحها.

استراتيجية البدائل

وفي حديثه المطول مع الصحيفة العبرية يقول شافيت: quot;إن الاتجاه الذي تتبعه الولايات المتحدة، قد يحمل مؤشرات غير جيدة، ويؤثر بشكل سلبي على علاقة واشنطن بتل ابيب، فإدارة اوباما تميل الى إعادة الولايات المتحدة لاستراتيجية البدائل، سيما أن بزوغ القوة الصينية قد يُجبر الولايات المتحدة على تبني خيار تجميع قوتها الداخلية، وغض الطرف عن حلفائها في الخارج، وربما ينعكس ذلك على العلاقات الاسرائيلية الاميركية بالسلب، ولن يدفع وقتها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الثمن وحده، وانما ستسدد إسرائيل بكل مؤسساتها الفاتورةquot;.

لم يكن رأي رئيس الموساد السابق مختلفاً في مضمونه العام عن رأي quot;يوسي شيينquot; رئيس شعبة الدبلوماسية في جامعة تل ابيب، واستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون بواشنطن، إذ يعتقد: quot;أنه في اعقاب حرب quot;الايام الستةquot; في حزيران/ يونيو عام 1967، أدارت فرنسا ظهرها لإسرائيل، وباتت الدولة العبرية عاجزة عن توفير بديل للسلاح الفرنسي، وذلك غير مستبعد في علاقة الولايات المتحدة باسرائيل في ظروف معينةquot;.

وأضاف شيين قائلاً: quot;إن الرئيس الاميركي ايزنهاور نفسه ndash; على سبيل المثال ndash; أكد أن اسرائيل ليست كنزاً للولايات المتحدة، كما ان الرئيس بوش الأب أعاد النظر خلال فترة معينة في قضية الضمانات، مما يعني أنه اذا لم تخدم إسرائيل المصالح الأميركية بشكل أفضل مما هو الحال عليه الآن، فسوف تغير واشنطن علاقتها مع الدولة العبرية، الأمر الذي ينطوي على خطورة كبيرة بالنسبة إلى الأخيرةquot;.

مصير بالغ التعقيد

في رد على سؤال حول نسبة خطورة تخلي الولايات المتحدة عن اسرائيل، رأى الاكاديمي الاسرائيلي في حديث مع صحيفة معاريف العبرية، أنه حال حدوث ذلك فلن تنهار إسرائيل بشكل فوري، وانما سينطوي الوضع الإسرائيلي الأمني والسياسي وربما الاقتصادي على أزمة كبيرة، واضاف: quot;اذا لم تمدنا الولايات المتحدة بصفقات الاسلحة، فسنواجه مصيراً بالغ التعقيد من زاوية قدرتنا على الدفاع عن انفسنا، إذ ان السلاح الاميركي انقذنا من السقوط خلال quot;حرب الغفرانquot; في السادس من تشرين الاول/اكتوبر عام 1973، واذا تراجعت واشنطن عن امدادنا بالمساعدات فسيزيد معدل البطالة، وسترتفع اسعار الوقود بشكل اكثر مما هى عليه الآن.

وأضاف كما سيتأثر امننا الشخصي والقومي، خاصة أن الدول العربية ستتفهم أننا اصبحنا بلا ظهر، يقينا ضرباتهم التي قد تكون موجعة، وستسقط الصواريخ على الدولة العبرية كما حدث خلال حرب الخليج الأولى، وسنعاني عزلة سياسية، سيما أن الولايات المتحدة تمنح وجودنا شرعية، فإذا فقدنا تلك الشرعية سنصبح دولة منعزلةquot;.

نظراً إلى ما تنطوي عليه تلك الاشكالية من اهمية بالغة لإسرائيل، توسعت الصحيفة العبرية في استفتاء أكبر عدد ممكن من الخبراء، وكان من بينهم الخبير quot;ابراهام بن تسبيquot;، صاحب كتاب quot;من ترومان حتى اوباما، صعود وبداية هبوط العلاقات الاميركية ndash; الإسرائيليةquot;، وهو الإصدار الذي رأى النور منذ أسابيع عدة، ويقول مؤلفه: quot;اننا لم نصل الى مستوى برودة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ورغم ذلك فإن هذا الفتور غير مستبعد، ففي الوقت الذي لن تواجه واشنطن الدولة العبرية بجفاء مباشر، من الممكن أن يمارس الأميركيون لعبة quot;الشد وارخاء الحبلquot; مع إسرائيل، ومن هذه السياسة على سبيل المثال تعبئة جبهات ضد اسرائيل، والتنصل من الإلتزامات السياسية، فالإدارة الاميركية الحالية فتحت العديد من quot;الصناديق السوداءquot;، وكان من بينها الملف النووي الخاص باسرائيل، وهى القضية التي كانت في الماضي من التابوهات والخطوط الحمراء، التي يستحيل الاقتراب منها او اثارتهاquot;.

