مع إقتراب موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقرر يوم السبت المقبل، تصاعد الجدل في الأوساط السياسية والشارع المصري حول التعديلات المقترحة، والتي لم يوافق عليها حتى الآن سوى الإخوان والحزب الوطني.
القاهرة: يومًا بعد يوم يزداد الجدل في الأوساط السياسية والقانونية حول التعديلات الدستورية التي يراهن الجميع على أن الغالبية الصامتة هي التي ستحسم نتائجها، لا سيما أن عمليات التصويت ستتم بالرقم القومي، وليس بالبطاقات الإنتخابية، كما كان معتاداً سابقاً، الأمر الذي يصعب معه التنبىء بالنتيجة، خصوصاً أن الاستفتاء الذي يعد الأول بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك يعتبر من وجهة نظر العديدين، أول استفتاء حقيقي تشهده مصر منذ نحو 60 سنة، إذ لا توجد مصلحة لأحد في تزوير إرادة المواطنين مع الإشراف القضائي الكامل على عملية الاستفتاء وقصر دور وزارة الداخلية على تأمين سير الاستفتاء من دون التدخل فيها.
التعديلات التي شملت 9 مواد من الدستور المصري تعد أفضل تعديلات أدخلت عليه منذ وضعه، إلا أن هذا لم يعد كافياً من وجهة نظر الكثيرين، الذين يرون في استمرار الدستور استمرارًا لشرعية دستور سقط مع قيام الثورة وسقوط نظام مبارك.
منتقدو التعديلات يرون أن الدستور المصري أصبح بالياً وغير صالح للعمل به ولو للفترة المؤقتة التي من المقرر أن تنتهي في آب/ أغسطس المقبل، وفقًا لرؤية المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي اعتمد خطة زمنية مدتها 6 شهور للانتقال السلمي للسلطة وتسليمها الي رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع.
وهم يؤكدون على ضرورة إصدار إعلان دستوري ينظم الفترة الانتقالية وتشكيل مجلس رئاسي خلال هذه الفترة يتكون من مدنيين، ويضم أحد القادة العسكريين، لأن إقرار التعديلات في الوقت الحالي يعني سيطرة نواب الحزب الوطني مجددا على السلطة، فضلاً عن منحها صلاحيات كبيرة للرئيس المقبل. ومن أبرز الشخصيات المصرية التي رفضت التعديلات محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، والنائب البرلماني السابق حمدين صباحي، وأيمن نور رئيس حزب الغد.
في المقابل، يرى مؤيدو التعديلات أنها ضرورة دستورية حتى لا تصبح البلاد في فراغ دستوري، وتستمر الفترة الانتقالية أكثر من الأشهر الستة المقررة، مما يؤكد بالنسبة إليهم ضرورة الموافقة على التعديلات والتصويت بنعم في الاستفتاء. وهم ويؤكدون أن التعديلات هي الأمثل في هذه الفترة الانتقالية.
يتزعم هذا التيار جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني، الذي كان يترأسه مبارك، حيث بدأت الجماعة في الترويج للتعديلات خلال الأيام الماضية، فطبعوا ووزعوا آلاف المنشورات التي تشرح التعديلات الدستورية، وتدعو إلى الموافقة عليها، لا سيما في أوساط الشباب في المناطق الشعبية.
وقال محمد البرادعي في تدوينات قصيرة له على موقع تويتر quot;بعيداً عن خلط الحقائق، نعم لتعديلات تساوي انتخابات فى ظل دستور سلطوي ومشوّه، وانتخاب لجنة لوضع دستور جديد من برلمان لا يمثل أطياف الشعب كافةquot;، مضيفًا، quot;في الأشهر الستة المقررة يمكن إعداد دستور ديمقراطي جديد، الاستقرار هو فى وضوح الرؤية، لماذا العجلة على حساب الديمقراطيةquot;، مستطردًا quot;لجنة لوضع دستور جديد، إما بالانتخاب او بتعيين شخصيات لها مصداقية ممثلة لطوائف الشعب واتجاهاته كافة، كما تم فى العديد من الدول، لن نخترع العجلةquot;.
بدوره يقول جمال جبريل رئيس قسم القانون الدستوري في كلية الحقوق جامعة حلوان في تصريح لـquot;إيلافquot; quot;ان رفض التعديلات الدستورية في الاستفتاء هو الحل لكي يتم منح مزيد من الوقت أمام الأحزاب السياسية الناشئة للدفع بوجوه جديدة تكون قادرة على المنافسة ليس على الانتخابات الرئاسية فحسب، وإنما أيضًا على الانتخابات البرلمانية، بحيث يكون لها دور فعال في الحياة السياسيةquot;.
ويشير جبريل الى أن التساؤل الذي يجب على المواطن أن يجيب عنه قبل أن يدلي بصوته في الاستفتاء هو هل يريد وضع دستور جديد للبلاد الآن أم بعد؟ لأن التعديلات الدستورية المقترحة ألزمت رئيس الجمهورية المنتخب والبرلمان الجديد بضرورة وضع دستور جديد للبلاد خلال عام.
من جهته قال سامي السيد أستاذ العلوم السياسية أن الاختلاف في الرأي حول التعديلات الدستورية يعتبر وضعاً طبيعياً لمجتمع يخطو أولى خطواته نحو الديمقراطية، مشيرا إلى أن الرهان على الغالبية الصامتة في الشارع المصري هولحسم نتيجة الاستفتاء.
وتوقع أن يكون هناك مشاركة كبيرة من قبل المواطنين قد تصل الى 80% من إجمالي من لهم حق المشاركة في التصويت، والبالغ عددهم نحو 45 مليون، موضحًا أن الرغبة الحقيقة في إصلاح البلاد ستكون الدافع وراء الإقبال على المشاركة في الاستفتاء. مشددا على أن هناك اهتمامًا كبيرًا في الشارع المصري بالإطلاع على التعديلات ومتابعة وجهتي النظر الرافضة والمؤيدة التعديلات الدستورية.
كما لفت السيد الى أنه بغض النظر عن التصويت بالموافقة أو بالرفض على التعديلات الدستورية ستكون نتيجة الاستفتاء محددة الكثير من الأوضاع السياسية خلال المرحلة المقبلة، خاصة في حالة الرفض، فإن الأقرب أن يقوم الجيش بإعلان دستوري وإسقاط الدستور بصورة كاملة، على أن تتم الانتخابات الرئاسية أولاً، ثم الانتخابات البرلمانية، وقد تمتد الفترة الانتقالية لمدة 3 شهور أخرى.
التعليقات