ضربة اميركية مميتة

في ما يتعلق باحتمالات وقف المساعدات الإميركية لإسرائيل، رأى بن تسبي أنه يستحيل منعكل المساعدات الاميركية لإسرائيل، سيما أن الكونغرس الاميركي مازال مصرّاً حتى الآن على دعمه وتأييده الدولة العبرية، وعلى حد قوله: quot;لن تتعرض إسرائيل لضربة مميتة من الولايات المتحدة، ولكن الضربة السياسية متوقعة ومن الغباء تجاهل احتمالاتهاquot;.

أما quot;الون فنكسquot; قنصل اسرائيل السابق بنيويورك، فيرى أنه من السهل جداً رصد فتور العلاقة بين الادارة الأميركية الحالية وحكومة بنيامين نتانياهو، وعلى حد قوله فإن مرحلة تردي العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل لا تزال بعيدة، وأضاف: quot;في الحقيقة لم توجه ادارة اوباما اصبع الاتهام ضد إسرائيل، ولكنه لن يكون هناك مانع من توجيه الاتهام لرئيس الوزراء نتانياهو، فلن يستطيع اوباما وادارته مواصلة الصبر على رئيس الحكومة الليكودية، خاصة أن رصيد الأخير في الولايات المتحدة اوشك على النفاد، فإذا واصل نتانياهو سياسته فلا يعني ذلك لدى اوباما انه قرر الانتحار سياسياً، وسيضطر البيت الابيض لاجباره على ترك منصبهquot;.

واستشهد القنصل الون فنكس على صحة تقديراته بسابقه لبوش الأب مع رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق quot;اسحاق شاميرquot;، ففي عام 1999 تعاملت الادارة الأميركية مع نتانياهو نفسه بصورة لا تختلف كثيراً، ادت إلى رفع أسهم ايهود باراك في الانتخابات، عندما امتنع البيت الابيض عن الرد على الاتصالات الآتية من إسرائيل، وتوقف عن عقد لقاءات بين رئيسي البلدين، الأمر الذي فهم منه الجمهور الاسرائيلي في نهاية المطاف وجود خلافات بين الولايات المتحدة ونتانياهو، وافضى ذلك إلى عدم فوزه في الانتخابات. على الرغم من ذلك بحسب فنكس، فإنه من غير المستبعد أن يعلن باراك اوباما عن تغيير محوري في موقف إدارته حيال تل ابيب.

ثقل اللوبي اليهودي

من جانبه يعتقد quot;ايتمار رابينوفيتشquot; سفير إسرائيل السابق لدى الولايات المتحدة، ان ثقل اللوبي اليهودي وتأثيره على الادارات الاميركية بدأ يتقلص خلال العقدين الماضيين، وبحسب حديثه لصحيفة معاريف العبرية قال رابينوفيتش: quot;لم يمنع هذا اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من توبيخ نتانياهو لمدة اربعين دقيقة على خلفية بناء المستوطنات في شرق القدس، كما لم يمنع تأثير اللوبي عينه الرئيس اوباما من التعامل بشكل غير لائق مع نتانياهو خلال زيارة الاخير لواشنطن، وعلى الرغم من أن الطرفين حاولا احتواء الأزمة، إذ احجم اوباما عن انتقاد نتانياهو بشكل مباشر، غير انني اعي واستشعر مدى ما يجري داخل اروقة البيت الابيض، وما ينطوي عليها من مواقف غاضبة حيال نتانياهوquot;.

في الوقت عينه اعرب quot;أوري سابيرquot; مدير عام الخارجية الاسرائيلية السابق في حديثه لمعاريف، أنه ينبغي على إسرائيل توخي الحذر، بعد وقوف الإدارة الأميركية في وضع المتفرج على نظام مبارك وهو ينهار، واضاف: quot;يجب أن يلتفت نتانياهو الى هذا الضوء الاحمر الذي اطلقته واشنطن لدى جارة إسرائيل الجنوبية، فالولايات المتحدة لا تكترث في المقام الاول سوى بمصالحها الشخصية، بعدها يمكنها النظر في مصالح الآخرينquot;.

على الرغم من تلك المعطيات يرى quot;ستيوارت ايزينشتتquot; نائب وزير الخزانة في ادارة كلينتون، أنه رغم الموقف الاميركي من مبارك، فلن تعطي الولايات المتحدة ظهرها لإسرائيل، واضاف في سياق تحقيق صحيفة معاريف المطول: quot;جميع رؤساء الولايات المتحدة عارضوا وسيعارضون بناء المستوطنات، غير أن ذلك لا يعني المساس بالمساعدات والتعاون الاستراتيجي المشترك بين واشنطن وتل ابيبquot;.